إلغاء عقوبات “قيصر” يفتح صفحة جديدة لسوريا

في خطوة هامة تعكس تحولاً دبلوماسياً عميقاً، صوّت مجلس النواب الأمريكي اليوم بأغلبية ساحقة لصالح إلغاء شامل وغير مشروط للعقوبات التي فرضت على سوريا بموجب “قانون قيصر”، هذا القرار، الذي جاء مُدرجاً ضمن قانون موازنة وزارة الدفاع الأمريكية لعام 2026، يمثل تتويجاً لمسيرة دبلوماسية مكثفة قادتها الحكومة السورية الجديدة، مدعومة بحملة قوية من قبل الجالية السورية والمنظمات السورية الأمريكية في واشنطن، إلى جانب مساندة دول شقيقة وصديقة سعت لرفع هذا العبء عن كاهل الشعب السوري، ويأتي هذا التطور السياسي المهم في توقيت بالغ الرمزية، إذ يتزامن مع احتفال السوريين بالذكرى الأولى لتحرير سوريا من نظام بشار الأسد، ليضيف بُعداً جديداً للفرحة الوطنية ويُغلِق صفحة من المعاناة الاستثنائية.

لقد مثّل “قانون قيصر”، منذ إقراره في كانون الأول 2019، أداة ضغط موجّهة ضد النظام السابق لما ارتكبه من جرائم بحق الشعب، لكن استمرار العمل به بعد سقوط ذلك النظام تحوّل إلى عقبة كأداء أمام مسيرة التعافي، وها هي الدبلوماسية السورية في عهد الحكومة الجديدة تحقق انتصاراً يستحق التسجيل، حيث نجحت في نقل الصورة الحقيقية لواقع البلاد الجديد، مُقنعة صنّاع القرار في واشنطن بأن العقوبات التي استهدفت نظاماً طاغياً صارت اليوم تُعيق إعادة إعمار وطن يحاول النهوض من تحت الركام.

سينعكس هذا القرار التاريخي مباشرة على حياة الملايين من السوريين، حيث يُتوقع أن يفتح رفع العقوبات، وعلى رأسها قانون قيصر، آفاقاً واسعة للتعافي، فعلى المستوى الإنساني، سيشعر المواطن بتخفيف المعاناة اليومية، مع تسهيل وصول المساعدات الطبية والإغاثة، وتمكين العائلات المشتتة من التواصل واستقبال تحويلات أبنائها في الخارج دون عوائق، أما اقتصادياً، فهذه خطوة أولى وحاسمة نحو الانتعاش، حيث ستنشط حركة التجارة والاستيراد مما سيؤدي إلى وفرة في السلع وانخفاض الأسعار، كما ستصبح البلاد بيئة جاذبة للاستثمارات الخارجية، خاصة في القطاعات الحيوية، ما سيسهم في استقرار العملة الوطنية وخلق فرص عمل جديدة.

الأثر الأكثر أهمية ربما يكمن في تسريع وتيرة إعادة الإعمار، تلك المهمة الوطنية الهائلة التي تواجه سوريا بعد سنوات الدمار، فبإلغاء العقوبات، ستتمكن البلاد من استيراد المعدات والمواد المتخصصة لبناء البنية التحتية، وعقد شراكات إستراتيجية مع شركات عالمية. ومع أن الطريق نحو التعافي الكامل ما يزال طويلاً وتنتظره تحديات جسام، إلا أن قرار اليوم يزيل واحدة من أكبر العقبات الخارجية التي كانت تعترض هذا المسار.

وبهذا، بينما يستعد مجلس الشيوخ الأمريكي للتصويت على قانون الموازنة الأربعاء المقبل في خطوة أخيرة نحو إقرار الإلغاء، ينظر السوريون إلى الأفق بشعور من الأمل المتجدد. ففي ذكرى تحريرهم الأولى، يأتي هذا القرار ليُذكر العالم بأن إرادة الشعب السوري لم تنتصر فقط على الأرض، بل هي تنتصر اليوم على صعيد السياسة الدولية أيضاً، لتبدأ صفحة جديدة قوامها البناء والازدهار، وتضع الأساس لوطن حرٍّ يعود أبناؤه لبنائه بأيديهم وكرامتهم.

المزيد...
آخر الأخبار