أعترف بأنني كنت مقصراً في متابعة إبداعات الأديب الموسوعي – عبد الرحمن غنيم- في حقول الشعر والدراسات الأدبية والسياسية والتاريخية ، فكنت أقرأ له مقالات مختلفة عن الحرب النفسية ودورها في المعركة وعن الثورة الفلسطينية ، والمقاومة الفلسطينية والأيديولوجيا الثورية والمرتكزات النفسية للكفرة الصهيونية، والبعث والقضية الفلسطينية، كما اعترف أنني لم أقرأ شعره إلا مصادفة وهو شاعر وله مجموعات شعرية منها : – في ظلال وادي الصمت- وقد صدر في القاهرة في النصف الأول من ستينيات القرن الماضي، و- دوائر في الهواء- وهو من منشورات اتحاد الكتاب العرب في دمشق مطلع الثمانينيات . و- لابد من أحد يموت في الجليل- وهي آخر مجموعاته الشعرية ، صدرت في عام سبعة بعد الألفين .
وقد استمر تقصيري غير المقصود في متابعة هذا الأديب إلى عام ثمانية بعدالألفين وهو العام الذي كانت فيه دمشق عاصمة الثقافة العربية ، وقد شهد هذا العام نشاطات إبداعية وإصدارات جديدة متميزة للكتب،وكان كتاب – نجمة دمشق- لعبد الرحمن غنيم من الكتب المتميزة مضموناً وأسلوباً، وقد تناول هذا الكتاب الصفحات الأولى في تاريخ دمشق ومحيطها، والتسمية – نجمة دمشق- لأنها تتخذ شكل النجم، وتؤدي حضاريا ً وثقافيا ً دور النجم ، وهذا ليس من فراغ وإنما بالاعتماد على جملة من المعطيات الأساسية منها ماتقوله الجغرافيا التاريخية وماتقوله الوثائق التاريخية المتوفرة، وماتقوله الدلالات اللغوية والميثولوجية لتشكيلة أسماء الأماكن المشكلة لنجمة دمشق بما في ذلك أسماء المعالم الطبيعية الأساسية ، وبعد أن قرأت كتاب نجمة دمشق لعبد الرحمن غنيم شعرت بالإعجاب بهذا الأديب وأكبرت فكره ورؤاه،وهذا حرضني على البحث عن كتب أخرى له ، وكانت المفاجأة التي أشعرتني بتقصيري أكثر أن لهذا الأديب الشاعر والدارس والمؤرخ أكثر من أربعين كتابا ً خلال نصف قرن من العطاء وهي تتناول موضوعات مختلفة فبالإضافة إلى الإبداع الشعري من خلال مجموعاته الشعرية التي أشرت إليها هناك الدراسات التاريخية والأسطورية الهامة ومنها :
حول النشأة التاريخية للأيديولوجيا الصهيونية ، مذكرة البحث عن آدم.. سبع عجاف يعقبهن الحصاد، عربة كيردوين وقصر عايض الكبير … حقيقة الأصل العربي لخميرة أوروبا السلتية.
كما نشر بالعربية والانكليزية كتاب : طوفان نوح :الهدف – الزمن – المسرح ، وقد صدر في دمشق في مطلع الألفية الثالثة .ويهوه إله اليهود الخاص .
وهو يعمل منذ سنوات على – موسوعة الحقبة السلتية في التاريخ العربي ، وهذه العطاءات تدل على ثقافة موسوعية ، ومتابعة دؤوبة ،وإرادة ثقافية وإبداعية صلبة، وهمة عالية لاتعرف الكلل والملل وخصوصا ً في الحفر عميقا ً في ماضي بلادنا وإلقاء حزم الضوء على حاضرها ومستقبلها .
د. غسان لافي طعمة
المزيد...