الشيباني: سوريا دولة واحدة ونرفض التقسيم بأي شكل .. فيدان: أمن تركيا وسوريا واحد وسنواصل دعمها

أكد وزير الخارجية والمغتربين أسعد حسن الشيباني أن سوريا دولة واحدة وجيش واحد وأرض واحدة، مشدداً على الرفض الواضح والحاسم للتقسيم بأي شكل من الأشكال، وأن مواردها لا يمكن أن تُقسم أو تُجزأ على كيانات ومجموعات لا تصب في المصلحة العامة، لافتاً إلى أن زيارته اليوم إلى تركيا تُعدُّ استمراراً وتعزيزاً للشراكة الإستراتيجية بين البلدين.

وأشار الشيباني خلال مؤتمر صحفي مع نظيره التركي هاكان فيدان في أنقرة اليوم، إلى الأجواء الإيجابية التي سادت الاجتماعات، وقال: إن هذا اللقاء يأتي بعد مرور عشرة أشهر على تحرير سوريا، وهي فترة تبدو قصيرة نسبياً في عمر الأمم والدول، لكنها كانت بالنسبة لنا حافلة بالإنجازات والتطورات التاريخية الملموسة داخلياً وخارجياً، فأوجزت بشهور قليلة إنجازات وأعمال تستغرق في الحالة الطبيعية أعواماً طويلة.

الدور الكبير لأصدقاء سوريا في المنطقة

وقال الوزير الشيباني: نود التأكيد على الدور الكبير لأصدقائنا وشركائنا في المنطقة، وعلى رأسهم الجمهورية التركية في تحقيق هذه الإنجازات، وعلى أهمية دعمهم الواسع في المرحلة الانتقالية وتجاوز تحدياتها، ونعرب عن شكرنا وتقديرنا قيادة وشعباً لهذا الدور البنّاء الأساسي الذي لن ينساه أبناء شعبنا أبداً، والذي يأتي امتداداً للمواقف التاريخية التي وقفتها تركيا في الأعوام الماضية إلى جانب السوريين في أحلك الظروف، واليوم علاقاتنا وتحالفاتنا أعمق وأقوى.

سقوط النظام البائد إنهاء لحقبة مظلمة من تاريخ سوريا
وتابع الوزير الشيباني: لقد كان سقوط النظام البائد في الثامن من كانون الأول الماضي إنهاء لحقبة مظلمة من تاريخ سوريا، حقبة دكتاتورية استمرت لأكثر من 60 عاماً تحت حكم نظام قمعي بوليسي متوحش، استشهد خلالها مليون سوري من أبناء شعبنا، وما زال هناك مئات الآلاف من المفقودين، لكن رغم قسوة هذه السنوات الطويلة وآثارها المدمرة التي خلفت دولة مدمرة واقتصاداً منهاراً وانتقالاً هشاً، إلا أننا وبشهور قليلة تمكّنا من وضع الأسس الراسخة لبناء دولة المواطنة والقانون، فشكلنا حكومة شاملة وتعددية مثّلت السوريين، وسرنا قُدماً في مسار العدالة الانتقالية متمثلة باللجان العليا الوطنية للمفقودين والعدالة الانتقالية، إلى جانب الهيئات الوطنية لتقصي الحقائق في الأحداث الأخيرة.

الانتخابات التشريعية أهم الإنجازات
وقال وزير الخارجية: لقد كان من آخر وأهم الإنجازات الداخلية نجاح الانتخابات التشريعية قبل ثلاثة أيام، والتي جرت بأجواء تسودها الشفافية والتعددية والحوار، واستطعنا بهذه الانتخابات الحرة والنزيهة التي تحصل لأول مرة منذ عقود أن نشكل مجلس الشعب الذي سيتولى مسؤولية كبيرة في الفترة القادمة، لمتابعة المسار الدستوري وصياغة القوانين والتشريعات، استكمالاً لخطواتنا المتتالية في بناء دولة المؤسسات والقانون.

وأضاف الوزير الشيباني: بالتوازي مع المسار الداخلي، عادت سوريا بل مكانتها وثقلها التاريخي للعالم، وهو ما ظهر بمشاركتها للمرة الأولى منذ عقود طويلة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وما تخللها من لقاءات ثنائية ومتعددة مع الدول والمنظمات والأمم المتحدة، مرسخين بذلك مكان سوريا ومكانتها الدبلوماسية على أسس السيادة والقانون والشرعية الدولية والاحترام المتبادل.

