أعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية نور الدين البابا تفاصيل جريمة القتل التي شهدتها بلدة زيدل بريف حمص في الثالث والعشرين من تشرين الثاني الماضي، مؤكداً أن التحقيقات المهنية التي أجرتها الوزارة كشفت الجاني، وأن الدوافع جنائية بحتة، مشيراً إلى أن العبارات الطائفية التي وجدت في مسرح الجريمة كانت محاولة يائسة لتضليل العدالة وإثارة الفتنة، ومشدداً على تمسك أهالي حمص بوحدتهم الوطنية وصلابتهم في وجه محاولات التحريض.
وقال المتحدث باسم الداخلية في مؤتمر صحفي اليوم: إنه بتاريخ الـ23 من شهر تشرين الثاني الماضي، وقعت جريمة قتل مؤسفة في بلدة زيدل بريف حمص، راح ضحيتها رجل وزوجته، حيث وُجدت في مسرح الجريمة عبارات ذات طابع طائفي كُتبت بدماء المغدورين، في محاولة لتضليل العدالة وإثارة الفتنة الطائفية.
وأضاف المتحدث: إن إدارة المباحث الجنائية وبالتنسيق مع قيادة قوى الأمن الداخلي في محافظة حمص باشرت على الفور بعمليات التحري وجمع الأدلة، استناداً إلى منهجية مهنية تهدف إلى كشف ملابسات الجريمة، ولا سيما بعد أن أدت تلك الكتابات التضليلية إلى ردود فعل غير منضبطة وتعديات طالت مواطنين أبرياء، مشيراً إلى أن التحقيقات الأولية رجحت أن تكون الجريمة جنائية الدافع، وهو ما أعلنته وزارة الداخلية بكل شفافية منذ الساعات الأولى.
وتابع البابا: إنه مع توسيع دائرة الاشتباه والتحقيق، تم تحديد هوية المشتبه به الرئيس، وتوقيفه أصولاً، وبالتحقيق معه تبيّن ما يلي: إن القاتل هو المدعو محمد الحميد بن خليفة، والدته ترفة، من مواليد عام 1999، ووجد أنه من متعاطي المواد المخدرة، وتحديداً مادة “الكريستال ميث” شديدة الخطورة، وأنه يرتبط بالمغدور بصلة قرابة مباشرة كونه ابن شقيقة الضحية.
وأوضح المتحدث باسم الداخلية أن القاتل أقدم على فعلته بدافع السرقة، مستغلاً قرابته ودخوله المألوف إلى منزل الضحيتين، وبعد انكشاف أمره من قبلهما، قام بقتلهما بدم بارد، ثم كتب عبارات طائفية بدماء المغدور في محاولة لتضليل العدالة، وأضرم النار في المكان طمساً للأدلة، إلا أن فريق البحث الجنائي المختص في إدارة المباحث الجنائية، وبخبرته الفنية وتحليله الدقيق لمسرح الجريمة، تمكن من رصد آثار وأدلة قادت إلى الجاني الذي اعترف لاحقاً اعترافاً كاملاً بتفصيل ما ارتكب، وسيُصار بموجب الإجراءات القانونية إلى عرض اعترافاته مسجلةً بالصوت والصورة، ليطلع الرأي العام على حقيقة الجريمة وملابساتها.
وقال المتحدث باسم الداخلية: إننا في وزارة الداخلية إذ تتقدم بخالص العزاء لذوي الضحيتين، وتثمن موقفهم الوطني المسؤول في هذه المحنة، فإننا نشيد أيضاً بوعي أهالي حمص ووجهائها وفعالياتها الاجتماعية، الذين أثبتوا من جديد أن محافظة حمص بتاريخها العريق وتنوعها الإنساني عصية على كل دعوة فتنة، وأكبر من أن تُستغل جريمة فردية للإساءة إلى نسيجها الوطني.
وأضاف البابا: نؤكد رفضنا لأي أفعال خارجة عن القانون تلت الجريمة، ونتعهد بمحاسبة كل من ثبت تورطه بتعكير الأمن والاستقرار وإثارة النعرات، ونعيد التذكير بضرورة مكافحة خطاب الكراهية والطائفية، والتصدي للأخبار الملفقة التي تستهدف النيل من وحدة المجتمع السوري، وندعو جميع المواطنين ووسائل الإعلام إلى تحري الدقة وعدم نشر أي معلومة قبل التأكد من مصدرها الرسمي، عملاً بقوله تعالى: “يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ”.
وأكد المتحدث باسم الداخلية أن حمص التي كانت ولا تزال رمزاً للتاريخ والحضارة، وموطناً للتعايش والإخاء الوطني، أكبر من كل محاولات التشويه، وستبقى نموذجاً للوحدة السورية الصلبة، وأن وزارة الداخلية لن تدخر جهداً في حماية أمن واستقرار كل شبر من أرض الجمهورية العربية السورية، وصون كرامة أبنائها جميعاً دون تمييز.
وفي رده على أسئلة الصحفيين، أكد المتحدث باسم الداخلية أن ظاهرة السلاح المنفلت في تراجع مستمر، وأن هناك تنسيقاً دائماً بين وزارتي الداخلية والدفاع لمعالجة هذه المشكلة، مشيراً إلى قرب صدور إجراءات جديدة تخص تراخيص السلاح وتشديد القوانين على من يسيء استخدامه.
وأوضح البابا أن التنسيق بين الجهات الحكومية كان على مستوى عالٍ، وكذلك مع الفعاليات الشعبية في احتواء الأحداث التي تلت الجريمة، مبيناً أن الوزارة استفادت من التجربة ميدانياً وتنسيقياً، وأنه سيتم قريباً إصدار قوانين جديدة لمكافحة الجريمة الإلكترونية وخطاب الكراهية وملاحقة المحرضين، وقال: إن للحادثة مرحلتين: جريمة القتل نفسها، وأعمال الشغب التي أعقبتها، حيث تم توقيف أكثر من 120 شخصاً يشتبه بتورطهم في أعمال الشغب، بينما أثبتت التحقيقات أن القاتل واحد، مع استمرار تتبع الأدلة والمشتبه بهم بالتعاون مع القضاء.
وفي موضوع التعويضات، أوضح أن الأمر سيُناقش بالتفصيل مع الجهات القضائية، مع إمكانية تقدم الأهالي بشكاوى ضد المتورطين الفعليين في الجريمة، مشدداً على أن الأمن مسؤولية مشتركة بين الدولة والمجتمع، وأن قوة التماسك الوطني هي الكفيلة بإحباط أي محاولات لزعزعة الاستقرار، مبيناً أن الأهالي وعشائر حمص أبدوا استجابة رائعة وكذلك كان تعامل المواطنين إيجابي جداً مع الحكومة، وهذا الأمر يسهّل تجاوز كل المحنة.