يعود تاريخ استخدام القمح كغذاء رئيسي إلى تاريخ استخدام الإنسان للحبوب ويعتبر أول تطبيق لصناعة الأغذية , وبين الأبيض و الأسمر والشرقي والفرنسي وأحجامه المختلفة نتنعم بمذاقه…
لكن – ولشديد الأسف – نجد من لا يقدر قيمته ويبدو أن رخص ثمنه محليا ًمقارنة مع الدول المجاورة حتى بعد وصول الربطة إلى (55) ليرة سورية أي تضاعفها أربع مرات لكنها تبقى الأرخص ونجد كثيراً من الأشخاص يمتهنون تحويل الخبز الطري إلى علف للحيوانات …
مصادر من وزارة التجارة الداخلية و حماية المستهلك تقول إن السوريين يستهلكون يومياً أكثر من ثلاثة ملايين و 500 ألف ربطة خبز يومياً موزعة بين القطاعين العام و الخاص , ويصل الدعم الحكومي لقطاع الخبز إلى 36 مليار ليرة سنوياً …
سوء التصنيع سبب الهدر الرئيسي
و أكد عدد من المواطنين التقتهم العروبة على نوافذ الأفران أنهم يتزودون بالخبز من الفرن الأقرب لمكان العمل أو السكن و السبب أن الخبز من المعتمد سيء و ذلك لأن نقله إلى المحال يتم بطريقة غير جيدة و لاتناسب نقل الخبز الساخن إلى المعتمدين والحجة ارتفاع تكاليف النقل ..
كما يشكو غالبية من التقيناهم و بخاصة الموظفين بأن تأمين الخبز القابل للف سندويشات المدرسة أصبح عبئاً إضافياً شبه يومي , و ذلك لأن الخبز الذي يقومون بشرائه من معتمد الحي أو القرية لايمكن لفه في اليوم الثاني …أو بالأحرى هو غير مناسب حتى للأكل منذ اليوم الأول ..
و استعرضت العروبة خلال جولتها نوعية الخبز عند العديد من المعتمدين و بالفعل كان بحالة أشبه للخبز (البايت) إن صح التعبير علماً أنه إنتاج اليوم ذاته ..
وتحدث مواطن آخر عن سوء المعاملة عند نافذة أحد الأفران و الحجة أن المخصصات تصل لكل مواطن للمعتمد الأقرب له, و هنا لم ينف محدثنا أنه يتزود بالخبز من المعتمد القريب من منزله لكنه مضطر لشراء الخبز من الفرن كل يومين أو ثلاثة لغرض (لف السندويشات) و إلا فالسياحي هو الحل الوحيد أمامه و هو حل بعيد جداً عن إمكانية التنفيذ..
مخالف للوزن
من جهة ثانية العم أبو أحمد أكد أن وزن ربطة الخبز في أفضل الأحوال 900 غرام متسائلاً عن السبب و أين هي أعين الرقابة و أضاف لن نعترض كثيراً إذا كان الوزن ناقصاً و النوعية جيدة أما أن نشتري الخبز بوزن ناقص و بنوعية رديئة فهو واقع غير مقبول .. و تساءل عن أعين الرقابة و دورها في ضبط الوزن و النوع …
وتحدث أحدهم أن الهدر الفعلي يكون عندما يتم التصنيع بشكل غير مناسب و يتم استجراره من قبل المواطنين ثم تحويله إلى خبز يابس ….
عينة .. تحت الضوء
وأشار مواطن أن الخبز في أغلب الأحيان ( معجن) و سيء الصنع متسائلاً عن إمكانية تصغير قطعة العجين و بالتالي ستقل السماكة حكماً عند الرق و الخبز .
وتحدث أحد العمال عن صعوبة العمل في مخبز البلدية في شين وخطورة تهدم بيت النار في أي لحظة و أشار عمال آخرون إلى أن سقف المبنى بحاجة لصيانة ضرورية و بالسرعة القصوى عدا عن الكثير من أعمال الصيانة و الترميم التي يجب تنفيذها في الوقت المناسب لتلافي أضرار لاحقة ربما تتسبب بتوقف العمل ….
في حين أشاد مواطنون بنوعية الخبز المنتج في فرن روضة الوعر والصويري وبالوقت ذاته اشتكى آخرون من سوء نوعية الخبز في قرى متعددة .
متسائلين عن سبب التفاوت الكبير في النوعية بين المخابز علماً أن الإمكانات ذاتها تقريباً ، و لماذا لاتكون كل الكميات المنتجة من الخبز جيدة مع مراعاة تحقيق مستوى مقبول من النظافة و الاهتمام ..
