(أوغاريت أسطورة البحر والقلم ) محاضرة للعاديات تبين حضارة هذه المدينة من خلال (الرُّقم).؟!

بدعوة من جمعية العاديات  ومديرية الثقافة  في حمص ألقى الدكتور علي صقر أحمد محاضرة بعنوان (أوغاريت أسطورة البحر والقلم ) بين من خلالها الأهمية الحضارية في العالم لأوغاريت في الألف الثاني قبل الميلاد . من خلال دراسة وشرح أسطورة الملك كرت وأسطورة أقهات بن دانيال  عن طريق  دراسة الرقم التي وجدت في موقع اوغاريت وترجمتها إلى اللغة العربية .
قصيدة تحكي ملحمة الملك (كرت).؟
حيث شرح المحاضر تفاصيل كثيرة حول  ملحمة الملك الأوغاريتي ( كرت) من خلال ثلاثة رقم نقش عليها قصة هذا الملك ، اكتشفت بين عامي (1930 – 1931م) ، وبين أن بعض الأسطر في هذه الملحمة تعرَّضت للتشويه بشكل كامل والبعض الآخر غابت بعض سطوره ؛ مما أدى إلى غياب الكثير من التفاصيل والمعلومات التي كان من الممكن أن تساعد في تكوين  حقيقة كامل الملحمة . ومع ذلك فإن الخطوط العامة للقصيدة التي نقشت على هذه الرقم واضحة .
وأشار الدكتور صقر أن  أحداث هذه المقطوعة الأدبية الأوغاريتية حول الملك الأسطوري (كرت) تبين أنه يفقد أفراد أسرته ، ثم يحاول الحصول على نسل جديد ، وستقوم الآلهة وعلى رأسهم كبيرهم الإله (إيل) الذي يرشده على مايجب أن يقوم به للحصول على الأميرة ابنة ملك  (أدوم) وهو ( فابل) .
الاوغاريتيون يحضرون المسرح.؟
    ويتابع المحاضر حديثه بالقول :إن السرد الشعري والأدبي الذي استخدم في هذه الملحمة يوحي بأنها كانت تغنى على مسرح يحضره الأوغاريتيون ، وربما كان هناك المنشد الذي يردد الأحداث غناءً  ثم تكررها المجموعة ، وهذا ما يفسر تكرار بعض السطور . ولعل اللغة الراقية التي استخدمت في تدوين الملحمة تشير إلى المستوى الكبير الذي وصل إليه الأديب والشاعر الأوغاريتي الذي استخدم تعابير أدبية فنية عالية المستوى والمدلول .
إن ذكر ( صيدا – صور ) يشير على أن مملكة فابل كانت تقع في مناطق بعيدة من أوغاريت ، ربما يستطيع علماء الآثار في القادم من الأيام اكتشافها..؟
النص بالأحرف المسمارية الأوغاريتية :
 ويضيف الأحمد :البداية مفقودة في مقدمة الرقم ، وعندما يبدأ النص نرى المنشد يدعو الجمهور لينوح على الملك العادل ( كرت) الذي بقي بدون خلف يرث مملكته ،،،،، لأنه فقد زوجاته و أولاده السبعة .
ثم يصف الطريقة التي قتل بها أولاده ؛ فمنهم من مات موتا ً طبيعياً ، ومنهم من قتل بحد السيف أو المرض (الوباء) ، أو الغرق في البحر .

