كثيرون هم الفنانون التشكيليون، وقليلون هم المبدعون الذين يشكلون ثراء ً كبيرا ً للوحة التشكيلية المعاصرة وأبعادها المختلفة ، إذ لايمكن لأي فنان أو ناقد أن يصل أعماقها كلها مهما تعمّد النقّاد والباحثون في الغوص عن المكامن والهواجس التي تكتنز اللوحة الإبداعية، إلا أنهم يظلون قاصرين ( أي النقّاد) أو عاجزين نسبيا ً على تحليل « سيكولوجية الفانتازيا اللونية » للوحة الفنية والتي تشكل عالما َ ثريا ً في مكنونات وتقنيات اللوحة وعناصرها المدهشة عبر الانبهارات اللونية وكونها ثرّة وغنية ومهمة في آن واحد ، فلاشك بأن الاتجاهات الفنية في الحركة التشكيلية المحلية لم تأت من فراغ، بل هي تكامل للحالات الإبداعية فكرا ً وفنّا ً، فجميع التيارات آثارها موجودة وبشكل واضح أمثال: التشكيلي( نذير نبعة ) : فله أسلوبه الخاص الأقرب إلى الواقعية الرمزية وهي تجسد صورة الشهيد بدلالات عديدة وبدقة واقعية تفصيلية تكتنز مهارات تصويرية معبرة عن التصميم المتماسك وإبراز خاصية كونه فنانا ً واقعيا ً يعرف كيف يتعامل مع معطيات الواقع ورؤى الخيال.
أما النحات ( عدنان الرفاعي) في أعماله المعبرة عن صلابة الإنسان العربي،من خلال تحقيق درجات الشبه الحقيقية في قسمات وجه الشهيد، ليبقى العمل بحيويته الواقعية شاهدا ً على متانة اللمسة وقوة التعبير، المسايرة للطروحات الحداثية .
والجدير بالذكر أن التشكيلي /فاتح المدرّس/ جسد معاني الشهيد بأسلوبه التعبيري الحديث ولهذا لايمكن فصل لوحاته المعبّرة عن معانٍ وطنية والتي يطغى عليها الطابع الوطني ومدى ارتباطه بالأرض.
أما التشكيلية / ميساء عويضة / فهي تتناول الحس الجمالي للبيئة التي تعيش فيها بمعاناتها وانشغالها بالحياة ، وقد استلهمت ألوانها من مكنونات عقل الإنسان السوري عبر قوالب تعبيرية حينا ً وتجريدية حينا ً آخر بين خطوط ومواد اللوحة حيث تشكل /عويضة/ هوية الإنسانة الفنانة المعاصرة من جهة وجمالية خاصة لها علاقة بالبيئة والروحانية السورية .
بالإضافة إلى التشكيلي/ محمد عدنان الخليل/ حيث لوحاته زاخرة في بعديها التعبيري والتجريدي لما يسمى بالدراما البصرية و هذه الدراما تبدو لا قيمة لها إذا تجاهلنا إحساسنا باللون والذي يصب في لوحات صريحة تضجّ بالألوان ، حيث ينشىء في لوحاته علاقات تجريدية إبداعية بين خيالات الأشخاص وظلالها.
وهكذا فإن التأمل يتجلَى في نتائجه للكوامن الإنسانية المتناقضة والوجودية المحيّرة لطرح أسئلة، ربما لن نجد لها أجوبة، ومن هنا نصل إلى أن التوجه الفكري للفن الذي يتجسد من خلال عمل الفنان ومواقفه وصلاته بالحداثة الفنية والذي يعطي زخما ً كبيرا ً من القيم والجماليات .
وسيم سليمان
المزيد...