آفة خطيرة تفسد الأجيال وتهدد المجتمع وقدراته..المخدرات في ظل النظام البائد أصبحت تجارة رابحة للحفاظ على بقائه
اعتمدت الأمم المتحدة السادس والعشرين من حزيران من كل عام يوماً عالمياً لمكافحة المخدرات لحث الدول على تكثيف أنشطتها وبرامجها في مجال التوعية بأضرار هذه الآفة الخطيرة ومكافحة انتشارها في المجتمع, والقضاء عليها كونها تفسد الأجيال وتهدد المجتمع وقدراته لما تتركه من آثار مدمرة على بنيته أخلاقياً واجتماعياً وصحياً واقتصادياً وبشكل يفوق ما قد تخلفه الكثير من الكوارث والأوبئة.
وتعاطي المخدرات هو من الأفعال المذمومة والمكروهة التي تفسد الفرد والأسرة والمجتمع كما تعد من الخبائث والمحرمات كونها تذهب العقل وتعطل الفكر والإحساس,لذلك يجب بذل الجهود القصوى للقضاء على هذه الظاهرة ونشر التوعية الاجتماعية والصحية والدينية ودراسة الأسباب التي تؤدي إلى التعاطي,وتعزيز دور الأسرة في توعية الأبناء من خلال ترسيخ القيم الأخلاقية الصحيحة ومعرفة أصدقائهم والأماكن التي يرتادونها في أوقات الفراغ وملازمتهم في مسيرة حياتهم إضافة إلى الدور الذي تلعبه المدارس والمؤسسات الدينية والاجتماعية والإعلامية مع التركيز على التأهيل الاجتماعي والعلاج الصحي,لذلك يستلزم علاجها والقضاء عليها تعاون وتكاتف جميع فئات المجتمع ومؤسساته وأفراده حتى يسلم الوطن والمواطن من أضرارها وأخطارها لما لها من آثار مدمرة على الفرد و المجتمع.
وهذه الآفة الخطيرة تهدد فئة الشباب الذين تقع على عاتقهم مسؤولية بناء الوطن والارتقاء به ,فتهديد هذه الفئة بقيمها وأخلاقها ونتاجها يؤدي إلى تهاوي المجتمع بكل أركانه وهذا ما يوجب التحرك لمكافحة المخدرات للحفاظ على مجتمع سليم وامن.
ومن أهم أسباب الإدمان الجهل بمخاطر استعمال المخدر, وضعف الوازع الديني والتنشئة الاجتماعية غير السليمة و التفكك الأسري و الفقر المدقع والجهل والأمية الثراء الفاحش والتبذير بدون حساب وانشغال الوالدين عن الأبناء وعدم وجود الرقابة والتوجيه وعدم وجود الحوار بين أفراد العائلة ومصاحبة رفاق السوء والبطالة والفراغ.
يعتبر إدمان المخدرات آفة تصيب الفرد والمجتمع فبالإضافة إلى الأمراض والمشكلات التي تلحق بالمدمن فان البنيان الاجتماعي يتصدع وينهار حيث تتفكك الروابط الأسرية وتتدنى قدرة الإنسان على العمل فيقل الإنتاج , كما يتزايد عجز الشباب عن مواجهة الواقع وتتفاقم المشكلات
الاجتماعية وتتزايد عدد الحوادث والجرائم, وكثرة الخلافات الأسرية والطلاق وتشـرد الأبنـاء , ومن الآثار الاقتصادية ضعف الإنتاج في سوق العمل ونقص الناتج المحلي الإجمالي والبدائل الإنتاجية المتاحة للدولة وانتشار البطالة إما بسبب أمراض الإدمان أو المضاعفات الناجمة عنه أو بسبب إهمال المدمن لعمله وقد يترك العمل لساعات طويلة لتعاطي المخدر أو في البحث عنه إضافة إلى استنزاف مبالغ كبيرة وجهود من قبل الحكومة لمواجهة هذه الظاهرة, وإنفاق الأموال الطائلة من أجل الرعاية الصحية والاجتماعية للمدمن وبناء المصحات والمستشفيات التي تعالج الإدمان بالإضافة إلى تكاليف العلاج.
وما نود الإشارة إليه أن المخدرات في ظل النظام البائد أصبحت تجارة رابحة للحصول على المزيد من الأموال وتمويل حربه على الشعب السوري , واعتماده الكلي عليها للحفاظ على بقائه، حيث كانت تعود عليه بمليارات الدولارات سنوياً وتحولت سوريا في ظل النظام البائد إلى إمبراطورية مخدرات عالمية ,وبعد تحرير سوريا في الثامن من كانون الأول الماضي أعلنت الحكومة حربها على تجارة المخدرات التي ازدهرت أيام نظام الأسد.
ويمكن الوقاية من الإدمان عبر مكافحة إنتاج مواد المخدرات وإصدار قوانين رادعة لمن يروج تلك المواد والتنشئة الاجتماعية الصحيحة داخل الأسرة والتوعية بأضرار المخدرات إضافة إلى التدخل العلاجي المبكر بحيث يمكن الوقاية من التمادي في التعاطي والوصول إلى مرحلة الإدمان.
ويمكن للأهل والأسرة التعرف على المدمن من خلال التغير في السلوك اليومي المصحوب باللامبالاة والإكثار من الخروج من المنزل والفوضى والإهمال والانقطاع عن العمل وحصول نقص تدريجي في الشهية واختلاق الأعذار للحصول على المال باستمرار إضافة إلى ضعف القدرة على الإنتاج ونقص التقدير الزمني وعدم تنظيم الوقت والابتعاد عن الأصدقاء القدامى واستبدالهم برفاق السوء.
أن علاج الظاهرة يجب أن يكون من الجذور عبر معالجة المدمن بطريقة صحيحة بالتعاون مع الجهات المختصة ومعالجة أسباب إدمانه، سواء كانت نفسية أو اجتماعية أو مادية أو غيرها والمساهمة في إعادة تأهيل المدمن وإعادته إلى المجتمع مجددا ليكون فيه فردا فاعلا ومتمكنا