يعتقد كثيرون أنه لم يعد للموضوع الذي نطرحه اليوم أي تأييد وخاصة في ظل الحياة المعيشية القاسية التي يعيشها المواطن السوري والغلاء الذي يرهق الأسرة الواحدة .. فكيف لمن يريد أن يكون أسرتين ؟
وكثيراً ما سمعنا صوت الاستهجان والاستنكار وحتى الاستهزاء لفكرة أن أحدهم يريد أن يتزوج مرة ثانية .
ولكن على الرغم من ذلك يبادر بعض الأزواج إلى تكرار مسألة الزواج متذرعين بالعديد من الأسباب – وما أكثرها هذه الأيام – فيدعي أحدهم أنه يريد الراحة من عناء المنزل الأول والبحث عن الهدوء الذي يفتقده والمشكلات التي مل من عدم وجود حل لها و..و.. كل ذلك حجج واهية تخفي خلفها السبب الحقيقي وراء تكرارهم للزواج والكامن في إشباع دوافع متعددة أبعد ما تكون عن الأسباب المذكورة .
كما يدعي الرجال اليوم وهم يبررون أسباب إلحاحهم على الزواج الثاني وربما الثالث أنه حل لمسألة اجتماعية أخرى لها أبعادها المختلفة في المجتمع وهي مسالة العنوسة بل تعداها اليوم إلى مسألة أخرى وهي ( الأرملة الشابة) التي فقدت زوجها ولا معيل لها … ويدعي بعض الرجال أنه بالزواج الثاني سيحلون هذه المسائل ، ولكن ألا نرى جميعا أن هذا العذر أقبح من ذنب ؟ فكيف لنا أن نحل مشكلة ونولد العديد من المشاكل ؟
أدوار مزدوجة
نجوى – مدرسة قالت : كل من يتزوج على زوجته دون أسباب حقيقية فهو خائن ، ألا يكفي المرأة ظلما من قبل الرجل لتكافأ بنهاية مشوارها بزوجة ثانية تركنها على الرف لمجرد أن تكون حلا لمشكلة اجتماعية عليها المساهمة فيها بقبول مقاسمة امرأة أخرى لزوجها وحياتها ومشاعرها وأحلامها ؟ إلى متى ستبقى المرأة تلعب الأدوار المزدوجة : هي الحل وهي المشكلة بآن معا ؟
مع اختلاف الزمان والظروف
منير بدر موظف قال : في فترة ماضية مرت على مجتمعنا كانت الزوجة الثانية أمرا مقبولا ترضخ له الزوجة لانتشار مفاهيم وقيم اجتماعية كانت سائدة وقتها تؤيد ذلك وتعززه وكان الزوج يبرر فعلته بأنه مطلب شرعي متناسيا أن الشرع وضع شرطا صعب التحقيق وهو العدالة ولكن امرأة اليوم تغيرت عن الأمس فقد أضحى لها كلمتها ورأيها السديد النابع من ثقافتها وشخصيتها المكتسبة من دخولها معترك الحياة وإقبالها على دراسة مختلف التخصصات العلمية فبعد كل ما وصلت إليه نريد إعادتها إلى عصر الحريم من جديد بقبول امرأة أخرى في حياة زوجها بمبررات واهية ؟
مقبول .. بشروط
يوسف -ح أعمال حرة قال : يجب على الرجل أن يبحث عن مبررات مقبولة وصادقة لمسألة زواجه الثاني كأن تكون الزوجة مريضة أو غير قادرة على الإنجاب أو لأي سبب آخر معقول على أن تبقى حقوق الزوجة الأولى محفوظة وألا تهان كرامتها وتكون موافقة على هذا الزواج – وهذا أمر قد يكون صعبا جدا – أو رافضة له وتطلب الانفصال وهنا ستقع مشاكل أخرى كالتفكك الأسري والظلم للزوجة والأولاد على حد سواء .
التزامات مضاعفة
نجاح عاشت تجربة الزوجة الثانية مرغمة ولكنها تأقلمت مع الواقع الذي لا مفر منه قالت : الرجل المتزوج من زوجتين سيجلب لنفسه المشاكل والمتاعب فخلاف الزوجتين الذي لا ينتهي نتيجة الغيرة والغضب والحقد والحسد والكيد لن يجعل الزوج مرتاح البال وهناك أمورا سلبية ستقع عليه حيث سيفتقد محبة الزوجتين الصادقة والسبب أن الزوجة الأولى تشعر بالضغينة منه لزواجه بغيرها والثانية تفقد الثقة المطلقة به خوفا من أن يتزوج عليها وما تظهره الزوجتان من حب وود واهتمام له ما هو إلا نفاق وخداع لتكيد كل منهما الأخرى وتجذبه إليها ناهيك عن أن الزوج بزواجه الثاني يقع عليه التزامات مادية ومصاريف كان بغنى عنها .
المفهوم الحقيقي للزواج
هناء -علم اجتماع قالت : إن المشاكل التي ستنشأ نتيجة الزواج الثاني ستكون بمثابة الكوارث الحقيقية التي – ربما – أخطارها أكبر من أخطار الزلازل ولكن لمنع هذه الكوارث ولتفاديها لابد من أن نعمق فهم موضوع الزواج في أذهان الجميع لأنه أكبر من مجرد التقاء اثنين في منزل واحد وبعقد شرعي مبرر ، إنه بكامله يحتاج إلى دراسة وفهم وتمحيص .
يجب أن نتعلم من خلاله أن الحياة الزوجية أكبر من مجرد إنجاب أطفال وطهي وكي وغسيل وجلب ما يحتاجه المنزل من تجهيزات مادية لاستمرار الحياة ، إن الزواج فيه كل ما ذكر ، إنه إيجاد أفضل الطرق التي يجب أن تتبع خلال رحلة هذين الزوجين والتي الهدف منها أن تكون طويلة ولذلك على الزوج معرفة حقوق زوجته وواجباتها والزوجة عليها فعل ذلك وإن معرفة الحقوق والواجبات هي بداية حياة هانئة وتربية الأولاد جزء لا يتجزأ من الزواج ولكنها ليست الهدف منه ، نعم هناك الأطفال وهناك الزوجان ومتطلباتهما البعيدة كل البعد عن متطلبات الأولاد فهما بحاجة لفترة هدوء يعيشانها معا وهنا تقع على الزوجة مسألة تدبير هذه الفترة وعليها ألا تثقل كاهل الزوج خلالها بمشاكل البيت , إن وجود هذه الفترة مهما صغر الوقت خلالها كفيلة بإيصالهما إلى التوافق الزوجي الصحيح وعسى أن يكون هذا التوافق ركنا أساسيا من حياة كل زوجين لينصرفا معا لتدبير أمور الحياة وبالتالي النهوض بالمجتمع والعمل على تقدمه .
منار الناعمة