حكايا وقصص السوريين خلال الثورة كثيرة وتحتاج كتباً ومجلدات لتوثيقها, ففي كل بيت قصة أو أكثر ,كيف لا والنصر كتب على أيدي ثوار أبوا الذل و الخنوع لنظام ظالم مستبد وطالبوا بالكرامة والحرية , ولكن هذه الحرية كان ثمنها باهظا, فعلى مدى 14 عاماً ذاقوا كل أنواع العذاب والشقاء سواء في المعتقلات وغياهب السجون أو في مخيمات اللجوء, يكفي أنهم اضطروا إلى ترك بيوتهم وأرزاقهم هرباً من نير النظام البائد ومن آلة حربه الوحشية التي وجهت فوهتها إلى صدورهم , فاستُشهد منهم من استُشهد وهُجِر من هُجِر واعتُقِل من اعتُقِل.
وفي ذكرى التحرير وجدنا أن نلتقي مع بعض الثوار الذين شاركوا في الثورة مع انطلاق شرارتها الأولى في آذار 2011 ليرووا لنا قصتهم مع البطولة و الخطى التي ساروا عليها .
ومن هؤلاء – وكما عرف عن نفسه- المقاتل يحيى عواد- من قرية الزارة في الريف الغربي لمحافظة حمص,فقال: انضممت إلى الثورة والثوار بسبب الظلم الكبير الذي كان واقعاً علينا, ورغم الخطر المحدق بنا بسبب مشاركتنا في الثورة ونحن نعرف القبضة الأمنية المحكمة التي كانت في عهد الديكتاتور بشار الأسد إلا أن ذلك لم يهن من عزيمتنا أنا ورفاقي الثوار, بل كنا مصرين على إسقاط نظامه المجرم ولو كلف ذلك حياتنا , وظننا كان في محله, فلم يترك شبيحة النظام “من الدفاع الوطني وغيرهم” أسلوباً إلا واتبعوه في محاربتنا بغية إسكات أصواتنا وخنق حناجرنا التي كانت تهتف وتهدر لإسقاطه, فقصف شبيحته البلدة و تهدمت البيوت فوق رؤوس الأهالي الصابرين ,ووقفنا صفاً واحداً ندافع عن أرضنا وعرضنا واستشهد شقيقي في إحدى المعارك بتاريخ 17 شباط 2014 , أما أنا فكان مصيري كمصير آلاف السوريين الاعتقال فاعتقلت لمدة ثلاث سنوات في أحد المعتقلات التابعة لأحد فروع الأمن وتعرضت لأبشع أنواع التعذيب خلال التحقيق, و في فترة اعتقالي تهجر جميع أبناء بلدتي ومنهم عائلتي , زوجتي وأولادي الذين استقروا في لبنان الشقيق وبعد خروجي من المعتقل لحقت بأسرتي وبحثت عن عمل لأحفظ ماء وجهي, ولكن قلبي بقي في بلدتي وبلادي الحزينة , وكنت متابعاً للعمل الميداني على أرض الواقع , وعندما بدأت معركة ردع العدوان في 27 تشرين الثاني تسمرت أمام شاشات التلفزيون و المواقع الإخبارية لأعرف تطورات الأمور وكنا جميعاً على ثقة أننا قاب قوسين أو أدنى لنحقق الحلم الذي لم يفارق خيالنا وعندما تحررت حلب كانت الفرحة لا توصف فكانت الخطوة الأهم ومن ثم فرطت حبات السبحة أمام إصرار الأحرار على إسقاط الطاغية.
وختم حديثه قائلاً: الماضي كان أسودا, ولا نحب تذكره , ولولا إصرار الأبطال وتشبثنا بحلمنا لم نصل إلى الكرامة و الحرية في 8 كانون الأول الماضي , فعدنا أدراجنا إلى بلدتنا وبيوتنا نرممها حجراً فوق حجر ونلملم جراحنا , ونحن على ثقة تامة أن القادم أحلى وسنبني بلدنا و سنعيد إعمارها بمحبتنا.
العروبة – مها رجب