أكد مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة السفير إبراهيم علبي، أن سوريا عادت بقوة إلى موقعها الطبيعي في المجتمع الدولي كدولة مؤسسة للأمم المتحدة، تمتلك صوتاً مؤثراً وموقفاً مستقلاً يبنى على المصالح الوطنية العليا، مشيراً إلى أن هناك عدداً متزايداً من الدول بات يتجه إلى التنسيق والتشاور معها في القضايا والقرارات الدولية.
وقال علبي خلال اتصال عبر الفيديو مع قناة الإخبارية السورية مساء اليوم: إن مرحلة الأشهر الماضية شهدت انفتاحاً متزايداً على سوريا داخل أروقة الأمم المتحدة، حيث أصبحت دمشق طرفاً فاعلاً في صياغة القرارات الدولية لا مجرد متلقٍ لها، موضحاً أن الكثير من الدول من الشرق والغرب باتت تسعى لدعم سوريا أو الحصول على دعمها في ملفات متعددة لما تمثله من ثقل دبلوماسي متنامٍ.
وأوضح علبي أن القرار الأممي الذي اعتمد أمس بأغلبية تجاوزت 150 صوتاً، يمثل محطة تاريخية في عمل الجمعية العامة، إذ أشاد بالجهود التي تبذلها الحكومة السورية في معالجة ملف الأسلحة الكيميائية، مؤكداً أن القرار أقر بدور سوريا الإيجابي وشفافيتها في التعاون مع المنظمات الدولية، واعتبر ما أنجزته الحكومة السورية إنجازاً وطنياً وإنسانياً في آن واحد.
وأشار علبي إلى أن التزام سوريا بالملف الكيميائي بدأ على الأرض قبل أن يترجم دولياً، مبيناً أن العمل الميداني الذي قادته الكوادر السورية من جيش وخارجية وأمن كان الأساس في استعادة الثقة الدولية، وقال: “نحن اليوم لا تفرض علينا قرارات، بل نحن من نصوغ القرارات التي تخصنا ونتولى رعايتها في المنظمات الدولية”.
وشدد علبي على أن الجولان السوري المحتل هو أرض سورية غير قابلة للمساومة، مجدداً موقف دمشق الثابت والواضح في هذا الشأن والذي ينطلق من حق الشعب السوري في استعادة أرضه المحتلة وفق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وأكد أن سوريا تتمسك باتفاقية فصل القوات لعام 1974؛ بوصفها نقطة الانطلاق لأي مناقشات أمنية مرتبطة بالوضع في المنطقة.
وبين مندوب سوريا أن الانفتاح الدبلوماسي السوري لا يعني القبول بأي مساومات على الحقوق الوطنية الثابتة، مشيراً إلى أن دمشق تعمل على إبقاء ملف الاحتلال الإسرائيلي على طاولة الأمم المتحدة؛ لتذكير العالم بعدالة القضية السورية وتسليط الضوء على الانتهاكات الإسرائيلية التي تهدد
الأمن والاستقرار في المنطقة.
وأوضح علبي أن النظرة الأممية بالنسبة لملف جنوب سوريا هي انعكاس لنظرة الحكومة السورية في إنهاء هذا الملف بالطريقة التي تحفظ كرامة أهل السويداء، مشيراً إلى ترحيب المجتمع الدولي خلال جلسة مجلس الأمن الماضية بوفاء الحكومة السورية بالتزاماتها، وإدخال اللجنة الدولية إلى المحافظة لأخذ الشهادات.
وفي سياق آخر، لفت مندوب سوريا إلى أن الزيارة التاريخية التي يعتزم الرئيس أحمد الشرع القيام بها إلى واشنطن ولقاءه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض تمثل تتويجاً لمرحلة جديدة من الحضور السوري على الساحة الدولية، بعد زيارة رئيس الجمهورية إلى الجمعية العامة في نيويورك في أيلول الماضي، مبيناً أن هذه الزيارات تؤكد عودة سوريا إلى موقعها الطبيعي كدولة منفتحة على الجميع، تبني علاقاتها على الحوار والاحترام المتبادل.
وأوضح علبي أن الدبلوماسية السورية تعمل اليوم بشفافية وواقعية بعيداً عن التضليل أو الانغلاق، مؤكداً أن دمشق أوفت بالتزاماتها الدولية في ملفات حساسة مثل مكافحة المخدرات، والتعاون مع لجان الأمم المتحدة والصليب الأحمر، ولا سيما في محافظة السويداء، التي شهدت تعاوناً وثيقاً مع لجنة تقصي الحقائق الدولية.
وأكد المندوب علبي أن سوريا اليوم دولة ذات قرار وسيادة، قادرة على التحدث باسمها والتصويت وفق مصلحتها الوطنية، وقال: “نحن نعيش مرحلة جديدة من العمل الدبلوماسي تستند إلى ثقة المجتمع الدولي بسوريا، وإلى إيمان السوريين بحقهم في أن تكون لهم دولة فاعلة تتخذ قراراتها بإرادتها الحرة”.