الزراعة العضوية ونتائجها المادية والصحية

لم يعد خافياً على أحد , أن الأسمدة الكيماوية حالها كحال الأدوية الكيميائية فالأدوية التي يتناولها الإنسان في حال المرض لابد أنها تحسن حالته الصحية في غالب الأحيان , لكن الاعتماد عليها بشكل مستمر والإكثار منها ينتج عنه خلل في أعضاء الجسم الأخرى وكلما زادت مدة الاستخدام زاد الضرر اللاحق بالجسم .
وكذلك حال الأسمدة الكيماوية التي نطرحها في حقولنا ومزارعنا فهي لاشك تزيد الإنتاج , وتعطيه لوناً جميلاً وشكلاً ظريفاً لكن الاستمرار برش تلك المواد يؤثر تأثيراً سلبياً ليس على المنتج وحده وإنما على الأرض أيضاً وعدم مقدرتها أخيراً على الإنتاج الجيد إذا كانت معتمدة على النوع ذاته في التسميد .
والرش الكيماوي للأشجار لاشك أن له التأثير السلبي على طعم الثمرة وفائدتها وعلى نمو الأشجار وزيادة إنتاجها .
ولو استخدمنا السماد العضوي الموجود في مزارعنا وعند فلاحنا الذي يربي الأبقار والأغنام و.. لكانت النتائج على المدى الطويل أفضل من ناحيتي الكم والنوع ,وأرخص من ناحية السعر وأكثر فائدة للمزارع الذي سيعمل بدوره على زيادة الاهتمام بالسماد العضوي لفوائده المتنوعة .
في عام 2012 صدر المرسوم التشريعي رقم /12/ الناظم للزراعة العضوية والقرار الخاص بالتعليمات التنفيذية من أجل الوصول الى نظام زراعي عضوي يحافظ على البيئة وصحة الإنسان , ويساهم في تحقيق الأمن الغذائي ويعمل على تحسين المستوى المعيشي للسكان الريفيين وتوفير متطلبات خطة النهوض بواقع قطاع الزراعة العضوية من الأراضي الزراعية وصولاً إلى الأسواق الداخلية والخارجية ،والحفاظ على خصوبة التربة واستدامة الموارد الطبيعية ولم يكن مقصوداً بهذا المرسوم زراعة نوع معين من المحاصيل الزراعية أو الخضار أو الفواكه .
غير أن التطبيق العملي للمرسوم لم يكن على المستوى المطلوب وخاصة بالنسبة لتطبيقه على محصول الحمضيات التي يتكلف مزارعنا عليها مبالغ مادية كبيرة ،ويخسر في كثير من الأحيان بسبب عدم وجود مصانع غذائية محلية تستهلك ذلك الإنتاج ، وعدم وجود قنوات تصريفية إلى الأسواق الخارجية، وعدم مقدرة هذا الإنتاج على منافسة المنتجات العالمية الأخرى التي تلقى المزيد من الرعاية والدعم .
حديثاً أعلن مكتب الحمضيات في وزارة الزراعة عن تسجيل أول تحرك رسمي باتجاه تطبيق الزراعة العضوية على محصول الحمضيات بمختلف أنواعها وأن وزارة الزراعة اختارت مجموعة من المزارعين الراغبين بدخول منظومة الزراعة العضوية وتطبيقها في مزارعهم وعلى محاصيلهم التي ستأخذ ثمارها طريقها باتجاه الأسواق التصديرية العربية والإقليمية والدولية .
وأن شركتين أجنبيتين تعملان في سورية بمجال الزراعة العضوية ستساهم في إنجاح التجربة عن طريق منح شهادة المنتج العضوي للمزارعين الذين يطبقون الشروط والتعليمات الخاصة بالزراعة العضوية ومساعدتهم في عملية التحول هذه مادياً واستجرار الكمية المنتجة وتصديرها إلى الخارج .
نتمنى النجاح الكامل لهذه الخطوة التي لا شك ستتبعها خطوات إيجابية أخرى تعود على المزارع والمستهلك بالفائدة المادية والصحية وتفتح الطريق واسعاً أمام إنتاجنا الوطني وتمكينه من تحقيق التميز والنجاح في الأسواق العالمية.
أحمد تكروني

المزيد...
آخر الأخبار