آن لرحلة المخيمات أن تنتهي .. مخيم الركبان شاهد على معاناة إنسانية قاسية

في قلب البادية السورية، حيث لا شيء سوى رمال تمتد إلى الأفق، ظل مخيم الركبان لسنوات شاهداً صامتاً على معاناة إنسانية قاسية.
اليوم، و بعد تحرير سوريا من النظام البائد ، تتجه أنظار الحكومة السورية نحو حل ملف النازحين، لتُطوى هذه الصفحة الأليمة من تاريخ السوريين.
في السابق مثّل المخيم نموذجاً للعجز الدولي والإقليمي في إيجاد حلول جذرية لأزمة النازحين. آلاف العائلات التي لجأت إلى هذه البقعة الصحراوية بحثاً عن الأمان، وجدت نفسها محاصرة بين جدران الخيام والحدود المغلقة. مع معاناة يومية تبدأ بنقص الغذاء والدواء، وتنتهي بصراع مرير ضد عواصف الشتاء وحر الصيف اللاهب.
و الأهم من الظروف الحياتية القاسية هو ذلك الشعور بالغربة والضياع الذي رافق النازحين طوال هذه السنوات، فشكلت الخيام رمزاً للانتظار الطويل واليأس المتجدد، فكل يوم يمر في المخيم هو يوم يُسرق من عمر الأطفال الذين يكبرون دون مدارس، ومن كبار السن الذين يتراجعون صحياً دون رعاية طبية كافية.
بعد التحرير تدرك الحكومة السورية جيداً أن استمرار هذه المخيمات يمثل تحدياً وجودياً لمشروع الاستقرار فالخيام الممتدة على الحدود تشكل بيئة خصبة لانتشار الفوضى، و الأهم من ذلك، أنها تذكير دائم بأن أزمة النزوح لم تحل بعد، وأن آلاف العائلات ما زالت تنتظر حلاً يضمن لها العودة بكرامة.
و رغم صعوبة حل هذا الأمر و تعقيداته ، فالعودة ليست مجرد نقل جسد من مكان إلى آخر، إنما عملية معقدة تحتاج لبناء ما دمره النظام البائد، فلا يكفي أن نزيل الخيام، بل يجب أن نضمن أن العائدين سيجدون سقفاً يحميهم، ومدرسة لأطفالهم، وعيادة لعلاج مرضاهم، و رغم ذلك فأن الأمل بات كبيرا جدا بعد تحرير البلد من النظام المجرم الذي كان السبب الرئيسي لوجود ملايين السوريين في مخيمات النزوح .
إغلاق مخيم الركبان لن يكون مجرد خبر عابر. إنه اختبار حقيقي لقدرة الجميع على تحويل صفحة المأساة إلى بداية جديدة للسوريين الذين يستحقون أكثر من مجرد إزالة الخيام، يستحقون أن تتحول عودتهم إلى ديارهم من حلم بعيد إلى حقيقة ملموسة.

المزيد...
آخر الأخبار