صدر حديثاً بحمص ديوان الشاعر والإِعْلامي الـمَهْجري صَبْري أَنْدريا، و ديوان الشاعر الـمَهْجري بِتْرو الطرابلسي، وكلاهما يصدر لأوَّل مرَّة.
وأشار الدكتور حسان قمحية الذي جمع ودرس وأنجز الكتابين إلى أنَّ دراسي أدب الـمَهْجر والباحثين فيه قد أغفلوا عددًا من أدباء الـمهجر، وعلى رأسهم الأديبُ والشاعر جورج صيدح الذي كان واحدًا منهم، فجمعَ أعلامَهم فـي كتابه البارز والشهير «أدبنا وأدباؤنا فـي الـمهاجر الأمريكيَّة»، لكنَّه لم يلتفت إلى عددٍ منهم لسببٍ أو لآخر. ومن الأدباء الذين فات ذِكْرُهُم فـي مصادرِ الأدب الـمَهْجري ومراجعِه شاعران كانا مختلفين عن بقيَّة أولئك الأدباء: بِتْرو الطرابلسي وصبري أَنْدريا، وهما من شعراء الـمَهْجر الشمالـي. وبِتْرو الطرابلسي شاعرٌ وملحِّن مهجري حِمْصي الأصل، لم يُعمَّر طويلًا، حيث ذوى عودُه فـي ريعان الشباب بعدَ أن تركَ لنا نِتاجًا شعريًا مميَّزًا، طغت عليه الذاتيَّةُ والنبرةُ الغنائيَّة. لم يحفل هذا الأديبُ برثاء ولا مديح، إنَّما قصرَ شعرَه على وصف خَوالِج نفسه وتباريح ذاته، وجاءت معظمُ قصائده قَصيرةً خفيفة، على أوزان البُحور الغِنائيَّة، كما جمع بين البحور أحيانًا فـي القصيدة الواحدة، بينما ناوبَ بين التام والـمَجْزوء فـي أحيانٍ أخرى. وهو بذلك لم يشبهه أحدٌ من بين سائر الشعراء الـمهجريين. أمَّا صبري أَنْدريا الدِّمَشْقي الأصل فهو أوَّلُ أديب مهجري جمع بين الشعر والإِعْلام، ويعدُّ أوَّلَ إعلاميٍّ مَهْجري على الإطلاق، وربَّما لا يوجد أديبٌ مهجري شِمالي لا يعرفه، فقد كان برنامجُه الإذاعي الشهير «ليالي العرب» يتحدَّث عن أحوال الجالية العربيَّة فـي الولايات الـمتَّحدة الأمريكيَّة، وعن أدبائها وشعرائها على مدار سنين طويلة. أمَّا شعرُه فكان من نمط شعر الـمناسبات، وكان نصيبُ النَّظمِ فيه واضحًا. لم يتزوَّج صبري أَنْدريا، ولم يترك وراءَه أثرًا إلَّا بعضَ القصائد التي لم يشر إليها أحدٌ فـي الدراسات الـمهجريَّة، وشيئًا من ذكريَّات «ليَالي العرب». إنَّ جمعَ شعر الـمهجريين، بصرف النظر عن درجته الأدبيَّة، هو محاولةٌ لرسم صورةٍ لتلك الـمرحلة من تاريخنا العربـي وتراثنا الفِكْري، والخروج منها إلى رصدِ ما اكْتَنفها من تفاصيل لتلك الفترة من حياة الشعر وأبنائه. وبعدَ مراسلة عدَّة مواقع أمريكيَّة مَعْنيَّة تمكن ( د. قمحية )حسب قوله من جمع معظم شعر بِتْرو الطرابلسي، إن لم يكن كُلَّه، وجعله فـي كتابٍ من سبعين صفحة ونيِّف. وكذا فعل مع صبري أندريا، ولكن لم يستطع جمعَ كلِّ ما كتب الأخيرُ لتعذُّر الوصول إلى مصادر جميع شعره. وربَّما تحمل الطبعاتُ القادمة من مثل تلك الأعمال – إن شاء الله – الـمزيدَ من شعر الـمهجريين