ظاهرة الدروس الخصوصية لطلاب الجامعات أصبحت عبئاً ثقيلاً يتحمله الأهل في سبيل نجاح أبنائهم ، ومكسباً مادياً لمعظم المدرسين ، وتعمل إدارة الجامعة جاهدة للقضاء على هذه الظاهرة وإيجاد البدائل والحلول التي تضمن تفوق ونجاح الطالب دون اللجوء للدروس الخصوصية .
تقاعس في حضور المحاضرات
يقول عدد من طلاب كلية الهندسة المعمارية : هناك بعض البرامج لا نأخذها ضمن المحاضرات ، ماعدا ( الأوتوكاد ) جزء قليل منها يؤخذ في الجامعة ، الأمر الذي يضطرنا لإتباع الدورات الخصوصية ، بالإضافة لبعض المواد النظرية والسبب في ذلك ، تقاعس بعض الطلاب في حضور المحاضرات ، والعدد الضخم الذي لا يتسع للمدرج ، حيث الأستاذ في المعهد يشرح لنا المادة أو المحاضرة بطريقة مبسطة ومفهومة أكثر من دكتور المادة في الجامعة ، فبعض الدكاترة يقرؤون المقرر في المدرج قراءة فقط بدون شرح ، كما أن عدداً من المقررات لا تكون متوفرة في المكتبات من قبل بعض الدكاترة أو المعيدين ، وطبعاً الجواب يكون : عليكم الانتظار لمدة شهر للحصول على تلك المقررات حتى تتم طباعتها مثل ( مادة تجهيزات المباني ), ويتابع الطلاب هناك بعض الدكاترة يعطون محاضرتهم بشكل سريع ومختصر على عكس إعطائهم في الجامعة الخاصة , فالدورات التي نتبعها يعطيها مهندس من خارج الجامعة أو طالب من الكلية ، فعلى سبيل المثال برنامج ( رفع الكتل ) على نظام برنامج ( 3D MAX) لا يعطى في الجامعة ، ونحن كطلاب مضطرون لهذه الدورات لأنها تفيدنا في الحياة العملية بعد التخرج فالطالب في الدورة يدفع ما بين (1000-1500) ل.س على كل مسألة درسية ، ودورات البرامج على اللابتوب ما بين (20000-35000) ل.س
عدم توفر بعض البرامج
عدد من طلاب كلية هندسة البتروكيميا قالوا : سبب تسجيلنا في الدورات الخصوصية ضخامة المناهج النظرية وافتقارها للمعلومة العملية التي ستصادفنا في الحياة العملية مستقبلاً والسبب في ذلك أن بعض الدكاترة يعطون المقررات بكميات كبيرة لا تتناسب مع الوقت خلال السنة فمادة ( النمذجة) هي مادة تعتمد على جهاز الكمبيوتر ولا نأخذ منها إلا المعلومات النظرية ، وهنا التقصير ليس من الدكتور بل لافتقار المخابر للأجهزة الكافية ، حيث الدورات التي نتبعها تكون من قبل مهندسين تخرجوا من الجامعة وتمرسوا بالحياة العملية لإعطاء خبرتهم لنا بطريقتهم الخاصة ، لأننا لا نجد هذه المعلومات داخل الجامعة، فالمهندس يعطي المادة العملية التي يستفيد منها الطالب بعيداً عن الحشو النظري الذي لايفيدنا في مجال دراستنا. فدورة ( النمذجة) تكلف الطالب مايقارب الـ (18000) ل.س مقابل (20 ساعة ) بالإضافة لبعض الدورات المجانية .
ضمان الترفع للنجاح
ويضيف طلاب كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية : إن ضخامة المواد النظرية ، والتي لا تعطى كاملة خلال السنة تدفعنا للدورات الخصوصية ، وسرعةالإعطاء من قبل بعض الدكاترة ، كإعطاء (200 صفحة ) خلال ساعتين . بالإضافة إلى ذلك اختصار المادة فالمهندس يعطي المادة بطريقة مبسطة وسهلة ، وحتى نضمن الترفع للسنة التالية ، وعدم تجهيز بعض المخابر بشكل حديث للتزود بالمواد العملية ، فهناك مواد تعتمد على أجهزة الكمبيوتر ولا نأخذها إلا بشكل نظري ، الأمر الذي يضطرنا للدروس الخصوصية ، ونتمنى أن تكون الدروس العملية هي الأساس وليست النظرية لأنها تفيدنا في الحياة العملية بعد التخرج.