وتابع وزير الخارجية: لم تخلُ المرحلة السابقة من التحديات الداخلية والخارجية التي عملنا بالتعاون مع الأشقاء على تجاوزها وحلّها بالحوار الصريح والشفاف، واستناداً للدستور السوري والقانون الدولي، كما تولينا مسؤولياتنا بمكافحة الإرهاب والمخدرات والميليشيات العابرة للحدود، ما ساهم بالحفاظ على أمن واستقرار منطقتنا، وأكدنا به سيادة بلدنا سوريا ووحدة أراضيها.

وأضاف الوزير الشيباني: في هذا السياق أقمنا سلسلة حوارات ونقاشات مع قوات سوريا الديمقراطية لدمجها ضمن أطر الدولة السورية ومؤسساتها، انطلاقاً من إطار اتفاق العاشر من آذار، وسعياً لتطبيق الأساس، دولة واحدة وجيش واحد وأرض واحدة، مؤكدين رفضنا الواضح والحاسم للتقسيم بأي شكل من الأشكال وتحت أي صياغة أو إطار.

التهديدات الإسرائيلية مستمرة
وقال وزير الخارجية: في ذات السياق لا تزال التهديدات الإسرائيلية تهدد أمننا وتحتل قطعاً جديدة من أرضنا، منتهكة اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974، ومن هنا ندعو المجتمع الدولي والدول الداعمة لسوريا في هذه المرحلة إلى دعم مساعي الحكومة لإعادة تفعيل هذا الاتفاق وإنهاء التهديدات التي تعيق مسار الانتقال السياسي.

وأضاف الوزير الشيباني: إن موقفنا هذا يأتي انطلاقاً من سيادة دولتنا ومؤسساتنا وتثبيتاً لشرعيتها، بأن سلامة سوريا ووحدة أراضيها مرتكز أساسي لبناء دولتنا الجديدة، وصمام أمان لاستقرار المنطقة بأسرها، وهو ما أكدت عليه اليوم في اجتماعاتنا مع الوزير فيدان.

الزيارة لتركيا تعزيز للشراكة الإستراتيجية السورية التركية
وقال وزير الخارجية: إن زيارته اليوم لأنقرة تُعدُّ استمراراً وتعزيزاً لشراكاتنا الإستراتيجية وأخوتنا العميقة مع تركيا على أسس الشفافية والحوار، وبما يحفظ ويعزز سيادة بلدينا، ويحقق المصالح المشتركة، ويحفظ أمن بلدينا على حد سواء، لنمضي بخطوات واضحة وراسخة نحو السلام والاستقرار في المنطقة، والازدهار لسوريا وتركيا وللمنطقة بأسرها.

ورداً على سؤال بشأن اتفاق العاشر من آذار مع قسد والاجتماعات التي عُقدت في دمشق أمس، قال الوزير الشيباني: إن اجتماع أمس كان اجتماعاً سورياً سورياً، وكانت هناك وساطة أمريكية، لكن الاجتماع كان يضم الطرفين السوريين، الدولة السورية ممثلة بالرئيس أحمد الشرع، وأيضاً الجهة الممثلة لقسد مظلوم عبدي.

وأضاف وزير الخارجية: هذه الحوارات وهذه النقاشات تأتي لإعادة إحياء والتأكيد على الالتزام باتفاق العاشر من آذار، فعندما وقعنا هذا الاتفاق، كانت هذه المبادرة من الدولة السورية، تعبيراً وتأكيداً على أحقية الحوار والدبلوماسية، وأيضاً حل الأمور المتعلقة لتوحيد سوريا بالطرق الهادئة، والطرق التي تؤكد دعم النسيج المجتمعي وتعافي سوريا من الحروب.

وتابع الوزير الشيباني: لكن إلى اليوم لم نستطع أن نصل إلى أي خطوة عملية لتطبيق هذا الاتفاق، وما زال حبراً على ورق، ونطالب قسد وقيادتها أن تسعى بكل الجهد لتطبيقه، لأنه كما هو منصوص عليه في الاتفاق أنه حتى نهاية هذا العام، وأن عدم الوصول لأي تطبيق عملي يطمئن شعبنا، وأيضاً يعطي رسائل واضحة للداخل والخارج أن سوريا تسير بشكل واثق، وأيضاً بشكل يعبر عن توحيد سوريا واندماجها السريع ضمن أطر المؤسسات المدنية العسكرية، فهذا كله سيعطي انطباعاً سلبياً وسيعيد فقدان الثقة إلى هذا المسار، وما نطلبه من قسد فنحن منفتحون على جميع النقاط التي تحفظوا عليها بالمرحلة الحالية، ونعتقد أن قسد دائماً بطيئة في اتخاذ الخطوات الصحيحة.

