قطب النمو الاقتصادي في شين … يهمل لأكثر من 30 عاماً.. المنطقة الحرفية .. حل مثالي لتنظيم عمل الحرفيين و الصناعيين والحد من التلوث ..
تعتبر المناطق الحرفية من أهم السبل لتجميع الحرف و الصناعات من الصنف الثالث في مكان واحد لتسهيل تقديم الخدمات للمواطنين و تفعيل الدور الرقابي بشكل فعال و ضمان التزام أصحاب الحرف بالقوانين الناظمة للحفاظ على البيئة المحيطة وعدم القيام بمخالفات تزعج الجوار ..
يبدو بعد هذه المقدمة أن المناطق الحرفية هي من أهم الأقطاب الاقتصادية لتنمية الريف بشكل عام مع الحفاظ على البيئة المحيطة و تخديم المواطنين بالكثير من الخدمات لتخفيف الضغط عن المدينة .. وفي أغلب المخططات التنظيمية تم لحظ إقامة مناطق حرفية أو صناعية لتحقيق هذه الغاية ..
هذا على الورق أما على أرض الواقع فتقرير اليوم يسلط الضوء على المنطقة الحرفية في بلدة شين و التي تجاوز وجودها على الورق الثلاثين عاماً و استهلكت إجراءات الاستملاك أكثر من 14 عاماً .. و هذا بكفة .. أما أن يكون المخطط التفصيلي موضوعاً على الورق بدون لحظ ميول المنطقة الشديد و التسبب بإعادة الدراسة التفصيلية مرة أخرى فهذا أمر في كفة أخرى.
أضاعت هوية الشارع
(العروبة) و خلال جولتها في الأوتوستراد الرئيسي للبلدة وهو من المفترض أن يكون الوجه الحضاري للبلدة و إذ به تحول إلى منطقة صناعية بامتياز و تتجمع فيه السيارات على الجانبين مسببة عرقلة مرورية بالإضافة إلى ضياع الهوية الأصلية للأوتوستراد و لم تعد تميز فيما إذا كان شارعاً تخديمياً أم شارعاً في إحدى المناطق الصناعية..
السكان في الشارع عبروا للعروبة عن استيائهم الشديد من الضجيج الذي يسببه وجود عشرات محال تصليح السيارات و الازدحام الناجم عنها .
أبو مصعب و هو صاحب محل حلويات في الشارع المذكور أوضح أنه دفع ثمن المحل الآلاف المؤلفة على اعتبار أنه في الشارع الرئيسي و هو الطريق السياحي المخدم لمنطقة مشتى الحلو و ضهر القصير و لكن أغلب المحال المجاورة حرفية و معظمها لتصليح السيارات و النجارة و غيرها و هي التي تسببت بضياع الصفة السياحية أو الجمالية لهذا الشارع.
أما عبير وهي إحدى سكان الشارع أوضحت أنها تقوم بإجراءات البيع لمسكنها الواقع في الطابق الثالث في بناية سكنية تتوسط الشارع , و ذلك بسبب الضجيج و الازدحام و عدم مراعاة الجوار عدا عن المخلفات التي تنتج عن هذه الحرف و تساءلت عن طبيعة تنظيم هذا الشارع هل هو سكني أم أنه للصناعات و الحرف ؟؟
و أكدت أن الأسعار في المنطقة هي الأغلى كونها تحولت إلى منطقة صناعية بامتياز متسائلة عن الحل الممكن و عن السبب الذي جعل البلدية تغض الطرف عن قيام عشرات محال تصليح السيارات وغيرها من الحرف في مكان سكني و بهذه الكثافة؟؟
لحظت مع المخطط !
من جهة ثانية أشار المهندس بسام لويس رئيس دائرة التخطيط العمراني في مديرية الخدمات الفنية أن بلدة شين منظمة منذ عام 1978 و تمت دراسة توسع المخطط التنظيمي عام 1998 و تبلغ مساحة المخطط حالياً 408 هكتارات و هو حالياً كاف لعدد السكان المستقبلي , و أشار لويس إلى أنه ومنذ ذلك الوقت تم لحظ وجود منطقة حرفية على أطراف المخطط من الجهة الشرقية مساحتها 6,2 هكتار ..وتمت دراستها كدراسة تفصيلية و الموافقة عليها من الوزارة منذ عام 2004 ..
