جدد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري التأكيد على تصميم سورية على بسط سيادتها على محافظة إدلب بالكامل وأنها لن تسمح بتحولها إلى كهوف جديدة للإرهابيين.
وقال الجعفري خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي أمس حول الحالة في الشرق الأوسط: إدلب جزء غال من سورية والدولة مصممة على بسط سيادتها عليها بالكامل عندما ترى ذلك مناسبا وهذا حق يضمنه ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي مع إعطاء فرصة للعمل السياسي والدبلوماسي مشددا على أن “الدولة السورية لن تسمح بأن تتحول إدلب إلى كهوف جديدة لتورا بورا وهذا الأمر محسوم”.
وأضاف الجعفري: إن ما يدعو للاستهجان أن بعض الدول الغربية التي تباكت زيفا على الوضع في مدينة إدلب وأطلقت التهديدات بحجة حرصها على حماية المدنيين بالمدينة لم تحرك ساكنا تجاه قيام المجموعات الإرهابية فيها باستهداف المدنيين الأبرياء في مدينة حلب بعشرات قذائف الحقد العشوائية صباح الأربعاء الماضي ما أدى إلى استشهاد وجرح العشرات كما لم نسمع أي تصريح من المبعوث الخاص ستافان دي ميستورا ولا من الأمين العام ولا من أعضاء مجلس الأمن.
وردا على المندوبة البريطانية حول إدلب قال الجعفري “نحن لا نتحدث عن غلاسكو ولا عن مرسيليا نحن نتحدث عن إدلب التي هي جزء عزيز من أراضي الجمهورية العربية السورية”.
وأوضح الجعفري أنه “عندما يكون هناك إرهاب يتهدد أي دولة فمن الطبيعي أن تقوم الحكومة مباشرة بمكافحته.. فماذا عن 30 ألف إرهابي أجنبي موجودين في إدلب قصفوا حلب قبل يومين.. هذا هو الخرق للاتفاق الروسي-التركي وليس نية الحكومة السورية في استعادة سيادتها على جزء غال من ترابها يتحكم فيه الإرهابيون حاليا”.
وقال الجعفري “نعم سنستعيد إدلب.. أنا قلت سنستعيد سيادتنا على إدلب عندما ترى الحكومة أن الوقت مناسب لذلك.. يعنى هذا الكلام أنه عندما نتأكد أن العمل السياسي والدبلوماسي قد فشل في إعادة هذا الجزء الغالي من ترابنا إلى السيادة الوطنية”.
“التحالف الدولي” غير الشرعي يستهدف كل شيء إلا المجموعات الإرهابية
وأوضح الجعفري أن ما يسمى “التحالف الدولي” غير الشرعي الذي تقوده الولايات المتحدة أقدم مساء يوم الجمعة الماضي على ارتكاب جريمة نكراء طالت عشرات المدنيين السوريين حيث استهدفت طائراته بشكل متعمد المنازل السكنية في قريتي السوسة والبوبدران في ريف محافظة دير الزور الجنوبي الشرقي ما أدى إلى استشهاد 62 مدنيا معظمهم نساء وأطفال وجرح عدد كبير بعضهم في حالة حرجة.
وبين الجعفري أنه تم إعلام مجلس الأمن عبر 96 رسالة رسمية بالجرائم المروعة التي يرتكبها هذا التحالف اللاشرعي بحق المدنيين السوريين فهو يستهدف كل شيء إلا المجموعات الإرهابية ومع ذلك ورغم سلبية تعامل بعض أعضاء المجلس مع هذه الجرائم وانضمام المبعوث الخاص إليهم في تجاهل هذه الجرائم وعدم الإشارة إليها في تقارير الأمانة العامة التي تدعي المصداقية وهي بعيدة جداً عن ذلك فإننا نطالب بمساءلة الجناة وابتعاد بعض الدول التي تعتبر نفسها مدافعا عن حق الإنسان في الحياة عن عضوية هذا التحالف المشؤوم اليوم وقبل الغد.
