صدر مؤخراً ديوان الشاعر المهجري نصر سمعان وقدم له وأنجزه الدكتور حسان أحمد قمحية ويقع الديوان بأكثر من ثلاثمائة صفحة من القطع الكبير وتضمن مقدمة باسم معد الديوان ولمحة عن حياة الشاعر وسيرته الأدبية ومن ثم قصائد الشاعر التي وردت حسب القافية التي كتبت بها و تسلسل الأحرف الأبجدية و البحر الشعري الذي كتبت به القصائد .وللإضاءة على هذا الديوان سوف نتوقف عند أهم المحطات التي ذكرها الدكتور حسان احمد قمحية الذي أخذ على عاتقه إصدار سلسلة من دواوين الشعراء المغتربين للتعريف بهم وبنتاجاتهم الشعرية وتقديم الإضاءة النقدية على تلك الآثار الإبداعية .
في مقدمة الديوان يقول الدكتور حسان إنه بدأ منذ أكثر من سنة بالعمل على دراسة قصائد الشاعر المهجري نصر سمعان حيث أنفق جهداً كبيراً وأمضى وقتاً طويلاً في البحث عن ديوانه وتبين له أن الديوان غير موجود في المكتبات الخاصة،،ومعظم المكتبات العامة على أقل تقدير. مثله مثل كثير من دواوين الشعر المهجري ،ويضيف :أنه وبعد الانتهاء من دراسة الديوان وجد أن إعادة نشر الديوان عمل جدير بالاهتمام لفقدان الديوان القديم من الأسواق ومعظم المكتبات العامة وبسبب ما لمسه من جمال شعري فريد يستحق النشر والانتشار.
وأوضح د.حسان أنه اعتنى بمحتواه من جديد بضبط كلماته وشرح بعض ما استغلق من مفرداته وتعابيره مستخرجاً بحور قصائده وإعادة ترتيبه أبجدياً حسب القوافي مع وضع بعض الفهارس المفيدة وهذا ما لم يكن موجوداً في طبعة الديوان الأولى الصادرة عام 1986 وبذلك يحقق غايتين الأولى يوفر قصائد الشاعر من جديد للباحثين وضبط القصائد وترتيبها والاعتناء بها بما يسهل أي دراسة أخرى من جهة ثانية .
وعندما كان يقارن قصائد الديوان الواردة في الديوان القديم بتلك التي وردت في إعداد مجلة العصبة أو غيرها من الكتب والمجلات المتاحة وجد الاختلاف والنقص في عدد من هذه القصائد فأشار لذلك في الحواشي وأضاف النواقص إلى المتن ،كما لاحظ غياب بعض قصائد الشاعر تماماً عن الديوان القديم فضلاً عن اكتشافه لأبيات متفرقة ربما كانت جزءاً من قصائد لم يعثر عليها وقد دوّن كل ما عثر عليه وذكره في متن الديوان الجديد .
ويشير د.حسان انه لاحظ اختلاف عناوين القصائد في الديوان وفي المجلات لذلك كان يجزم أن عناوين قصائد الشاعر نصر سمعان اجتهد في وضعها جامع الديوان الأصلي إن لم تكن جميعها فمعظمها وذلك تسهيلاً للفهرسة فلم يكن هناك فيما مضى من زمن الشعر اهتمام بما هو مدرج اليوم تحت اسم شعرية العنوان ، لذلك فقد اجتهد قدر المستطاع في وضع عناوين جديدة ومناسبة للقصائد التي لم يكن لها عنوان وإنما جاءت تحت مسميات خاصة بمناسبة أو عرض شعري بهدف توحيد العنونة ، كما أعاد د . حسان توزيع بعض القصائد من خلال تجزئتها إلى مقاطع متناغمة بسبب وجود ذلك الاختلاف في الديوان وغيره من المراجع دون تغيير ترتيب الأبيات كما وردت . وأخذ د . حسان من دراسته للديوان التي جاءت عتبات النص في ديوان الشاعر المهجري نصر سمعان دراسة أدبية مقتطفات موجزة من سيرة الشاعر الأدبية وحياته وجعلها في بداية الديوان تيسيراً على أي بحث لاحق يتناول شعر هذا الشاعر الكبير.
وقد اعتمد د.حسان في ترتيب قوافي القصائد على أكثر الأقوال تداولاً حيث أخذ بعين الاعتبار الترتيب حسب الروي المتفق عليه في القوافي .
ومما يذكر أن الشاعر نصر سمعان شاعر كبير من شعراء المهجر الأمريكي الجنوبي وأحد أعضاء العصبة الأندلسية في سان باولو بالبرازيل وهي أهم رابطة أدبية عربية في أمريكا اللاتينية وهو من مواليد بلدة القصير عام 1905 حيث تلقى علومه الابتدائية ودرس سنة واحدة في المدارس العلمية الأرثوذكسية عام 1915 وتحت ضغط الحياة بمختلف أشكالها وأمام إغراء الأخبار الواردة من العالم الجديد «أمريكا » عن سعة الرزق وكثرة المال غادر إلى البرازيل في سن مبكرة مع صديقه الشاعر المهجري حسني غراب عام 1920 حيث بدا له الأمر على غير ما ظن واشتهى .
وبذلك بدأ معاناته في المهجر حيث تفجرت موهبته الشعرية بمجموعة القصائد التي تضمنها الديوان ، كما كان للشاعر بعض النثر وكان مجيداً فيه .
ويرى د.حسان في نهاية تعريفه بالشاعر نصر سمعان وبعد دراسة انتاجاته الشعرية: أن شعر نصر سمعان كان مرآة صادقة لنفسه الرفيعة وذاته النقية ، مرآة لقضايا عصره وصدق مبادئه وحبه العميق لوطنه ولغته العربية الفصيحة ولكل شيء يمت إلى العروبة بصلة حتى صبغت العروبة حياته كلها وحق له بعد كل ذلك أن يسمى شاعر العروبة ، كما بلغ بقوة شعره مبلغاً قل نظيره ، لكن الدراسات الأدبية لم تنصفه حق الإنصاف واكتفت بالمرور السريع على بعض أشعاره حتى أن كتاباً بمنزلة قصة الأدب المهجري الصادر عام 1986 للدكتور الباحث محمد عبد المنعم خفاجي لم يشر إليه نهائياً .
عبد الحكيم مرزوق