أخيراً،وبعد جهود دبلوماسية مكثفة بذلتها الحكومة السورية، مدعومة بالجالية السورية والمنظمات السورية الأمريكية الفاعلة في واشنطن، إضافة إلى مساندة دول شقيقة وصديقة عملت لرفع هذه العقوبات التي أثقلت كاهل السوريين ، صوّت مجلس النواب الأمريكي على إلغاء غير مشروط” لقانون قيصر”، الذي أُقرّ في كانون الأول 2019 لمعاقبة النظام البائد على جرائم الحرب التي ارتكبها بحق الشعب السوري خلال سنوات الثورة,و بنتيجة تصويت 312 موافقاً، و112 معترضاً.
والحقيقة أن الوصول إلى هذه النتيجة لم يكن سهلاً، فالخطوات بدأت مع إعلان الرئيس الأمريكي خلال زيارته إلى المملكة العربية السعودية في الـ 13 من أيار الماضي، رفع العقوبات عن سوريا، لكن كانت العقبة أمام الإلغاء ،تتطلّب موافقة مجلسي الشيوخ والنواب.
وفي العاشر من تشرين الأول الماضي، صوّت مجلس الشيوخ لصالح الإلغاء ضمن قانون تفويض الدفاع الوطني، وفي العاشر من تشرين الثاني أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية تعليق عقوبات “قيصر” لمدة 180 يوماً، بانتظار موافقة مجلس النواب.
وفي الجانب المقابل،برزت لاحقاً مؤشرات إيجابية متسارعة، منها تصريحات رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب برايان ماست المؤيدة للإلغاء، وتأكيد السيناتور كريس فان هولن دعمه لإلغاء كامل ودون شروط، ليكتمل المسار اليوم بالتصويت داخل مجلس النواب، على أن يُرفع إلى الرئيس ترامب للتوقيع عليه وجعله نافذاً.
ويشكل إلغاء القانون،فرصة ذهبية للدولة السورية التي لم تطلب الأموال ولا المساعدات ،بل أصرت على أن سوريا يجب أن تعتمد على نفسها لإعادة البناء بأسس متينة تراعي مصلحة الشعب بالدرجة الأولى.
اليوم أصبح من حق السوريين التطلع لغد أفضل ينعكس على واقعهم الصعب الذي تراكم خلال سنوات حرب مدمرة أتت على الأخضر واليابس،يحق لهم اليوم أن يمنوا النفس بمتنفس يعطيهم الأمل بحياة كريمة.
وما يأمله السوريون اليوم ،أن يفتح الإلغاء الباب واسعاً أمام عودة الاستثمارات والمساعدات الأجنبية لدعم إعادة الإعمار، وتحسن الوضع الاقتصادي بعد إزالة العقبة الأكبر أمام انتعاش السوق السورية، وتدفق المشاريع الاستثمارية وتحويل سوريا إلى ورشة إعمار وبناء، واستقرار أسعار السلع الأساسية وتوفرها في الأسواق، و إعادة انفتاح الشركات العربية والأجنبية للاستثمار في سوريا، وانتعاش القطاع المصرفي عبر تسهيل عودة العلاقات البنكية بين سوريا والخارج، لتدخل سوريا بهذا الإلغاء مرحلة جديدة يُتوقع أن تحمل فرصاً اقتصادية واستثمارية واعدة، وتفتح الطريق أمام إعادة الإعمار وبناء مستقبل أكثر استقرارا.ً
ويمكننا القول اليوم،أن المهم قد زال،ونحن علينا أن نعمل للبدء بالأهم،هذا الأهم الذي يثبت للعالم أننا قادرون للعودة والوقوف على أرجلنا،فنحن شعب لاينكسر مهما مرت عليه من محن ومآس،والتاريخ يشهد لنا أننا أهل للثقة وللقدرة على تحد العقبات وتجاوزها،بنينا الحضارة السورية التي أدهشت العالم،وها نحن نستعد للعودة والخروج من النفق المظلم الذي لازمنا خلال المرحلة الماضية.
عادل الأحمد