وأشار الجعفري إلى أن “من دعوا إلى عقد جلسة مجلس الأمن اليوم إنما يحاولون تفريغ التعاون بين الحكومة السورية والأمم المتحدة وهو تعاون أثمر الكثير من الايجابيات على مدى سنوات الأزمة” مؤكدا أن “ما طرحه بعض أعضاء المجلس حول عدم رغبة الحكومة السورية بالانخراط في أي تعاون مع المنظمة الدولية لا يستوي مع الوقائع فسورية دولة مؤسسة في الأمم المتحدة وتم انتخابها لعضوية مجلس الأمن ثلاث مرات اي ليست حديثة العهد بأهمية هذه المنظمة الدولية ولا بأهمية هذا المجلس”.
وبين الجعفري أن “الحكومة السورية انخرطت في محادثات جنيف منذ بدايتها بإيجابية وانفتاح وتعاملت بشفافية مع المبعوث الخاص منذ توليه منصبه كميسر للحوار السوري السوري قبل ما يزيد على الأربع سنوات” مؤكدا أن الحكومة السورية كانت ولا تزال حريصة على إنجاح مهام المبعوث الخاص لأن هذا النجاح يصب في مصلحة الشعب السوري وهو الأمر الذي برهنت عليه الحكومة السورية في معرض تعاملها مع المبعوثين السابقين كوفي عنان والأخضر الابراهيمي.
وأشار الجعفري إلى أن الحكومة السورية شاركت بإيجابية كاملة في مسار أستانا كما تعاطت بشكل إيجابي مع مخرجات مؤتمر الحوار الوطني السوري السوري في سوتشي ومازالت متمسكة بنتائجه التي تمثلت بالاتفاق على تشكيل لجنة لمناقشة الدستور الحالي التي يمكن للمبعوث الخاص القيام بدور الميسر لأعمالها موضحا أن الحكومة السورية كانت أول من قام بتسليم قائمة المدعومين من قبل الدولة السورية لهذه اللجنة الى المبعوث الخاص لأنها مؤمنة بأهمية دور الأمم المتحدة في تيسير الحوار السوري السوري وليس فرض وصاية على هذا الحوار.
ولفت الجعفري إلى تعاون الحكومة السورية مع وكالات الأمم المتحدة الموجودة في دمشق و28 منظمة غير حكومية دولية ومع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية كما شاركت في عشرات الاجتماعات حول هذا الموضوع وكذلك شاركت بعثة سورية في نيويورك في 56 اجتماعا لمناقشة تقارير الأمم المتحدة وهو برهان على تعاون سورية الكامل مع المنظمة الدولية.
وبين الجعفري أن اجتماع مجلس الأمن أمس للاستماع إلى إحاطة المبعوث الخاص إلى سورية يعقد بعد يومين من الذكرى السنوية لإنشاء منظمة الأمم المتحدة التي تعد سورية من الدول المؤسسة لها والموقعة على ميثاقها الذي كرس مبدأ احترام سيادة واستقلال الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ورفض جرائم العدوان والتدخل في الشؤون الداخلية للدول وتقويض السلامة الإقليمية للدول الأعضاء مشيرا إلى أنه رغم مضي 74 عاما على إنشاء المنظمة واعتماد تلك المبادئ النبيلة فإنه من المخزي أن نرى هذه القيم تتعرض للإنكار ويضرب بها عرض الحائط من قبل دول بعضها أعضاء دائمون في هذا المجلس.
مخططات أعداء سورية مؤذية لكنها أمام إصرار وصمود شعبنا واهية كبيوت العنكبوت
وأشار الجعفري إلى أن بعض هذه الدول تآمر على سورية بشن حرب إرهابية عليها مستمرة منذ أكثر من سبع سنوات لم يسبق لها مثيل في التاريخ وترافقت مع إنشاء قواعد عسكرية لرعاية وحماية الإرهابيين الذين استقدموهم من زوايا الأرض الأربع وأطلقوا عليهم اسم “المعارضة المسلحة المعتدلة” مؤكدا أن مخططات أعداء سورية مؤذية لكنها أمام إصرار وصمود شعبنا واهية كبيوت العنكبوت.
