العجز المائي يزداد عاما بعد عام والحاجة ماسة لحلول سريعة .. شح المياه حجر عثرة في طريق تحقيق التنمية الاقتصادية
تعتبر الإدارة المتكاملة للموارد المائية من أهم السبل لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية ,ولكن التحدي الأكبر لتطبيق الإدارة المتكاملة للموارد المائية يكمن في التوفيق لإيجاد حلول آنية وتلبية الطلب الملح والمتزايد على مصادر المياه من جهات وقطاعات مختلفة من جهة, ومن جانب آخر مراعاة مفاهيم التوازن والتكامل, التي تتطلب تفعيل الأطر المؤسسية والقانونية والإدارية والمالية لتطبيق مفهوم ومبادئ الإدارة المتكاملة للموارد المائية بشكل فعَّال, وترجمة هذه المفاهيم والشمولية إلى برامج عملية مفصلة تتسم بالواقعية وتكون قابلة للتنفيذ.
وتمثل الندرة الطبيعية للمياه وشحها, العائق الرئيسي، وذلك بسبب الظروف المناخية والهيدرولوجية، إلى جانب ارتفاع درجات الحرارة ومعدلات التبخر، وقلة الأمطار ، وتعاقب موجات الجفاف، خصوصاً في السنوات الماضية, فالعجز المائي سوف ينمو بشكل مضطرد, ولهذا فإن هناك حاجة كبيرة جداً إلى استنباط وسائل فعَّالة لتقليص الطلب على المياه، إلى جانب الجهود للبحث عن مصادر مائية إضافية.
إن النمو السكاني المضطرد يعتبر عاملاً هاماً في زيادة الطلب على المياه في جميع القطاعات، خاصة الزراعة، ويشكل أهم التحديات التي تواجه تطبيق الإدارة المتكاملة للموارد المائية, لأن هذه الزيادة الكبيرة في السكان سوف تصحبها زيادة كبيرة في الطلب على المياه، ليس فقط للاستخدام المنزلي، بل أيضاً للزراعة وتأمين الغذاء الكافي, علماً أن نسبة نمو الطلب على المياه في المنطقة تفوق معدلات النمو السكاني، ولابد من مواجهته في إطار تطبيق الإدارة المتكاملة للموارد المائية.
تحديات اقتصادية
وتعد التحديات الاقتصادية من المعوقات المهمة أيضاً، كالافتقار إلى تسعيرة سليمة للمياه، تعتمد على المعايير الاقتصادية والاجتماعية, ومن المهم هنا خلق وعي لدى المستهلكين بأن التعرفة لا تمثِّل قيمة المياه نفسها، وأنها وضعت لاسترداد كلفة التمديدات وصيانتها, وبالتالي يمكن وضع تعريفات متدرِّجة معقولة، تراعي ذوي الدخل المحدود، وتلبي حاجات المجتمع الرئيسية من المياه.
ويشكل تلوث المياه عائقاً رئيسياً يواجه المعنيين، ليس فقط بالنسبة للمياه السطحية، وإنما أيضاً بالنسبة للمياه الجوفية, فالاستخدام العشوائي للأسمدة الكيماوية والمخلفات الصناعية أصبح من أخطر مصادر تلوث المياه ، وأصبح بالتالي عاملاً مهماً من عوامل نقص المياه المتاحة، علاوة على دوره في التأثير على الصحة العامة، وظهور الأمراض التي لها علاقة بالمياه )كوليرا، إسهال عند الأطفال، الخ.) حيث يلعب ضعف الوعي المائي والبيئي لدى مختلف شرائح المجتمع دوراً سلبياً مهماً في مواجهة التلوث.
ما نود الإشارة إليه أن التنافس الحاد على المياه بين مختلف قطاعات الاستخدام, القطاع المنزلي، الصناعي، الزراعي، النظم الايكولوجية، النقل، وغيرها يشكل تحديات رئيسية في إدارة الطلب على المياه, نتيجة التزايد الملحوظ في هذا التنافس, ولهذا فإن التحدي يكمن في إيجاد الوسائل الإدارية والفنية المناسبة لإمكانية التقنين في الاستهلاك المنزلي أو الصناعي من المياه، بالرغم من صعوبة التحكم بالاستهلاك الزراعي إلا باستخدام طرق ومنظومات الري الحديثة, وهذا يتطلب قدرات إدارية لمراقبة واستخدام المياه.
وتتمثل التحديات التقنية في عوامل متنوعة تؤدي إلى إهدار المياه، مثل اهتراء شبكات المياه وقدمها، وزيادة نسبة تسرب المياه منها، مما يقلل من كمية المياه المتاحة, وتعتبر مشكلة الفاقد )الهدر) مشكلة رئيسية في كثير من الأحيان تعيق توفير الإمدادات الكافية من المياه للقطاع المنزلي, وهذا يشجع على استمرار الهدر ، وارتفاع نسبة التسرُّب في شبكات التوزيع, التي يمكن أن تشكِّل نسبة عالية من الهدر.
تنطلق الإدارة المتكاملة للموارد المائية من منظورٍ تعتبر فيه, أن الماء يشكل حاجةً أساسية لرفاه البشرية وعنصراً حيوياً في التنمية الاقتصادية وكذلك شرطاً أساسياً لسلامة المنظومات البيئية, ويعتبر توفّر المياه النظيف للأغراض المنزلية ضرورةً من ضروريّات صحّة الإنسان وبقائه, وإذا ما اقترن ذلك بخدمات الصرف الصحي وحفظ الصحة فهو سيؤدّي إلى تقليص معدلات الإصابة بالأمراض ومعدلات الوفيات ولاسيما بين الأطفال، ويعتبر الماء حيوياً كذلك في بعض مظاهر التنمية المستدامة, مثل حماية البيئة والأمن الغذائي وتمكين المرأة والتعليم, وبالتالي تقليص الخسائر الإنتاجية النّاشئة عن الأمراض, وحماية الموارد الطبيعية.