يعتبر الاهتمام بفئة الشباب من القضايا الهامة والأساسية في المجتمعات ,باعتبارهم يشكلون الطاقة البشرية والحيوية القادرة على تنمية مجتمعهم والنهوض به , انطلاقا من التعليم والتربية والثقافة والإعلام والقيم الاجتماعية , وتعتبر نسبة الشباب في مجتمعنا مرتفعة نسبيا وهذا يتطلب من الجهات المعنية دراسة أوضاع هذه الفئة والوقوف عند همومها وطموحاتها لأنها تشكل الرصيد الاستراتيجي , والشباب هم الثروة الحقيقية لذلك فالحديث عنهم حديث عن المستقبل والتحديات المقبلة .
وبالرغم من دور الشباب بالنهوض بالمجتمع بما يملكه من العلم والثقافة إلا أن هناك الكثير منهم متهم بالسطحية وانعدام الثقافة , ويرجع البعض سبب هذا الابتعاد عن الثقافة إلى إيقاع العصر السريع، وانتشار القنوات الفضائية والإنترنت التي تشغل الشباب عن الكتاب مثلا، وكأن لكل شيء ضريبة حتى لو كان التقدم نفسه, فلماذا هذا الابتعاد عن الاهتمام بالثقافة من قبل الشباب ؟.. التقينا بعض الشباب فكانت الإجابات التالية :
الدراسة تشغلنا
نوال قالت :لا وقت لتعزيز الثقافة و السبب بكل بساطة يتمثل في أننا لا نجد الوقت الكافي حتى نلتفت إلى تثقيف أنفسنا، أضف إلى ذلك أن وقتنا لا يسعنا لتحضير الدروس المفروضة علينا في المراحل التعليمية .
وتضيف رولا: لا أعرف سببا لذلك، إلا أن هؤلاء الشباب يقضون الجزء الأكبر من وقتهم في وسائل اللهو والترفيه، مما يعني عدم تبقي الوقت الكافي إلا للدراسة المفروضة في المراحل التعليمية, مع الإشارة أن بعض الشباب لا يزال يتمسك بحقه في تثقيف نفسه رغم كل شيء.
الكتاب مصدر الثقافة
تقول صباح أنا أذهب في فترات راحتي في المدرسة إلى المكتبة دون أي تفكير لأني أعلم مسبقا أن ما نلزم بدراسته لا يكفي لكي يوصف الشخص بالمثقف، أما بالنسبة للآخرين الذين يهملون هذه الناحية فلا أجد أي مبرر لهم في قضاء ذلك الوقت الكبير في قيل وقال بلا فائدة تذكر. وأنا أجد أن الكتب هي المصدر الأساسي للثقافة ، وبعض برامج التلفاز العلمية بين الحين والآخر، وأعتقد أن ذلك يفي بالمطلوب.
الإرادة طريق النجاح
مهند “طالب جامعي” قال:الإرادة عند الإنسان تجعله أقدر من جميع المخلوقات على فعل ما يريد، أو الامتناع عن أمور يحتاجها، وكثير من العلماء الباحثين قللوا ساعات نومهم وأخذوا من أوقات راحتهم للدراسة والاجتهاد والسهر مع العلم والمعرفة، حتى نالوا شهادات عليا وحصلوا على مواقع مهمة في المجتمع وظل ذكرهم حيا بين الناس ..
فالإرادة والصبر والاستقامة هم الطريق إلى النجاح في كثير من الأعمال التي يقوم بها الإنسان.
لكل مجاله في الإبداع
سنا الأحمد “ارشاد نفسي ” تقول : من الخطأ القول إن معظم الشباب يفتقدون إلى الثقافة بشكل تام، بل تتفاوت درجات الثقافة من شاب لآخر، وذلك لا يعني عدمها، وكل ما يحتاج إليه الشاب هو الطريق لإظهار ما لديه وتنميته, فالواقع يقول: إن لكل شاب مجالا فكريا جانبيا يبدع فيه، وهذا هو التجسيد الصحيح للثقافة، كما أن للشاب جوانب من الثقافة يخفق فيها دائما، وهي الجوانب الثقافية التي تحتاج إلى مطالعة دائمة، والسبب في ذلك عدم إعطاء نفسه وقتا للراحة، من المرح والاندفاع للهو والترفيه عن النفس.