و قال مواطن : أن صاحب أو متعهد كل فرن مؤتمن على كميات الطحين التي ترد إليه و عليه أن يكون رقيباً على نفسه قبل أي شخص آخر و كذلك هم المعتمدون الذين يشكل التوزيع عن طريقهم سبيلاً جيداً لحل مشكلة الازدحام وإيصال الخبز لكل مواطن إلى أقرب مكان إليه و لكن هل تصل إليهم دودة الفساد أيضاً و عدم الاهتمام ؟؟
تصنيع 178 طناً شهرياً في 18 مخبزاً
اليوم و في ظل ظروف فرضتها الحرب يفرض تغير التوزع الجغرافي للسكان تحدياً جديداً أمام الجهات المعنية بتأمين الخبز لجميع المواطنين و بالسعر النظامي , و يتطلب صيغ عمل ديناميكية لوصول الدعم لمستحقيه و عدم خسارته مرتين الأولى عند ضياع حق المستفيدين منه و الثانية عند سوء استخدامه من قبل البعض ..
و تعتبر المتابعة اليومية و ضغط النفقات و منع الهدر أحد أهم الوسائل لتحقيق الاستفادة القصوى من الدعم الحكومي لرغيف الخبز..
وفي تصريح للعروبة ذكر بسام الحسن مدير فرع المؤسسة السورية للمخابز أن عمليات إنتاج وتوزيع مادة الخبز في أرجاء المحافظة مستقرة و جميع المواد الأولية اللازمة للعمل متوافرة و بشكل جيد مع وجود احتياطي كاف .
وذكر أن الفرع يضم 18 مخبزاً عشرة منها آلية و الباقية تعمل تحت الإشراف (احتياطي) و تصل المخصصات بشكل شهري إلى 178 طناً من الدقيق التمويني و يتم توزيع الخبز عن طريق منافذ البيع و المعتمدين في مختلف مناطق المحافظة في المدينة و الريف.
وبالنسبة لمخبز الوعر الآلي يعمل بطاقة إنتاجية يومياً تصل إلى تصنيع 13900 كغ من الدقيق يومياً و الكمية قابلة للزيادة إذا اقتضت الحاجة و أكد أنه يتم اتخاذ العديد من الإجراءات الحازمة للحد من النفقات وضبط الهدر في مختلف المخابز التابعة لفرع المؤسسة و هي خطوة أثرت بشكل إيجابي و ملحوظ خلال العام المنصرم …
أرباح بعشرات الملايين خلال أشهر
وأشار أن الربع الأول من العام الماضي سجل خسارة تجاوزت 26 مليون ل.س في حين تم اتخاذ العديد من الإجراءات التي مكنتنا من النهوض بشكل فعلي بواقع العمل و تحقيق نقلة جيدة وانتقلنا في الربع الثاني إلى ربح تجاري وصل إلى 26 مليوناً و 766 ألف ل.س ليزداد الربح في الربع الثالث ويسجل 46 مليوناً و 938 ألف ل.س في حين سجلت خسارة في شهر تشرين الأول وصلت إلى 33 مليوناً و ذلك بسبب تسديد تراكم كبير من فواتير الكهرباء التي يعود بعضها إلى عام 2010 – 2011 لنعاود تسجيل أرباح جيدة في شهر تشرين الثاني حيث سجل كشف الأرباح و الخسائر ربحاً وصل إلى 48 مليوناً و 991 ألف و 484 ل.س
وأشار الحسن إلى أن الأرقام تثبت بما لايقبل الشك أن سير العمل بالاتجاه الصحيح
و أوضح أن الانتقال من الخسارة إلى الربح تطلب بذل الكثير من الجهود من قبل العمال و الفنيين و الإداريين و العمل بصيغ ديناميكية و ضغط كبير للنفقات و الاعتماد على الورش الموجودة بالمخابز لإصلاح الأعطال و الحد من نسبة الهدر و التالف الصناعي و كان الحرص كبيراً على ألا تتجاوز نسبة الهدر خمسة بالألف من كمية الدقيق الوارد وأوضح الحسن أنه تم فرض عقوبات و غرامات مالية بحق كل من ثبت تهاونه بالعمل أو تسببه في حدوث هدر يزيد عن الحد المسموح به ..
مخابز قيد الإنشاء
وأشار الحسن أن ربطة الخبز الواحدة تصل تكلفتها إلى مئتي ليرة و يتم بيعها بـ50 ليرة من المخبز و هي نسبة دعم ممتازة لمادة أساسية للمواطنين و نفى الحسن أي نية لتخفيض المخصصات في المحافظة و أكد أن الكميات قابلة للزيادة عند الحاجة ..
