مضى الوقت الذي كانت دول العالم لا تعيرأي اهتمام للبيئة، فقد أدركت جميع الدول مدى أهمية الحفاظ على بيئة نظيفة وقد كانت سورية وما زالت في مقدمة الدول التي تعطي للبيئة أهمية خاصة،وهي من بين الدول القلائل التي أحدثت وزارة للبيئة منذ زمن طويل وحددت يوماً وطنياً للبيئة في الأول من تشرين الثاني ،وبهذه المناسبة التقت العروبة مدير البيئة بحمص المهندس طلال العلي ليحدثنا عن أسباب التلوث
والإجراءات المتخذة للحد منه بقوله:
خصوصية بيئية
تتميز محافظة حمص في موقعها بقلب سورية واتصالها الجغرافي بدول الجوار ومساحتها الواسعة المتنوعة جغرافياً بين بادية وسهول وجبال ويعتبر وجود نهر العاصي في المحافظة شرياناً للحياة فيها ،وخصوصية حمص البيئية تتعزز بوجود صناعات ثقيلة ومتوسطة كتكرير النفط ومعامل الأسمدة الفوسفاتية والآزوتية ،كل ما سبق أدى إلى واقع بيئي يحتاج الكثير من الجهود لمعالجة آثار التلوث الحاصلة
التلوث الصناعي
يعتبرالتلوث الصناعي أحد أهم أنواع التلوث البيئي ومنها:التلوث البيئي الناجم عن صناعة الأسمدة ويتمثل بتلوث الهواء الناجم عن الإنبعاثات الغازية وغبار الكبريت إضافة إلى التلوث بمنصرفات المعامل إلى بحيرة قطينة ونهر العاصي .بهذا الصدد تم التواصل مع إدارة المعمل المتعاقدة مع جهة استثمارية للالتزام بتحسين الوضع البيئي في الوسط المحيط بالمعمل من خلال إجراء الصيانات اللازمة وتفعيل العمل في محطة المعالجة لضمان حماية البيئة المحيطة من آثار هذا التلوث.
وهناك تلوث ناجم عن مصفاة حمص إذ أن المنصرفات الصناعية الناتجة عن صناعة تكرير النفط تتمحور في المنصرفات السائلة والسلدج (الحمأة)التي ترمى إلى نهر العاصي بعد معالجتها في محطة المعالجة الخاصة بالمصفاة . وللأسف لم تلتزم الشركة خلال فترة الحرب بالمعالجة الكافية خاصة مع توقف المحطة أحياناً بسبب الأعمال الإرهابية وعدم توفر الطاقة الكهربائية اللازمة لتشغيلها أحياناً ،ومن خلال اهتمام الجهات الحكومية تم عقد عدة اجتماعات مع إدارة المصفاة والجهات المسؤولة كالموارد المائية والبيئة وتم إلزام الشركة بوضع محطة المعالجة بالاستثمار الفعلي إضافة إلى تنفيذ أحواض خاصة بتجميع المياه الملوثة وعدم صرفها إلى النهر إلا بعد معالجتها بالكفاءة المطلوبة كما قامت مديرية الموارد المائية والشركة العامة لمصفاة حمص بتعزيل أجزاء كبيرة من مجرى النهر وضفافه مما أدى إلى تحسن الوضع بشكل كبير على أمل قدوم أمطار الخير وازدياد غزارة المياه كي تعود الحياة إلى نهر العاصي كما كان قبل الحرب .
كما يوجد تلوث ناجم عن المدينة الصناعية بحسياء ونظراً لوقوع المدينة الصناعية على مجرى وادي الربيعة الذي يستقبل منصرفات المدينة مروراً بآبار دحيريج كان لابد من اتخاذ إجراءات لمنع تلوث هذه الآبار بالمنصرفات الصناعية والموضوع باهتمام الوزارات المعنية من خلال اللجنة الوزارية التي تضم في عضويتها الوزارات المسؤولة ويتم العمل حالياً على انجاز محطة معالجة الصرف الصحي والصناعي الناجم عن المدينة ،وستوضع في الاستثمار قبل نهاية العام الحالي للحد من التلوث ودرء الخطر عن الآبار، ومن خلال التحاليل التي اجرتها مؤسسة المياه للآبار تبين سلامتها من التلوث مع ارتفاع طفيف ببعض المؤشرات يتم معالجتها قبل الاستخدام ولدرء الخطر نهائياً عن مجرى نهر الربيعة وآبار دحيريج لابد من تنفيذ محطة معالجة للصرف الصحي في بلدة حسياء إضافة إلى عمل المحطة الموجودة بالكفاءة المطلوبة.
