سأل (يوزويل) أستاذه يوما ألا تعتقد أن طباخا ماهرا ألزم للمجتمع من شاعر عظيم ؟ فأجابه على الفور : ما من أحد في المدينة يجهل ذلك .
أنا لاأسوق هذا الكلام للدلالة على أهمية الشعر والشعراء فمن المعروف أن الشعر ديوان العرب حيث نقل إلينا الشعراء ومنذ العصر الجاهلى ومن خلال قصائدهم وأشعارهم كل ما كان يجري من أحداث أي أنهم صوروا حياة المجتمعات العربية وأرخوا لأدق التفاصيل فيها وتم اختيار أجمل قصائد الشعراء الجاهليين وعلقوها على جدار الكعبة وسميت المعلقات كما تم فيما بعد تصنيف للشعراء حسب ما حملت قصائدهم من مواضيع فكانت الحماسة وكانت النقائض …الخ وكان العرب يرسلون أبناءهم إلى البادية لتعلم اللغة العربية الفصيحة لأنها الوعاء الذي حمل كل ما أنتجه التاريخ العربي من آثار أدبية وخاصة الشعر ومن ثم تناقلته الأجيال إلى يومنا هذا .
كانت الكتب هي خزائن أسرار الشعر والشعراء وكان المهتمون بالأدب والثقافة يفاخرون بما لديهم من كتب في مكتباتهم وكان الشعراء يتقنون اللغة وجمالياتها اللغوية والنحوية وظهرت الكثير من المجلات والمنتديات والصالونات الأدبية التي جمعت بين ظهرانيها شعراء كبار أثروا المكتبة الشعرية العربية وقلما يجد الناقد ثغرة هنا أو هنة هناك وقد ساهم الأدباء وخاصة الشعراء منهم في حفظ مفردات اللغة وتسهيل استعمالها وعندما نعود إلى قصائد بدوي الجبل أو عمر أبو ريشة أو محمد مهدي الجواهري أو بدر شاكر السياب أو نازك الملائكة أو جبران خليل جبران …وتطول القائمة نجد صحة ما ذهبنا إليه أما اليوم وبعد ظهور وسائل التواصل الاجتماعي نجد وكأننا في زمن ترك فيه الحبل على الغارب فعدد المنتديات والملتقيات والصالونات التي تصف نفسها بالأدبية لا تعد ولا تحصى لأن أي إنسان يستطيع إنشاء موقع الكتروني وتسميته بالاسم الذي يشاء أيضا هذا من جهة ومن جهة ثانية لا قيود على ما ينشر فيها أبدا وكأن الناس كلهم قد أصبحوا شعراء وما يحزن ويجعل الإنسان المثقف في كآبة هي ما ينشر في تلك المواقع حيث أكثرها خارج الأوزان الشعرية وخارج القواعد النحوية والإملائية وما يحزن أكثر هو عدد اللايكات والتعليقات التي تمجد وتعظم النص المكتوب وصاحبه خاصة إذا كان من العنصر النسائي وما أكثر من يلقبن أنفسهن بالشاعرات وهن بعيدات كل البعد عن هذا الاسم وهذا الأمر خطير جدا لأنه يندرج ضمن الحرب الثقافية التي نتعرض لها في عمق حضورنا التاريخي فهل سيبقى الحبل على الغارب أم سيكون هناك عملية ضبط لهذا الانفلات الحاصل والذي يحاول تكريس واقع غير محمود العواقب عبر تلك المنتديات والمواقع الإلكترونية .
يجب أن تكون تلك المواقع تحت الرقابة الفكرية وأن تكون هناك شروط محددة لإنشائها من قبل المسؤولين عن الثقافة العربية في الزمان والمكان لما يتم نشره بحيث تكون الهوية العربية حاضرة دائما .
شلاش الضاهر