وأضاف: لم تقم البلدية بإجراءات التصديق حتى بداية هذا العام معللة السبب أنه يعود لإنهاء إجراءات استملاك الأراضي , و فوراً تم الإعلان عن المنطقة و تصديقها بتاريخ 25 شباط من العام الحالي..
و أشار إلى أن التأخير سببه يعود للبلدية والتأخر بإجراءات الاستملاك من قبل مجالس البلديات المتعاقبة في شين .. مؤكداً أنه كان بالإمكان القيام بعملية التصديق منذ تاريخ الدراسة و ليس بعد 15 عاماً ..
و أضاف لويس أن الإجراء الحالي بما أن المنطقة مستملكة هو القيام بدراسة البنى التحتية وفتح الشوارع حسب الدراسة الموضوعة , و تأمين المقاسم و فرزها , والبدء بالإعلان عن تخصيص مقاسم للحرفيين و الصناعيين ..
فائدة كبيرة .. ضائعة ؟!
وعن أهمية المنطقة الحرفية أشار لويس إلى أنها قطب نمو اقتصادي مهم للمنطقة و تخفف الضغط بشكل مباشر عن السكن داخل المخطط التنظيمي و خاصة أنه في شين تحديداً و بسبب الازدحام السكاني توجد العديد من الحرف منها حدادة و تصويج و كهرباء سيارات و معامل بلوك و بلاط متناثرة و عدة معامل أعلاف و مرامل و أوضح لويس أنها كلها مخالفة و يجب جمعها في المنطقة الحرفية و أوضح أن عملية ضبط العمل تصبح أسهل من قبل الوحدة الإدارية و جولات المراقبة تصبح ذات فعالية أكبر ..
كما أن جمع الحرف في مكان واحد يسهل ضبط الملوثات للحفاظ على البيئة حيث يتم عزل المنطقة بشريط أخضر عن المنطقة السكنية و غالباً توضع بالجهة الشرقية لضمان عدم تأثيرها على التجمع السكاني القريب منها ولسهولة إقامة محطة معالجة لاحقاً , و أشار إلى أن تنظيم الحرف بمكان واحد له دور في الحفاظ على الأراضي الزراعية و من الممكن القيام بتوسيعها لاحقاً إذا دعت الحاجة و بذلك تبقى الحرف بعيدة عن السكن و عن الأراضي الزراعية .
و أكد لويس أن وجود 300-400 مقسم في المنطقة الحرفية يوفر تخديم أهالي البلدة الذين يتجاوز عددهم العشرين ألف نسمة بدون حساب عدد الوافدين إليها جراء الحرب , كما أنها تؤمن أكثر من ألفي فرصة عمل على أقل تقدير , ناهيك عن الفائدة المادية الكبيرة التي تتحقق لمجلس البلدة من خلال الاستثمار في هذه المنطقة .. إذاً فالمنطقة مشروع استثماري بحاجة لعمل و متابعة و جهد …
130 منطقة حرفية.. وفق المخطط
يوجد 435 مخططاً تنظيمياً على مستوى المحافظة يوجد في 132 مخططاً منها مناطق حرفية ملحوظة على المخطط التنظيمي بمساحات مختلفة من هكتار إلى 20 هكتاراً..
تعتبر كلها نقاط تنموية للوحدات الإدارية ليكون لديها حافز استثماري معين ,و في حال نجاحها ممكن توسيعها , أو من الممكن تغييرها في حالة عدم تحقيق جدوى اقتصادية منها ..
وأشار إلى أن مديرية الخدمات و منذ العام الماضي وضعت خطة للقيام بالدراسات التفصيلية لكل المناطق الحرفية بدون انتظار طلب من البلديات , ويوجد حالياً 91 منطقة حرفية مدروسة تفصيلياً و جاهزة ومرسلة من قبل البلديات جزء منها بحاجة لإعلان و تصديق كما توجد على عدد منها بعض الاقتراحات والتعديلات لعرضها على اللجنة الإقليمية لتنفذ و تدرس ثم تنتقل إلى حيز التنفيذ في البلديات ..
تساؤلات
توجهت العروبة بالعديد من التساؤلات للمكتب الدارس بجامعة البعث ممثلاً برئيس فريق العمل الدكتور أيمن عبد المنعم الدالاتي و الذي أشار إلى أنه تم التعاقد مع بلدة شين لدراسة المنطقة الحرفية كاملة , و بدأ العمل من حوالي خمسة أشهر وهذه المدة قليلة لهذا النوع من الأعمال ,وبهدف الإنجاز بالسرعة المناسبة قمنا بالعديد من الخطوات, و المرحلة الأولى كانت أعمال المسح الطبوغرافي و هي منتهية و نحن بصدد إجراءات تنظيم المحاضر و استلامها أصولاً , كما تمت المباشرة ببعض أعمال المرحلة الثانية من العقد مثل الدراسة الهيدرولوجية للمنطقة والتي أصبحت جاهزة كما أن الدراسة الطرقية أصبحت جاهزة بنسبة 90%..
