شعلة لن تنطفئ .. إحدى قلاع الصمود الاقتصادي .. مصفاة حمص مستمرة بالإنتاج .. وكوادرها يتميزون بالعمل

تعتبر الشركة العامة لمصفاة حمص إحدى أهم المنشآت الداعمة للاقتصاد الوطني ونظراً لدورها الكبير في تزويد الأسواق المحلية بمختلف المشتقات النفطية ولأنها شريان اقتصادي فعّال جعلت منها العصابات الإرهابية أثناء تواجدها في المحافظة هدفاً لقذائف غدرها لأكثر من 29 مرة علها تتمكن من تحقيق شيء من أهداف مشغليها و آمريها …
ورغم كل التحديات على مختلف الصعد أثبت العاملون في المصفاة أنهم على مستوى عال من المسؤولية وأنهم الأقدر على تأدية واجبهم المهني بكل إخلاص وتفان , وبرهن صمودهم وثباتهم وتميزهم كل في موقع عمله أنهم رديف حقيقي لجيشنا الباسل إذ أنهم كانوا و لايزالون درعاً قوياً مبدعاً لحماية منشأتهم حتى في أصعب الظروف الاقتصادية وحققت المصفاة بجهودهم إنجازات هامة أمنت وفراً مادياً كبيراً ورفدت الأسواق المحلية بالمنتجات النفطية على تنوعها ..

اعتماد على الذات و خلق البدائل
(العروبة) التقت المهندس هيثم مسوكر مدير مصفاة حمص والذي أشار إلى أنه و نتيجة الحرب والعقوبات الاقتصادية الجائرة على بلدنا فإن خطة المصفاة تنبثق من خطة الوزارة في الاعتماد على الذات و خلق البدائل وتأمين المشتقات النفطية لسد حاجة السوق المحلية..
و أكد أن مهندسي وفنيي المصفاة قادرون على تشغيل الوحدات على اختلافها بشكل آمن و صيانة المعدات بشكل جيد وبخبرات محلية قامت وخلال سنوات طويلة ببذل جهود استثنائية لتحضير المزائج المناسبة لعمل وحدات التقطير وللاستمرار في تأمين متطلبات السوق من المشتقات النفطية,لافتا أن كوادر المصفاة استطاعوا التصدي للحصار الاقتصادي وعمل الفنيون والمهندسون على حل كافة المشاكل الفنية بإبداع عال وأثبتوا أنهم جديرون بحمل العبء وقادرون على تخطي الصعاب ومنها عدم القدرة على استيراد القطع للآليات أو عدم استيراد المواد الخام بسبب الحصار الاقتصادي أو حتى الاستعانة بخبرات فنية أجنبية ..
عمرة ناجحة بعد 6,5 سنوات من العمل المستمر
وأشار مسوكر في حديثه عن الوحدة 100 و التي تعتبر من أهم و أكبر و أقدم وحدات التقطير في المصفاة و هي الأكثر مرونة و ضمانة لاستمرارية العمل حمولتها 250 طن خام / ساعة , وبحسب التصاميم الأساسية يتم إجراء عمرة سنوية مدتها 32 يوماً كل عام ..
وأضاف : تم استهداف الوحدة بالقذائف ثلاث مرات من قبل المجموعات الإرهابية وكان أكبرها بتاريخ 9-3-2013 , وتم إجراء عمرة للوحدة في تلك الفترة و إصلاح أماكن الاعتداء و بسبب أهميتها استمر العمل بها منذ ذلك التاريخ دون إجراء أية عمرة سنوية , وعملت خلال الفترة المذكورة على مختلف أنواع الخامات الواردة إلى المصفاة .. وعند توقف الوحدة المفاجئ تم الكشف الأولي على البرج و تبين وجود تآكل كبير وأوساخ على صواني البرج فتمت الموافقة على إجراء عمرة سنوية للوحدة في 4-8-2019 و كان الزمن المتوقع لإنجاز الأعمال المطلوبة 28 يوماً ..
و أضاف مسوكر :عند البدء بالعمل و فتح الأوعية و بدء التنظيف و إجراء الكشف المعمق تبين وجود أعمال جديدة تزيد عن الأعمال التي ظهرت في الكشف الأولي و بشكل خاص بالبرج الرئيسي من أوساخ و تآكل , بالإضافة إلى تهدم آجر وحمالات آجر و صاج الحماية الخارجي و تكسر حوامل أنابيب منطقة الحمل في الفرن , و كذلك وجود أوساخ وتهريب بأغلب المبادلات الحرارية..
