وقع في يدي كتاب الأديب أحمد الجندي –رحمه الله –بعنوان : ( لهو الأيام –مذكرات سنوات المتعة والطرب والثقافة )
يقع الكتاب في ثلاثمائة صفحة ,يعرض فيه جانباً من مجالس الشعراء في حمص في النوادي والمقاهي في الفترة التي أقام فيها في حمص (1925-1932)
وقد خص الأديب الراحل أحمد الجندي حمص بصفحات عديدة من هذا الكتاب لأنه أمضى ردحاً من حياته فيها ، طالباً في المدرسة الإنجيلية التي التحق بها عام 1928 وفيها تعرف على أدباء حمص وهم : محي الدين الدرويش ورفيق فاخوري ورضا صافي وغيرهم من شعراء حمص .. ويتحدث عن صديق عمره وهو الشاعر رفيق الفاخوري ,إذ امتدت صداقته معه من عام 1928 وحتى عام 1975 أي قرابة ستين عاماً تاريخ وفاة الفاخوري.
وقد شارك الأديب أحمد الجندي في حفل تأبين الفاخوري بقصيدة منها هذا البيت :
-سألوني رثاء فقلت مهلاً كيف أرثي من كان فيه بقائي
ويروي الجندي كيف كان صديقاً لمحي الدين الدرويش وكيف تعرض له ذات مرة في إحدى قصائده لأن الدرويش تركه وذهب للسهر مع آخرين ويقول الجندي في تلك القصيدة :
يا صاحباً لست أدري كيف ألقاه
دنياي في البعد أمست غير دنياه
ولى وخلفني ريان من أسف
وليت أني أسلوه فأنساه
وقد أخذ الشاعر محي الدين درويش هذه القصيدة على محمل العتاب الجميل فلم ينزعج من صديقه الجندي بسبب هذه القصيدة .
كما ورد في هذا الكتاب أن الشاعر نبيه سلامة ذكر أمام الدرويش والفاخوري والجندي أنه رأى في منامه أن الدرويش قد مات و رثاه بقصيدة فيها هذا الشطر :(رحمة الله على الدرويش مات)
فأكمل الجندي والفاخوري وسلامة الرثاء فجاءت القصيدة من ثلاثة أبيات غير أن محي الدين الدرويش قد رد على أصدقائه بقصيدة هجاء لأنهم رثوه وهو على قيد الحياة ومنها :
لعنة الله على القوم البغاة
قد نعوني سلفاً قبل الممات
ومشوا للغي صفاً واحداً
وأبو النور يقود الحملات
ما رأى الناس لنور شبها
حين يمشي في سبيل التعرضات
وأبو النور هو صديقهم المشترك وهو راو للشعر وليس شاعراً واسمه محي الدين طليمات .. وقد عمل على نشر القصيدتين ( رثاء الدرويش وهو حي ) ورد الدرويش على ذلك .
ويتحدث الجندي عن دراسته في التجهيز في حمص التي انتقل إليها من المدرسة الانجيلية وساعده في ذلك عبد الحميد الحراكي مدير المعارف بحمص آنذاك وعندما توفي أقيم له حفل تأبيني كبير في حمص وقد ألقى الجندي قصيدة في رثائه منها هذان البيتان :
ذكراك ماتنفك في خلدي
ياحمص يادنياي يابلدي
ويفرد الجندي فصلاً للحديث عن الأديب عيسى أسعد مؤلف كتاب ( تاريخ حمص ) في عدة أجزاء ويخصص صفحات للحديث عن مطربة حمصية اشتهرت في أواخر العشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي واسمها «خيرية السقا» وكذلك شقيقتها ملكة وكانتا تغنيان برفقة عازف القانون سليم غزالة .. وقد أجادتا في غناء قصيدة أبي صقر الهذلي ومنها :
عجبت لسعي الدهر بيني وبينها
فلما انقضى ما بيننا سكن الدهر
فيا حبها زدني جوعاً كل ليلة
ويا سلوة الأحباب موعدك الحشر كتاب ( لهو الأيام –مذكرات سنوات المتعة والطرب والثقافة ) للأديب الراحل أحمد الجندي يوثق المساجلات الشعرية بين الشعراء الحمامصة في تلك الأيام ويغني كل راغب بالاستزادة من تلك المعارضات الشعرية الراقية .وموجود في مكتبة المركز الثقافي للراغبين بالاطلاع عليه .
المزيد...