ميول كبيرة جداً
وأضاف : عندما بدأنا بأعمال الدراسة التفصيلية أجرينا تجارب طرقية على المنطقة و عندما بدأنا بالدراسة الأهم و هي الدراسة الطرقية واجهتنا مشكلة أن الأرض ذات ميول عال جداً تصل لحوالي 18% في المنطقة الجنوبية من المنطقة الحرفية و هذا الميل غير مقبول للمناطق الحرفية كون السيارات ذات حمولات ثقيلة في أغلب الأحوال, و نحن حالياً بصدد إجراءات التسليم للمرحلة الأولى و تسليم المرحلة الثانية الدراسة الهيدرولوجية و الدراسة الطرقية مع الكشوف التقديرية الأولية لنضع مجلس المدينة أمام المشكلة و التكاليف الكبيرة المترتبة على اختيار المنطقة بهذا الميول الكبير حيث يقدر أن تزيد الأعمال الترابية من حفر لتخفيف الميول و جدران استنادية و غيرها أكثر من مليار ليرة سورية ..
مقترح يوفر أكثـر من نصف مليار ليرة
و أضاف الدالاتي :على التوازي خلال هذه المرحلة قمنا ببداية المشروع بعملية تجهيز مشروع الإفراز وهو مهم للمنطقة الحرفية واستلمنا المخططات المصدقة من مجلس المدينة و حولناها إلى الصيغة الرقمية و دققت و تم اعتمادها و استخرجنا بيانات القيد و معظم المعاملات المتعلقة بالعقارات تبين أنها جميعها مستملكة لصالح بلدة شين و أعطينا أرقاماً للمقاسم لتكون جاهزة من الناحية التنظيمية فور اعتماد الدراسة الطرقية النهائية..
وأوضح الدالاتي أن الجهة الدارسة للمنطقة لم تأخذ بعين الاعتبار أثناء تصميم الكتل التنظيمية الوضع الطبوغرافي للأرض وكانت توجد إمكانية لإيجاد طريقة تخفف من الميول و بالتالي يمكن اعتمادها بالدراسة الطرقية , و أشار إلى أن الحد الأعظمي للميول المسموحة في المناطق الحرفية 10% تقريباً
ويوجد مقترحان حالياً أمام مجلس البلدة إما قبول الدراسة و الموافقة على حفر المنطقة لتخفيف الميول وهو أمر تترتب عليه نفقات مالية ضخمة جداً بالإضافة لوجود جدران استنادية من طرفي المنطقة من الجهتين الشرقية و الغربية .. أما المقترح الثاني و الأوفر و الأسلم وهو تغيير تنظيم المنطقة الحرفية ووصلت الدراسة إلى 90% مشيراً إلى أنه يتم بتغيير وضع الكتل التنظيمية و تنظيم الطرق بحركة التفافية حتى نصل إلى الميول المسموح بها , و ذلك بوجود دكتور مهندس اختصاص تخطيط عمراني بإعادة التوزيع ليكون الميول مناسب ,بالإضافة إلى دراسة تنفيذ طريق تخديمي خاص للمنطقة الحرفية لتلافي حدوث عرقلة للسير..
و أوضح أنه من المجدي أكثر الموافقة على تعديل التنظيم كونه يخفف الكثير من التكاليف خاصة و أنها تحمل على سعر المتر الذي سيشتريه المواطن لاحقاً ..
وأشار إلى أن كلفة المتر وفق الدراسة القديمة أكثر من عشرين ألف ل.س أما على الدراسة الجديدة تنخفض التكلفة بشكل كبير..
و أشار إلى أن كلفة الدراسة تبلغ 2,5 % من قيمة الكشف التقديري..
و أضاف الدالاتي بما أنه يتم التعديل حالياً لابد من الموافقة على تقليل مساحات المقاسم كونها كبيرة جداً و ليتمكن أكبر عدد من المواطنين الاستفادة من المنطقة خاصة و أن أغلب الحرف لا تحتاج إلى مساحة مقسم كبيرة .. كما يمكن التقليل من المساحات الخضراء في مكان محدد و التعويض عنه في مكان آخر و ضمن حدود الاستملاك الحالي ..