تم البدء بتنفيذ الأعمال بجهود مضاعفة و متابعة مستمرة خلال أيام الدوام و الاستراحات الأسبوعية و العطل الرسمية شملت عطلة أيام عيد الأضحى و عيد رأس السنة الهجرية..
تم إنجاز كافة الأعمال المذكورة و بجهود و خبرة عمال و فنيي المصفاة , و رغم تجاوز البرنامج المخطط زمنياً إلا أنه بقي ضمن المدة التصميمية للعمرة السنوية و المقدرة بـ 32 يوماً , و لابد هنا من التنويه إلى أن مدة العمرة المبرمجة و المعتمدة لعام 2019 هي 39 يوماً , ولايفوتنا أن نذكر بأنها عمرة عن ست سنوات و نصف سنة سابقة لم يتم بها إجراء أي عمرة عملت خلالها الوحدة على مختلف أنواع الخامات …
توفير يتجاوز 195 ألف دولار
وأشار مسوكر إلى أنه بالإضافة لكافة الأعمال الاعتيادية تم تنفيذ بعض الأعمال الخاصة و هي هدم وترحيل 30% من آجر سقف الفرن و إعادة بنائه من جديد , إضافة لحوامل الآجر و صاج الحماية الخارجي , و كذلك تم إصلاح حوامل أنابيب منطقة الحمل و تنظيف كافة أنابيب الفرن بالضرب بالرمل وهذا بدوره يؤدي لتحقيق وفر بوقود الحرق , مؤكداً أن كل الأعمال تمت بجودة و فنيات عالية و بجهود العمال ..
وأضاف : تقدر قيمة الأعمال المنفذة بحدود 30 مليون ل.س , كما تمت عمليات صيانة كافة أوعية التبادل من مبردات و مبادلات و غلايات فك و تنظيف و اختبار مشيراً إلى أن هذه العملية تحسن عملية التبادل الحراري و توفر في الحرق و تم تنفيذها محلياً و تحقيق وفر يتجاوز 30 مليون ل.س ..
كما تم تصنيع حزم للمبادلات بدل التالفة و كذلك بدل الأوجه العائمة المهترئة في المبدلات بورش الشركة بوفر يتجاوز 70 ألف دولار
وأوضح أنه تم بشكل خاص فك و تنظيف صواني البرج و تصميم قوالب لتصنيع أخرى جديدة بالإضافة لتصنيع كافة القطع المتآكلة و هذا كله تم في ورش الشركة حيث أن كمية الصواني المصنعة تعادل 35% من صواني البرج , إضافة لصيانة كافة المعدات داخل البرج مما يحسن العمل و ظروف الفصل داخله و ينعكس إيجابياً على إنتاج المشتقات و العائدية و رفع حمولة الوحدة مجدداً و تقدر قيمة الأعمال المنفذة بالبرج حوالي 125 ألف دولار تم توفيرها و الاستغناء عن استيرادها بالعملة الصعبة ..
و أوضح مسوكر أنه تم تنفيذ كافة الأعمال الحرارية المطلوبة بالوحدة من قبل الورش وبوفر يقدر ب20 مليون ل.س , كما تمكنت الكوادر المحلية من إنجاز صيانة كاملة لكافة المعدات الكهربائية والآلات الدوارة بوفر يصل إلى عشرة ملايين ل.س , إضافة لصيانة كافة الأجهزة الدقيقة الموجودة بدارة العمل بوفر يصل إلى خمسة ملايين ليرة , أما أعمال التفتيش الفني على كافة معدات الوحدة كونها تمت بشكل محلي حققت الكوادر وفراً يقدر بخمسة ملايين ل.س , كما تمت صيانة كافة دارات المياه و الهواء و البخار الموجودة بالوحدة بوفر قدره مليوني ل.س , أما عمليات التنظيف و صيانة كافة المعدات في الوحدة تم إجراؤه بوفر يصل إلى عشرة ملايين ليرة ..
وأكد مسوكر أن المحصلة النهائية لإجراء عمرة بعد ست سنوات ونصف السنة من التشغيل المتواصل هي زيادة طاقة التكرير في مصفاة حمص مما سينعكس إيجاباً على المشتقات المنتَجة كماً ونوعاً , وزيادة الإمكانية في عمل وحدات التقطير مما يسمح بإجراء عمرة لوحدة تقطير أخرى وتحسين أدائها , إضافة لزيادة موثوقية عمل الوحدة و إمكانية رفع حمولتها و تحسين الفصل مما سينعكس إيجاباً على المشتقات و تأمين المناورة بعمل وحدات التقطير بحيث يمكن إنجاز عمرة لوحدات أخرى و تحسين أدائها..