وأضافت : كثير من الشـباب يسألون أنفسهم ماذا نملك من الثروات حتى نفكر في تنميتها والاستفادة منها في شؤون حياتنا المختلفة..وقد يرى البعض منهم أنه لا يملك شيئا، وهذا التصور الخاطئ هو الذي جعل عددا من الفتيان والفتيات يرون العالم مظلما والحياة تعاسة وحرمانا.
وأشارت إلى قيام بعض المراهقين بإلقاء المسؤولية على والديه فيما ما يحصل له ، لأنه لا يجد أحدا يلقي اللوم عليه أفضل منهما .كما يحق للشاب أن يسأل ويكتشف منذ مراحل حياته الأولى الإمكانيات والطاقات التي يملكها, وندرك ما منحنا الله في هذه الحياة لنسعى إلى تطويره واستثماره في مراحل العمر بأكمله.
يكون مثاليا
نيفين رمضان “علم اجتماع ” رأت أن الخيال شيء مهم ,وهو من أهم الطاقات التي يمتلكها الفرد,هو ليس كما يتصوره البعض بأنه يبعد المراهق عن الواقـع، أو يجعله يسبح في عالم آخر، وبالتـالي يجمد طاقاته وإمكانياته، بل يعتبر الخيال شيئا جميلا ونافعا ويستحق الاهتمام، وله دور مهم في حياة الإنسان، و في الغالب يلجأ الإنسان إلى الخيال وينسج الآمال في تصوراته لأنه يريد أن يكون مثاليا، وهو يشبه إحساس المكتشف الذي يتصور أرض أحلامه في خياله قبل أن يتحرك لاكتشافها في الواقع ..
وأضافت : من الطاقات التي يمتلكها الشباب أيضا العاطفة التي تقوى عندهم ، لاسيما عند الفتيات.. وتعتبر هذه العاطفة ثروة للإنسان، يتفاعل بها مع الأشياء من حوله، فيحب ويكره، ويرضى ويغضب، ويرغب في شيء أو ينفر منه, فالعاطفة تربط الإنسان بالآخرين وتزيد حياته دفئا بين أحبائه وأسرته وتحميه من اللامبالاة, كذلك الأحاسيس تنمو هي الأخرى عند المراهق ليصبح مرهف الحس، شاعري المزاج في تعامله مع الأشياء من حوله ، فالعاطفة والإحساس كلاهما ثروة مهمة إذا عرف الإنسان كيف يستثمرهما في حياته .
مواهب خاصة
وختمت حديثها :مع وجود هذه الثروات وغيرها، لا يجوز للشاب أن يشعر بأنه فقير أو محروم، خاصة أن الثروات ليست محدودة بهذه المواهب التي اشترك بها مع الآخرين، فقد تكون لكل فرد موهبته الخاصة به وما عليه إلا الاستفادة منها وتنميتها وتقويتها .
والإبداع كفاءة وطاقة واستعداد يكسبه الإنسان من خلال تركيز منظم لقدراته العقلية وإرادته وخياله وتجاربه ومعلوماته، ويعد سرا من أسرار التفوق في ميادين الحياة، ويمكن صاحبه من كشف سبل جديدة في تغيير العالم الذي يحيط بنا والخلاص من الملل والتكرار ,وأن نعرف طريق الإبداع،فنعمل على توجيه مشاعرنا نحو الأهداف الجميلة ,و تنمية فكرنا وثقافتنا ومعلوماتنا مع إدراك أنه من المفيد تبسيط الحياة وعدم الانشغال كثيرا بهمومها ,وأن يكون لدينا أصدقاء مبدعين ليكونوا السند عندما نحتاجهم .
بشرى عنقة- منار الناعمة