الدورات ضرورية
الوضع هنا مختلف لطلاب كلية الهندسة المعلوماتية لأن الدورات تدعم دراستهم ومكملة لها ، فعلى سبيل المثال ( برمجة Web) تعتمد على لغات البرمجة كما ذكر الطلاب : وفي الجامعة نأخذ منها ما يقارب الـ (10 ) لغات ، فنخضع للدورات خارج الجامعة ، وهي بنفس الوقت ليست ممنوعة لأنها مادة لسوق العمل المعلوماتي ، حيث في الجامعة يتم تعليم المادة من الناحية الأكاديمية فقط .بالإضافة إلى دورات (ICDL) في الجامعة وتضم (8) مواد بتكلفة (10000) ل.س أما خارج الجامعة ما بين 16و20 ألف ليرة علماً إذا خفضت تكلفة الدورة داخل الجامعة ، يتم ضبط الوضع والحد من هذه الظاهرة ، والتي تكون بتأمين قاعات وبأسعار رمزية ، ومكافأة لأستاذ المقرر الذي يعطي المادة .
ضعف الأسلوب
ويتابع طلاب كلية الهندسة المدنية بالقول : عدم الحصول على المعلومة الكافية وضعف أسلوب الاعطاء للمعلومة من قبل بعض الدكاترة تدفعنا مجبرين للدروس الخصوصية كما أن هناك مواد عدد صفحاتها كبير جداً كمادة المعلوماتية ، و الدكتور يعطي المحاضرة بشكل مقتضب وسريع خلال ساعة ونصف بالإضافة إلى اختلاف المواد النظرية عن العملية ، فالمهندس في الدورة معلوماته مبسطة ، سهلة ، مفهومة ، وبالتالي نضمن الترفع للسنة الثانية عوضاً عن ذلك طريقة التعامل في المعهد أفضل بكثير من التعامل مع دكتور المادة وهناك دورات تكلفنا ما بين (30000-60000) ل.س لدورات المناهج ودورات المشاريع البسيطة (75000) ل.س أما المشاريع المتميزة (150000) ل.س وسبب خضوعنا لمثل هذه الدورات الطلبات التعجيزية من قبل بعض الدكاترة لتنفيذ المشروع كالبحث عن فكرة لتنفيذ المشروع بشكل كامل من قبل الشابكة وبنفس الوقت الفكرة غير معطاة من قبل دكتور المادة ، ناهيك عن المجهود العقلي والفكري والزمني الذي يكون على حساب وقتنا في الدراسة ,ويتابع الطلاب :بعض المدرسين يطلبون منا عدة مشاريع ، وبنفس الوقت يكون لدينا مواد امتحانية ، الأمر الذي يجعلنا في حالة تشتت وضياع ما بين الاستعداد للامتحان وسلسلة المشاريع المطالبين بها / فعلى سبيل المثال في أحد المرات طلب منا دكتور الذهاب إلى محافظة اللاذقية وقياس ملوحة البحر وبنفس الوقت نحن نحضر لمادة امتحانية ، وبالتالي كانت النتيجة فاشلة لضيق الوقت ، فهل يعقل أن يطلب هكذا طلب تعجيزي بالإضافة إلى عدم توفر المناهج المصاغة بلغة سلسة ومفهومة ودقيقة حيث يأخذ الأستاذ المنهاج في الشابكة ويعطيها للطالب دون أي تعديل أو تبسيط، وممكن أن تكون باللغة الانكليزية ذات الشيء بالنسبة للمشاريع ، الأمر الذي يضطرنا للجوء إلى الترجمان المحلف الذي يأخذ على كل صفحة (1800) ل.س طبعاً والكلفة المادية حسب كل مادة ، فهناك مواد تكلف ما بين (1000-1500) ل.س في الساعة لكل طالب في السنة الأولى والثانية ، أما بقية السنوات ما بين (4000-5000) ل.س
واقترحوا أن تتناسب المناهج مع قدرات الطالب ووقته والربط مابين العملي والنظري والقضاء على تلك الفجوة التي تكون على حساب الطالب وأن يعطي الدكتور محاضرته بشكل سهل ومختصر ، بدون إرهاق للطالب ليوفر عليه الجهد والضغط النفسي .
معاقبة المخالفين
الدكتور عبد الباسط الخطيب نائب رئيس الجامعة للشؤون الإدارية وردا على ما ذكرناه آنفا قال :
الدورات خارج حرم الجامعة ممنوعة منعاً باتاً سواء أكان الأستاذ من داخل الملاك أو خارجه ، ومن هو داخل الملاك ومتفرغ ممنوع أن يعطي محاضرات خارج الجامعة والذي يحصل بأن يعطي الدورات إما مهندسون قائمون بالأعمال أو من خارج الملاك أو معيد أو طالب دراسات عليا والمدرس خارج الملاك نلغي عقده عند إثبات ذلك
كذلك الأمر لطالب الدراسات العليا يعاقب ، ولكن فيما إذا كان سيدرس في كلية ثانية ، يجب الحصول على موافقة رئاسة الجامعة عند إعطائه للمقررات النظرية فقط .