تصنيع برج متكامل محلياً و توفير 190 ألف يورو
كما تحدث مسوكر عن تميز الكوادر المحلية بقدرتها على التصدي لظروف الحصار الاقتصادي حيث تمكنت مؤخراً من تصنيع و تركيب وتشغيل البرج 10C3 وهو برج تثبيت النفتا في الوحدة U10 تم إنجاز هذا العمل بخبرات و كوادر الشركة من مهندسين و فنيين و عمال و بزمن قياسي..
و تمكنوا من تحقيق توفير كبير بالقطع الأجنبي إذ أنه لو تم التعاقد مع شركات خارجية لتنفيذ هذا العمل تقدر كلفة تصنيع البرج من قبل الشركات الخارجية بحوالي 200 ألف يورو بينما لم تتجاوز كلفة تصنيعه ذاتياً 10 آلاف يورو,عدا الصعوبات و المعاناة في استيراد وتنفيذ الأعمال ..
وعن وضع البرج القديم ذكر مسوكر أن البرج يقوم بعملية تثبيت النفتا و إنتاج الغاز المنزلي LPG و غازات الضغط العالي التي ترفد شبكة F.G و التي بدورها تخفف من استجرار الغاز الطبيعي ,وبعد ذلك يتم فصل النفتا الخفيف عن النفتا الثقيلة اللازمة كمادة أساسية لعملية إنتاج مادة البنزين و عمله يؤدي إلى استقرار عمل الوحدة ويساهم في إمكانية رفع حمولتها.. ونظراً لقدم البرج حدثت تهريبات متكررة في جسم البرج , و كان يتم إصلاحها من قبل قسم التفتيش الفني و قسم الصيانة العامة و لكن دون جدوى حيث تكررت عملية التهريب , وتم تشكيل لجنة فنية من قبل إدارة الشركة مهمتها دراسة الوضع الفني للبرج و اقتراح الحلول المناسبة و التي خلصت إلى الاستمرار بإصلاح البرج القديم و البدء بأعمال تصنيع برج جديد ..
و بناء عليه باشر قسم الصيانة العامة بإشراف قسم التفتيش الفني في الشركة أعماله بتصنيع البرج الجديد وفق مراحل متعددة ومدروسة كان أولها سحب مادة الصفيح وفقاً لنوع المعدن و السماكة المطلوبة في المخطط التصميمي للبرج علماً أن ارتفاع البرج 22 متراً و بقطر 120 سم للجزء السفلي و 100 سم للجزء العلوي و بعدد صواني 30 صينية من النوع الصمامي ..و تم لف الصفيح بالأقطار و الارتفاع المطلوب و إجراء عمليات الوصل و اللحام ثم تصنيع الدرابزونات و السلالم الملحقة بالبرج ,كما تم تصنيع و تركيب مجمعات وحوامل الصواني داخل البرج من معدن الكروم حسب المخطط التنظيمي , ثم تركيب مآخذ و خطوط البرج من قبل عناصر التمديدات البترولية , وضرب البرج بالرمل ودهنه بالدهان المناسب من قبل عناصر قسم الصيانة المدنية ,ثم عزل البرج والخطوط المرتبطة ..
تلتها خطوات نقل البرج الجديد من مكان تصنيعه إلى موقع البرج الأساسي في الوحدة 10 حيث بوشر بأعمال تركيب البرج مع كافة ملحقاته لحقتها عمليات اختبار البرج و ضغطه للتأكد من سلامته و جاهزيته ثم وضعه في دارة العمل , و كانت نتائج عمليات الفصل و تثبيت النفتا بالمواصفات النظامية للمنتجات ..و أدى البرج دوره الوظيفي بشكل كامل .
تصنيع برج التقطير 22C3 وتوفير 190 ألف يورو
و أضاف مسوكر : تمكنت كوادرنا المحلية من تصنيع البرج 22C3 في الوحدة U22 و بزمن قياسي و تحقيق توفير كبير بالقطع الأجنبي إذ أن تكلفة التصنيع من قبل الشركات الخارجية تصل إلى 200 ألف يورو بينما لم تتجاوز تكلفة تصنيعه ذاتياً 10 آلاف يورو ..