وأوضح وزير الخارجية أن الدولة السورية تسير بشكل سريع لملء الفراغ السياسي، وهذا الأمر لا يمكن أن ننتظر أي نقاش جانبي، أو أي أمر يتعلق بمصلحة خاصة، وأن نعرقل المصلحة الوطنية والتي تتعلق بمستقبل أبنائنا، فهناك في منطقة شمال شرق سوريا شعب عظيم وموارد للدولة ومؤسسات يجب أن يعاد تفعيلها، وأيضاً يجب أن نسرع بتحسين الخدمات والأمور الاقتصادية في شمال شرق سوريا، والتباطؤ والعرقلة في تنفيذ هذا الاتفاق يوماً بعد يوم، يُخسر ويُزيد من خسارة شعبنا في تلك المناطق، وخاصة في مجال الصحة والتعليم والخدمات، وأيضاً يُعرقل مسار مكافحة الإرهاب.

سوريا دولة واحدة موحدة
وبين الوزير الشيباني أن أي مشكلة أمنية في أي دولة تستغل الفراغات والانقسامات، واليوم الشكل الحالي لا يرضينا بالتأكيد، ونريد أن تكون سوريا دولة واحدة موحدة، وحقوق الأكراد نحن أحرص الناس عليها، فالدولة السورية ملتزمة بالإيفاء لجميع مواطنيها بالحقوق المتوازية، بعيداً عن أي تفاوض أو أي مساومة.

وأوضح وزير الخارجية أن الموارد التي كانت في مرحلة من المراحل الاقتصادية والمدنية والمؤسسات نتيجة وجود النظام البائد، ونتيجة عدم وجود حل شامل، كان يمكن تفهم هذا الموضوع، لكن اليوم لا يمكن تفهم أي حالة انقسامية في سوريا، ولا يمكن أن تُقسم موارد سوريا أو تُجزأ على كيانات ومجموعات لا تصب في المصلحة العامة، فاليوم يجب أن نبني بلدنا بشعب واحد ومؤسسات واحدة، ويجب أن تصب جميع موارد الدولة السورية وجميع إمكانياتها في المسار الصحيح.

العلاقات التركية السورية لها تاثير على استقرار المنطقة
بدوره أكد وزير الخارجية التركي أن العلاقات التركية السورية تتطلب تنسيقاً مكثفاً نظراً لتأثيرها المباشر على استقرار المنطقة، مشدداً على ضرورة دعم سوريا في مساعيها للنهوض وإعادة الهيكلة عبر مساهمات القطاعين العام والخاص، داعياً جميع الأطراف لتحمل مسؤولياتها في هذا الإطار.

وأوضح فيدان أن المرحلة التي أعقبت سقوط النظام البائد شهدت خطوات واضحة بشأن مكافحة الإرهاب، والحكومة السورية لديها الإرادة القوية لمحاربة “داعش” بالتعاون مع المجتمع الدولي.

وأعرب فيدان عن امتنان بلاده للخطوات الإيجابية التي تتخذها الحكومة السورية وخاصة في الانفتاح على التعاون الإقليمي والدولي، مشيراً إلى أهمية خطاب الرئيس أحمد الشرع في الجمعية العامة للأمم المتحدة كعلامة على التقدم الذي يجب استثماره لتحسين ظروف الشعب السوري، مشدداً على ضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته تجاه سوريا، ومؤكداً وجوب رفع العقوبات المفروضة عليها فوراً لما لها من تأثير سلبي على الأمن والاستقرار.

الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا تصعيد خطير
وأشار فيدان إلى أن الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على سوريا تمثل تصعيداً خطيراً، ما يتطلب موقفاً دولياً واضحاً تجاه هذه الاعتداءات، مؤكداً أن الأهم بالنسبة لتركيا أن تكون سوريا مستقرة وألا يستفيد أي طرف من عدم استقرارها.

المزيد...
آخر الأخبار