بخطى واثقة تعبر المحيط ، تتجه أنظار سوريا نحو غابات الأمازون، حيث يقطع السيد الرئيس أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني آلاف الأميال ليشاركا في المؤتمر الثلاثين للأمم المتحدة بشأن المناخ في البرازيل، هذه ليست مجرد زيارة روتينية، بل محطة تاريخية تفتح باباً كان مغلقاً طويلاً، فهي أول زيارة رسمية لرئيس سوري إلى أمريكا اللاتينية منذ التحرير، وأول مرة يخاطب فيها رئيس سوري هذا المحفل العالمي البيئي الرفيع.
في مدينة بيليم البرازيلية، حيث تلتقي مياه الأمازون بمحيطها، تلتقي أيضاً إرادة شعب صامد مع قضايا العالم المصيرية, سيترأس الرئيس الشرع وفداً رفيع المستوى، يحمل في جعبته رسالة مختلفة، ليست ككل الرسائل, رسالة شعب عانى من ويلات الحرب، وشاهد بأم عينه كيف تذبل الأشجار وتجف الأنهار و تتشقق الأرض، و يتدمر البشر.
على هامش المؤتمر، و في لقاء يجمع الرئيس أحمد الشرع برئيس البرازيل لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، ليفتحا معاً صفحة جديدة من الحوار بين بلدين يربطهما الكثير، إنها بداية لشراكة خضراء بين الفرات والأمازون، جسر بين نظامين بيئيين ينهضان من رمادهما، وقصة جديدة في دفتر الدبلوماسية السورية التي تتجه بقوة نحو الجنوب العالمي.
لكن القصة الحقيقية ستُروى داخل قاعة المؤتمر، حيث سيقف السيد الرئيس ليتحدث عن شعب رأى بيئته تدفع ثمن حرب لم يخترها، وأنهار جفت وغابات احترقت وأراضٍ توقف عنها المطر، إنها رسالة تجمع بين الألم والأمل، بين جراح الماضي وطموح المستقبل.
سيقول الرئيس للعالم إن سوريا التي تعافت من الحرب، تريد اليوم أن تكون شريكاً فاعلاً في المعركة المصيرية للبشرية ضد تغير المناخ، سيذكر العالم بأن العدالة البيئية هي جزء لا يتجزأ من العدالة الوطنية، وأن إعادة الإعمار ليست مجرد إسمنت وحديد، بل هي إعادة بناء الإنسان والأرض معاً.
ستقدم سوريا للعالم مفهوماً جديداً للتنمية، حيث يصبح قياس النجاح ليس بما نبنيه من أبراج، بل بما نستعيده من كرامة إنسانية، وما نحييه من نظم بيئية نتركها إرثاً للأجيال القادمة، إنها معادلة جديدة- العمران يساوي الإنسان و البنيان-.
وراء كل هذه الكلمات، تقف إرادة شعب أثبت صموده، نفس الإرادة التي أعادت بناء ما دمرته الحرب، هي التي تدفع اليوم نحو بناء غد أفضل، بيئي مستدام، إنها قناعة راسخة بأن الصمود في وجه التغير المناخي هو وجه آخر لبناء السلام.
وفي النهاية، سيعلو صوت سوريا مع أصوات دول الجنوب العالمي، مطالبة بنظام مناخي دولي عادل، نظام يضع البشر قبل المصالح، والحلول قبل الصراعات، نظام يخدم الشعوب لا أجندات القوى.
سوريا التي قدمت دروساً في الصبر، تقدم اليوم درساً في الأمل,مفاده أن من بين الأنقاض تنبت الزهور، وأن بعد العاصفة تأتي الحياة، هكذا تخطو سوريا نحو العالم، حاملةً في يدها غصن زيتون من شجرة صامدة في أرض دمرتها الحرب، لتقول للعالم: إن المستقبل الأخضر يبدأ من هنا.