أسطورة أقهات بن دانيال
  حاول المحاضر ايضاح تفاصيل الكتابة التي وجدت على الرقم للتأكيد على المستوى الحضاري لاوغاريت حيث بين أن   هذه الأسطورة دونت على ثلاثة رقم طينية، تم اكتشافها عام 1930م.
تتخلل الأسطورة فجوات وتشوهات كثيرة وخاصة الرقيم الثالث، وبالتالي فإن تفاصيل كثيرة قد اختفت كانت ستضيف الكثير إلى معلوماتنا، إلاّ أنّ ما تبقى منها يعطينا الفكرة العامة للقصة.
أحداث الأسطورة :
     تروي القصة حكاية رجل نبيل اسمه (دانيال) تبتليه الأقدار بحرمانه من الذرية – فيقدم النذور والأضحيات  ، ويطلق الابتهالات لتهبه الآلهة ولداً ذكراً يهتم به كبيراً ويحميه من أعدائه ويغسل ثيابه عندما تتسخ ويرافقه إلى البيت عندما يثمل، تستمر الابتهالات سبعة أيام فيستجيب لدعائه الإله (بعل) ويتوسط لدى الإله الأكبر (إيل) ليمنحه الإخصاب ، وتتحقق الإرادة الإلهية ويحصل (دانيال) على الولد الذكر، فيقيم الاحتفالات بحضور آلهة الولادة (كوثارت).
تستمر الأحداث ونقرأ أن إله الفنون والحرف (كوثار، خاسيس) توجه إلى دانيال حاملاً بيده قوساً سحرية، فيأمر دانيال زوجته بأن تقيم على شرفه مأدبة عظيمة، فتحظا الوليمة بإعجاب الإله فيقدّم القوس هدية لدانيال الذي يهبها بدوره إلى ابنه الفتى (أقهات) ويطلب منه أن يتعلم الصيد ويقدّم باكورة صيده للآلهة (فجوة في النص) تكشف السطور بعد الفجوة عند مشهد الإله (عنات) التي تشاهد القوس في يد (أقهات) فتنبهر بها وتنوي الحصول عليها، فتعرض على الصبي الكثير من الذهب والفضة، لكن أقهات يرفض وتتعدّد مزايا القوس الفريدة، ثم تحاول (عنات) مرة أخرى، ولكن هذه المرة تغرية بإعطائه الخلود، ويجدد رفضه، بل ويوجه لها الشتائم والإهانات ويصفها بالخداع والكذب وعدم مقدرتها على وهب الخلود.
ويبدو أن الغضب أخذ في قلب (عنات) أشدّه، فتهدده بالانتقام، فتعود إلى مقرّ أبي الآلهة (إيل) غاضبة وتهدده بالقتل المريع إن لم يساعدها بالحصول على القوس، فلا يجد الأب الشيخ الطيب إلا الاستجابة لرغبة ابنته الدموية القاسية، ثم تعود (عنات) إلى أقهات.. رغم وجود فجوة كبيرة في النص .
لكن تعود الأحداث بمشهد عنات التي تحيك المؤامرات مع شخصية اسمها (يطفن) من أجل الانتقام من (أقهات)، وينتهي الاتفاق بأن تحوّل عنات يطفن إلى (نسر) ثم تخفيه وتطير به مع سرب من النسور فوق أقهات ثم تطلقه فيهجم عليه ويقتله ، ويبدو أن ملامح الموت على الطبيعة قد أوحت للأب بموت ابنه وينطلق مقسماً على الانتقام، وهنا يرى النسور تحوم فوق رأسه فيطلب من الإله (بعل) أن يكسر أجنحتها فيستجيب.
وبدأت تتساقط الواحد إثر الآخر بين قدمي (دانيال) فيقوم بتمزيق أحشائها والبحث فيها عن رفات ابنه  ، و في النهاية يجد ضالته في أحشاء أم النسور (صمل)، فيدفن عظام ابنه ويهدد النسور ويقيم الأحزان سبع سنوات.
وثمة لوح يفهم من سطوره نهاية القصة؛ حيث تستلُّ (بوغات) السيف وتقطع رأس (يطفن)…
وكانت الخاتمة بعودة البطل حيّاً ثم عودة كل مظاهر الخصب إلى الطبيعة وانبعاث المطر.
نشير أن الدكتور علي صقر أحمد يحمل شهادة دكتوراه في اللغات القديمة والآثار من جامعة حلب  ويدرس المواد المتعلقة بالتاريخ القديم واللغات القديمة والآثار في قسم التاريخ في كلية السياحة ويقوم بمشروع وطني ثقافي كبير وهو عملية توثيق و ترجمة كل النقوش التدمرية الآرامية
وفي تصريح للعروبة  أشار الدكتور علي أن محاضرته بينت أهمية أوغاريت الكنعانية في موقع رأس شمرا وعرفت بشكل كتابي ونوعي بالكتابات والنصوص وأهم الملامح الثقافية الحضارية وخاصة فيما يتعلق بموضوع الكتابات والقصائد الدينية الفلسفية الشعرية التي كتبت بقافية موحدة وكانت تغنى على المسارح مع عزف الموسيقى وهي ظاهرة لم نلحظها في أي من مراكز التحضر العالمي على الإطلاق إلا في اوغاريت السورية .
متابعة : ميمونة العلي

المزيد...
آخر الأخبار