وأوضح أنه يوجد حالياً أكثر من مخبز قيد الإنشاء و تم مؤخراً الانتهاء من إجراء تجربة لخط الإنتاج في مخبز تلذهب و كانت ناجحة ومن المقرر المباشرة بالعمل قريباً بعد أن تم تخصيصه بكمية 8 أطنان يومياً , كما أن مخبز الزهراء قيد الإقلاع و يتم حالياً تركيب مجموعة كهرباء واستكمال بعض القطع , و تم تجهيز البناء لمخبز في مرمريتا وستتم المباشرة بتأمين القطع اللازمة وكذلك الأمر بالنسبة للمخبز المقرر إحداثه في بلدية عناز..
أما بالنسبة لمخبزي تدمر والرستن ما زالا خارج الخدمة و توجد مطالبات بإعادة العمل في البنائين الأساسيين مشيراً إلى أن تكلفة إعادة تأهيل كل منهما تصل إلى 300 مليون ل.س , وتحدث عن ظروف العمل الصعبة حالياً في فرن الرستن حيث يتم الإنتاج في صالة رياضية تم استئجارها لتخديم المواطنين و تصنيع الخبز بكميات تناسب حاجة الأهالي , وتحدث عن مخبز القريتين بأنه مازال قيد المعالجة و الإصلاح , و يقع مخبز صدد في منطقة قريبة منه و بالتالي تتم تلبية حاجة المنطقة الشرقية الجنوبية من المحافظة , ومن المقرر ترميم السقف بمخبزي الضاحية وابن الوليد خلال الأيام العشرة المقبلة .. ونوه إلى أن وضع الآلات بشكل عام جيد ونحن بحاجة لترشيد الاستهلاك..
ويتم توزيع الخبز على المعتمدين مع الالتزام بالسلل المخصصة لنقل الخبز وهو إجراء يحافظ على جودة الخبز لأطول فترة ممكنة ..
425 ضبطاً تموينياً
من جهته أوضح المهندس رامي اليوسف مدير التجارة الداخلية و حماية المستهلك أن عدد المخابز الخاصة في المحافظة 156 فرناً وتم خلال العام المنصرم تنظيم 425 ضبطاً تموينياً منها ضبوط بسبب الإتجار بالدقيق التمويني .
مؤكداً أنه تتم مراقبة المخابز من خلال دوريات متخصصة بالنسبة لأفران المدينة أما بالنسبة للريف تتم مراقبة العمل من خلال الشعب التموينية السبع المعنية بمراقبة كل الفعاليات الاقتصادية في الريف على اتساع مساحته الجغرافية , و التي تقوم بجولات مفاجئة ومتكررة على الأفران لمراقبة سير العمل و ضمان وصول الخبز لمستحقيه دون تلاعب.
وأشار إلى أن التعليمات واضحة و توجب على كل معتمد نقل مادة الخبز بسلل خاصة والإعلان بشكل واضح عن السعر و هو 55 ليرة لكل ربطة وفي حال المخالفة يتم تنظيم الضبط اللازم و إلغاء المعتمد و تعيين معتمد بديل فوراً , ولكن (والكلام للمحررة ) هذا الامر غير مطبق على أرض الواقع فأغلب المعتمدين يبيعون الربطة ب65-70 ليرة ويتم وضع 100 ربطة في صندوق السيارة لتوفير أجرة النقل وقليل جدا من المعتمدين لديهم سلل .
وأكد أنه في حال تقاضي المعتمد لسعر زائد مع أنه يعلن عن السعر النظامي فنحن بحاجة لتصريح خطي من قبل المشتكي لنستكمل الإجراءات و تنظيم الضبط اللازم بحق المخالف ,وهنا نقول لماذا لا تقوم عناصر حماية المستهلك بسؤال المواطنين وتنظيم المخالفة فوراً.
و أكد أنه لاصحة لأي إشاعة عن تخفيض المخصصات بالعكس يوجد بشكل متتابع زيادة في المخصصات والتي يتم إقرارها بعد دراسة وافية تجريها لجنة من الشعب التموينية بالتنسيق مع الجهات المحلية و إقرار الزيادة المناسبة ..
أخيراً
بعد متابعة مطولة لابد من القول : مسألة الهدر الحاصل من قبل المستهلكين لها سبب مباشر و هو ضعف الخبرة لدى بعض العمال في المخابز و تسرب أصحاب الخبرات و النقص الحاصل باليد العاملة إلى جانب ظروف عمل غير مناسبة في عدد من الأفران … بالإضافة إلى تحديات كبيرة يواجهها عمال المخابز وانعكاس ذلك على صناعة الرغيف واليوم نحن بحاجة ماسة لخطوات جادة لتخليص هذه الصناعة من العقبات و الأعباء التي تثقل كاهلها لتحقيق الاستفادة المثالية من الدعم الحكومي المطلق لرغيف الخبز.
هنادي سلامة – محمد بلول