كما أن بعض المكلفين من خارج الملاك والذين يعطون الدروس للطلاب يكونون متحكمين بعلامة الطالب وخاصة في المواد النظرية هذا يسمى (ابتزاز للطالب ) ونحن نحاسبه بشدة لهذا التصرف . كما أن هناك لجنة في كل كلية تقيم أداء الطالب في المقرر وهذه اللجنة تسبر عدداً من الأوراق الامتحانية وسلالم التصحيح ومعالجة جميع نسب علامات النجاح المتدنية , وأية شكوى تردنا ننهي عقد المخالف إذا كان من خارج الملاك ، إما اذا كان من داخل الملاك ، يحال للرقابة الداخلية أو مجلس تأديب حسب درجة المخالفة ، ويؤخذ بحقه العقوبة اللازمة حسب الأنظمة والقوانين , ويضيف الدكتور عبد الباسط بإمكان أي أستاذ أن يعطي دورات ضمن حرم الجامعة إذا كان ضمن قانون التفرغ العلمي ومكتب ممارسة المهنة .
وينهي حديثه : هناك مخرج آخر هو نظام التعليم المسائي للاستفادة من إمكانيات الجامعة وفيها فائدة لأعضاء الهيئة التدريسية ، والعاملين في الجامعة ونحن بانتظار موافقة رئاسة مجلس الوزراء على هذه الخطوة لما فيها من تحسين للمستوى المعيشي للدكتور والموظف في الجامعة بنفس الوقت .
محاربة المدرس الفاسد
ويقول عميد كلية هندسة العمارة الدكتور نضال صطوف : عدم التزام الطالب بحضور المحاضرات بسبب الزحمة في المدرج غير مبرر فالطالب المجتهد يلتزم بالوقت بالإضافة إلى عدم التزام بعض المدرسين بإعطاء المعلومات اللازمة فهناك بعض المهندسين من خارج ملاك الجامعة ، يعطون ساعات في الجامعة لتدريس الطلاب والغاية ليس لقبض مبلغ رمزي ، بل الهدف إعطاء دورات خارج حرم الجامعة ففي العام الماضي تم محاسبة عدة مدرسين وحرمانهم من التدريس في جامعة البعث بالإضافة إلى ضبط بعض الطلاب المتخرجين و معظمهم طلاب الدراسات العليا بإعطاء دروس خصوصية وقمنا بإبلاغ كلياتهم لمعالجة الموضوع واتخاذ الإجراء بحقهم وتم تصوير هوياتهم وإرسال أسمائهم إلى كلياتهم .
ويتابع عميد الكلية :للقضاء على هذه الظاهرة يجب محاربة المدرس الفاسد والتزام الطلاب بحضورمحاضراتهم وبالتالي لن يكون بحاجة للدورة وبنفس الوقت لن يجد المعيد أو المهندس مجالاً أو فرصة لإعطاء الدروس الخصوصية للطلاب . بالإضافة إلى تقديم الطلبة شكوى على أي مدرس يعطي الدروس سواء في المعهد أو البيت والإدارات والكليات لا تتوانى عن محاسبة أي مدرس مقصر أو مخالف .
وحالياً تم تشكيل لجنة سرية لمتابعة جميع المدرسين الذين يقومون بالتدريس في المعاهد الخاصة ، وسيتم حكماً حرمان المدرسين وكذلك الأمر لباقي الكليات .
ثقافة الدروس الخصوصية
إن ظاهرة الدروس الخصوصية تحولت لتجارة ، المستفيدين منها ، ابتداء من الطالب الذي يعتمد على الدورات لضمان نجاحه وترفعه ، وانتهاء بالمدرس المستفيد مادياً والذين معظمهم إما مهندسون من خارج الملاك أو طلاب دراسات عليا أو خريجون لم يجدوا لأنفسهم وظيفة فاعتبروها وظيفة لهم مما يؤثر سلباً على مستوى الطالب الجامعي وخصوصاً أن تلك الدورات ليست مقتصرة على المعاهد بل أصبحت تعطى في البيوت من قبل طلاب الدراسات العليا .
وهنا لابد من وجود رقابة صارمة ومتابعة حقيقية للقضاء على هذه الظاهرة وذلك بالتعاون مابين الإدارات والكليات .
رهف قمشري