و أكد أن الفريق الدارس والمدقق يبذل قصارى جهده لإنجاح هذا المشروع بأقل تكلفة و بأسرع وقت ممكن ..
إهمال متعاقب لمجالس البلدية
كما توجهت العروبة إلى عضو المكتب التنفيذي لقطاع المدن و البلدان و الإسكان في مجلس محافظة حمص محمود العموري و الذي أوضح بدوره أن المنطقة الحرفية في شين كانت أملاكاً خاصة و بحاجة لاستملاك و دفع بدلات استملاك تنفذ من قبل الوحدة الإدارية (مجلس البلدية)
وأشار إلى أن مبلغاً يصل إلى 101 مليون ل.س مرصودة بالاعتمادات منها 21 مليون نفقات (دراسات ) , و 80 مليون ليرة نفقات تأسيس علماً أن بدلات الاستملاك المصروفة من قبل الوزارة بلغت 132 مليون ل.س
و أضاف : صدر المخطط التفصيلي للمنطقة الحرفية عام 2004 و تم تصديقه من اللجنة الفنية في المكتب التنفيذي لمجلس المحافظة بعام 2018 بسبب عدم متابعة البلدية
مشيراً إلى أن التقصير لسببين رئيسيين الأول عدم المتابعة الجادة من قبل رؤساء الوحدات الإدارية السابقين و الثاني عدم توافر بدلات الاستملاك..
وأكد أن المخطط بحاجة لتعديل وعدد المقاسم فيه قليل مبدئياً و مساحاتها كبيرة لا تتلاءم مع مساحات منطقة حرفية , ويجب زيادة عدد المقاسم ضمن حدود المنطقة المستملكة إلى 300 مقسم على الأقل لتلبية القسم الأكبر من الحرف الموجودة في منطقة شين و هي حرف الصنف الثالث المسموح الترخيص بها مثل النجارة و الحدادة..
و أوضح عموري أن التعديل يتم وفق أحكام المرسوم رقم 5 لعام 1982 الناظم للمخططات التنظيمية ليعرض على اللجنة الفنية الإقليمية , و تم التوجيه بإيقاف كل الأعمال ريثما تتم إعادة تعديل المخطط التفصيلي من قبل المحافظة بالتنسيق مع مديرية الخدمات الفنية دائرة التخطيط العمراني و الجهة الدارسة لزيادة المقاسم للوصول إلى الحلول المثلى للمنطقة الحرفية ..
و أشار إلى أن الزمن مرهون بإجراءات أحكام المرسوم رقم 5 و بالتالي يمر بمراحل متعددة منها الإعلان عن التعديل و بعدها دراسة التعديل و يجب أن يحصل على الأوقات المثلى للحفاظ على حقوق كافة المواطنين ,أما بالنسبة لبيع المقاسم يتم وفق القرار 66/ م و عام 2018 ومن المقرر أن تكون بسعر كلفة التنفيذ المنطقة يضاف إليها 5% للوحدة الإدارية ..
علماً أنه لايتم البدء بالبيع أو الاكتتاب – وفق القرار 66 – إلا بعد تنفيذ شق الشوارع و البدء بتنفيذ الصرف الصحي على الأقل وقتها تبدأ عملية الاكتتاب على أن تكون المقاسم مفرزة و مسجلة بالسجل العقاري .. و أكد أنه لايمكن البدء بالبيع قبل أن يكون المخطط التفصيلي مضبوطاً بشكل دقيق تماماً ويلبي أكبر قدر من الحرف الموجودة بالمنطقة..
أخيراً
بما أن المناطق الحرفية ليست مشاريع ربحية بقدر ماهي خدمية ولأنها ذات نفع على كافة الجهات سواء المواطنين أو الحرفيين أو حتى مجلس البلدة المنفذ, لابد من التساؤل عن سبب التأخر في إنجاز معاملات ورقية لمدة زمنية تتجاوز 15 عاماً كما حدث في شين
علماً أن عمليات الاستملاك تتم بالتراضي و بحسب الأسعار الرائجة فهل هي بحاجة إلى فترة طويلة من الزمن أم أن عدم الاهتمام هو سيد الموقف ؟؟
سؤال برسم الجهات المعنية عله يجد حلاً …
هنادي سلامة – محمد بلول