ويتم ضبط عمل المنشآت الصناعية داخل المدينة ومدى التزامها بتشغيل المعالجة لديها من قبل إدارة المدينة الصناعية إضافة للجولات التفتيشية التي تقوم بها مديرية البيئة لقمع المخالفات واتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين
خطة استرتيجية مستقبلية
من خلال الإجراءات المتخذة حالياً يمكن الحد من التلوث الحاصل مع ضرورة وضع وتنفيذ خطة استراتيجية مستقبلية لمكافحة التلوث نهائياً من خلال التفكير في نقل المنشآت الصناعية إلى مواقع مناسبة بيئياً في الاتجاه الشرقي من المحافظة بالتواكب مع الإجراءات الاسعافية المتخذة والإسراع بتنفيذ محطات معالجة للصرف الصحي وخاصة في القرى والبلدات الواقعة على ضفتي نهر العاصي ومجرى وادي الربيعة
قضايا بيئية أخرى
وتابع :يوجد اهتمام كبير بموضوع إدارة النفايات الصلبة على مستوى المحافظة من خلال تفعيل المشاريع الخاصة بالنفايات وأهمها :
إعادة تأهيل محطات الترحيل وتأهيل المطامر الصحية ووضعها في الاستثمار وقد تم تأهيل عدد من هذه المحطات من قبل مديرية الخدمات الفنية بحمص كما قامت بجهد كبير لتأهيل عدد كبير من المكبات العشوائية التي تشكلت خلال الحرب ،ومن أهم المشاريع كان تأهيل مطمر القصير الصحي ووضعه في الاستثمار إضافة إلى مطمر الفرقلس ومحطة تلكلخ ومحطة ترحيل مدينة حمص المرتبطة بمطمر الفرقلس (المطمر البديل عن مطمر تل النصر في دير بعلبة ) أما ما يتعلق بالتلوث الناجم عن الصرف الصحي فقد تم تنفيذ عدد من محطات المعالجة المركزية بالنباتات والعمل مستمر بهذا الخصوص إضافة إلى مشاريع متعددة في مجالات الطاقات المتجددة (محطات طاقة شمسية –عنفات ريحية ) ويلقى موضوع الحراج أهمية قصوى وخاصة بعد الحرائق التي اندلعت في مناطق متعددة في محافظة حمص وخرجت مساحات واسعة من الغابات عن عملها كرئة طبيعية للبيئة وهناك جهود مبذولة حالياً لمنع تكرارها في المواسم المقبلة .
لحماية البيئة
وأضاف قائلاً : ترسيخاً لتنفيذ أهم ما ورد في دستور الجمهورية العربية السورية المادة التي نصت على أن مسؤولية حماية البيئة هي مسؤولية الجميع أفراداً وجهات معنية وجمعيات أهلية فإن لكل مكون من مكونات المجتمع دوراً أساسياً في حماية البيئة وعلى هذا تم وضع شعار للاحتفال بيوم البيئة الوطني الذي يصادف في الأول من تشرين الثاني من كل عام «بتعاوننا …نرتقي ببيئتنا «وتم تنظيم عدد كبير من الفعاليات يشارك فيها الجميع الهدف منها رفع مستوى الوعي البيئي لدى شرائح المجتمع من خلال حملات التشجير والنظافة وعقد اللقاءات البيئية وتكريم المهتمين بالبيئة من أفراد وجمعيات إضافة إلى تكريم جنود البيئة من عمال نظافة ورجال الإطفاء والبيئيين الصغار
جنينة الحسن