و أوضح مسوكر أن البرج 22C3 يقوم بتثبيت النفتا و ذلك بتخليصه من الغازات المرافقة له و إنتاج مادتي النفتا اللازمة كمادة أساسية لإنتاج البنزين و الغاز المنزلي LPG , ونظراً لقدم البرج أصاب جسمه تآكلات متكررة تم إصلاحها من قبل قسم الصيانة العامة ولكن مع تكرار التآكلات بشكل متزايد استدعى الأمر إجراء كشف كامل لجسم البرج من قبل قسم التفتيش الفني و تبين أنه متآكل و يجب استبداله .. و بدأت الورشات بمراحل التصنيع و التي كان أولها سحب ماد الصفيح المطلوب ولف الصفيح بالقطر المطلوب و إجراء عملية اللحام و الوصل , وتركيب المنهولات و صفائح التقوية لها على جسم البرج ثم تصنيع و تركيب مجمعات وحوامل الصواني داخل البرج و تركيب مآخذ وخطوط البرج حسب المخطط التصميمي, تبعته عمليات إنهاء تصنيع البرج بتركيب حوامل السلالم و الدرابزونات ثم ضرب البرج بالرمل و دهانه بالدهان المناسب ..
إصلاح الضاغط محلياً بعد الوصول للوضع الحرج
و تحدث مسوكر عن أهمية و عمل الضاغط 500K1A إذ يقوم بتقليب أو تدوير الهيدروجين في دارة المفاعلات ,حيث يقوم ضاغط التقليب بجرف مركبات التفاعلات أثناء عمليات أو تفاعلات التحسين و بذلك تتجدد المركبات الهيدروكربونية على وسيط التحسين الموجودة ضمن المفاعلات الثلاث.
و أكد أنه لايمكن تشغيل وحدة التحسين بالتنشيط المستمر دون جاهزية ضواغط التقليب K1A,B500 و بالتالي توقف وحدات إنتاج البنزين
و ذكر أن الضاغط طارد مركزي بستة مراحل يقوده توربين على البخار يضغط مادة الهيدروجين وتبلغ سرعة الدوران 5700/rpm وضغط الدخل 11,5 bar و ضغط الخرج 12,93 bar و الكمية 36000nm3/h و درجة حرارة الدخل 38 درجة مئوية و درجة حرارة الخرج 50 درجة مئوية
و بسبب التهريب المتكرر و الصرف الزائد للزيت و الوصول للوضع الحرج حيث وصل الصرف اليومي إلى 1200 لتر باليوم … تم فك الضاغط بالكامل و تبديل روتر الضاغط بالكامل أيضا و تبديل جميع الموانع الداخلية و عددها 24 مانعة , بالإضافة لتبديل كل موانع الغاز بكافة أشكالها, وتبديل كل المحامل القطرية و المحورية في الضاغط (المضاجع) , و تبديل كل المحامل القطرية و المحورية في التوربين (المضاجع), وتصنيع حساس الانزياح للتوربين و قاعدته في ورش المصفاة , وصيانة منظومة التحكم و المراقبة و الإنذار و معايرة كافة الأجهزة الدقيقة , وضبط محورية الضاغط مع التوربين بعد تبديل القارنة بينهما ..
و أكد مسوكر أنه تم الإقلاع بالضاغط على السرعات البطيئة لمدة أسبوع و 72 ساعة بالسرعة ووضعه بالعمل و كانت كافة البارمترات ضمن الحدود الموصى بها من الشركة الصانعة و بقيم أفضل مما تصل إليها الخبير حيث أصبح صرف الزيت بحدود 150 لتراً/ يوم بينما كانت نتيجة الخبير 245 لتراً/ يوم,ونتيجة نجاح عملية الصيانة اكتسبت كوادرنا القدرة و المعرفة و الثقة مما انعكس إيجاباً و شجع على البدء بعمرات لبقية الضواغط في الشركة (حالياً في الوحدات 28 و12) بالإضافة للأمان الحاصل للعملية الإنتاجية بعد وضع الضاغطين بالخدمة ..
منتجات كثيرة ومتنوعة
وذكر مسوكر في حديثه أن منتجات المصفاة متعددة والهدف الأول رفد السوق المحلية بالمشتقات الأساسية من غاز منزلي وبنزين بنوعيه وكيروسين طيران و مازوت .. ونحن نعمل جاهدين على المحافظة على المصفاة بجاهزية تامة …
و أكد أنه لابد من الإشارة أنه في ظل الظروف الحالية بحجم العمل الكبير الموجود و تداخل الأعمال كان من الصعب إنجاز هذا العمل بهذا الزمن لولا الجهود المميزة لكادر المصفاة و المتابعة الحثيثة لتأمين مستلزمات العمل و بحسب الإمكانيات المتاحة ..
هنادي سلامة – محمد بلول

المزيد...
آخر الأخبار