وأكد الجعفري أنه انطلاقا من احترام سورية لدور الأمم المتحدة في تيسير الحوار بين السوريين التقى نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم في دمشق المبعوث الخاص دي ميستورا قبل يومين حيث جرى خلال اللقاء بحث الجهود المبذولة من أجل إحراز تقدم في المسار السياسي للأزمة ومتابعة الأفكار المتعلقة بالعملية السياسية ولجنة مناقشة الدستور الحالي التي كان قد تم بحثها في اللقاء الذي جمع الوزير المعلم والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في نيويورك على هامش أعمال الدورة الـ 73 للجمعية العامة للأمم المتحدة.
وشدد الجعفري على أن سورية تؤمن بميثاق ودور الأمم المتحدة الذي تنادى له مؤسسو المنظمة الدولية وهو دور يستند إلى قوة القانون وليس إلى غطرسة القوة ويحترم سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية لا أن تنشئ دولة دائمة العضوية معسكرا للإرهابيين في منطقة التنف السورية وتنشر قواتها العسكرية فيها فهذا انتهاك لأحكام الميثاق.
وجدد الجعفري التأكيد على أنه ليس هناك من هو أحرص من الحكومة السورية على إنهاء الأزمة المستمرة منذ أكثر من سبع سنوات فنحن المتضرر الأول والأخير من هذه الحرب الإرهابية التي استهدفت الدولة السورية وقتل شعبها وتدمير بناها التحتية بهدف إيصال سورية إلى “مرحلة الدولة الفاشلة” لكننا أفشلنا هذا المخطط مبينا أن هذا الحرص تجلى بانفتاح الدولة على المبادرات الهادفة إلى مكافحة الإرهاب وحل الأزمة من خلال تسوية أوضاع من تورط في هذه الحرب وتحقيق المصالحة الوطنية حقنا للدماء وصيانة لوحدة سورية أرضا وشعبا.
إنشاء لجنة لمناقشة الدستور الحالي تمثل المجتمع السوري وتلبي طموحاته أحد طرق الخروج من الأزمة
وشدد الجعفري على أن إنشاء لجنة لمناقشة الدستور الحالي تمثل المجتمع السوري وتلبي طموحاته هو أحد طرق الخروج من الأزمة ولذلك فإن الدولة السورية تنظر إلى اللقاء الذي تم بين الوزير المعلم والأمين العام للأمم المتحدة على هامش أعمال الجمعية العامة في دورتها الحالية إضافة إلى المشاورات التي جرت مع المبعوث الخاص مؤخرا في دمشق على أنها بداية لعمل يعكس تعاوننا الإيجابي مع المبعوث الخاص.
وأشار الجعفري إلى أن سورية مقتنعة بأن التنسيق مع الضامنين الروسي والإيراني لإيجاد حلول مدروسة للجوانب التي تضمن الوصول إلى تشكيل لجنة لمناقشة الدستور الحالي تقوم بعملها بشكل سلس وبما يحقق تطلعات أبناء الشعب السوري إنما يلعب دورا مهما في الوصول إلى ما نصبو إليه وخاصة أن مؤتمر سوتشي للحوار الوطني السوري السوري هو الذي أنشأ فكرة تشكيل لجنة مناقشة الدستور وليس المبعوث الخاص ولا اجتماعات جنيف ولا أستانا فالسوريون قرروا في سوتشي إنشاء اللجنة مؤكدا أن تحديد مهل زمنية مصطنعة إضافة إلى الأفكار التي لا تخدم هدف التوصل إلى الحل المنشود لن يكون أمرا ذا نتائج إيجابية على طريق تحقيق ما تتطلع إليه سورية.
وأكد الجعفري أن الحكومة السورية ستقوم بكل جهد إيجابي لتحقق ما يتطلع إليه الشعب السوري ومحبو سورية الحقيقيون وجميع الذين يتطلعون إلى بناء عالم خال من الإرهاب وتعزيز قيم الميثاق وتحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة والعالم وهي على استعداد لإتمام التعاون مع الأمم المتحدة للوصول إلى النتائج المرجوة.