تناغم رائع بين الماضي والحاضر والسهل والجبل والبر والبحر والتاريخ والجغرافيا هي العنوان العريض للسياحة في سورية بشكل عام و حمص إحدى المحافظات السورية الغنية بالمقومات السياحية الطبيعية و التاريخية و الدينية ..
ولأن قطاع السياحة هو قطاع حساس جداً للأمن والأمان، فهو من أولى القطاعات التي تضررت في ظل ظروف فرضتها الحرب حيث سجلت الخسائر أرقاماً كبيرة جداً, ولكن بالرغم من كل الظروف الصعبة حافظ هذا القطاع على ما أمكن خاصة وأن السياحة تعتبر من دعائم الاقتصاد الوطني و لها دور فعال في تنشيط جميع القطاعات الاقتصادية و تحقق تسويقاً إضافياً للسلع المنتجة محلياً وتوفر فرص عمل متجددة ..
تتطلب مبالغ ضخمة
وللوقوف على واقع السياحة بحمص التقت (العروبة) عدداً من أصحاب المنشآت السياحية التي عادت للعمل خلال الصيف المنصرم ,والذين أكدوا أن قلة اليد العاملة الخبيرة عائق كبير خاصة في المجالات الاحترافية , و أشار بعضهم إلى أن أصحاب الخبرة الموجودين حالياً يطلبون أجوراً عالية جداً و لا يلتزمون بالعمل في أغلب الأوقات, و تحدث بعضهم عن ضرورة تحسين واقع البنى التحتية في المناطق التي تضم منشآت إطعام و مبيت في حين أكد أصحاب المنشآت الواقعة على نهر العاصي بأن تنظيف النهر أصبح حاجة ملحة, كونه يؤثر على الناحية الجمالية للمنشأة ..
أما أصحاب المنشآت في تدمر فيرون بأنهم الخاسر الأكبر بسبب التهدم و الخراب الذي حل بمنشآتهم على يد العصابات الإرهابية و يأملون أن يتم لحظهم بقروض ميسرة ليتمكنوا من العودة إلى العمل , و نوه بعضهم إلى أن العودة تتطلب مبالغ مالية ضخمة ..
وأشاروا إلى أنه من الضروري اليوم وضع قاعدة بيانات لكل المشروعات السياحية بدءا من اصغر مشروع وصولا إلى أكبرها ووضع آلية تنفيذية وبرنامج زمني لإعادة كافة المنشآت التي تضررت بفعل الإرهاب إلى العمل في القطاعين العام والخاص وتقديم جميع التسهيلات اللازمة بما فيها تبسيط الإجراءات الإدارية وتقديم القروض الميسرة.
لاضوابط واضحة
من جهة أخرى أكد بعض العمال الموسميين الذين التقتهم العروبة بأن فرصة العمل التي تأتي خلال موسم الصيف جيدة من حيث الراتب و لكنهم يعانون من تحكم صاحب العمل بهم خاصة و أن العمل بصيغة موسمية ودون ضوابط واضحة
20 منشأة عادت للعمل
مدير سياحة حمص المهندس أحمد عكاش أكد بأن الشكوى الأكبر هي نقص اليد العاملة المتخصصة و خاصة في منطقة الريف الغربي من المحافظة
وأشار إلى وجود 84 منشأة إطعام و 17 منشأة مبيت من جميع السويات في المحافظة و منها 18 منشأة إطعام دخلت الخدمة في العام الماضي و تمت إعادة تأهليها بقيمة 9,8مليار ل. س , إضافة لمنشأتي مبيت بلغت تكلفة إعادة التأهيل لكليهما 2,7 مليار ليرة..أي أن العام المنصرم شهد عودة 20 منشأة للعمل من جديد ,ليكون العدد الإجمالي للمنشآت السياحية العاملة 101 منشأة من مختلف السويات و تشرف مديرية السياحة عليها من سوية النجمة الواحدة و حتى الأربعة نجوم أما المنشآت من سوية الخمس نجوم فأكد عكاش أنه يوجد في حمص منشأة مبيت واحدة و أخرى إطعام من سوية الخمس نجوم ..
وعن ارتفاع الأسعار ذكر عكاش بأنه يوجد مشكلة بنسبة الإشغال وارتفاع كلف التشغيل بدءاً من المازوت وصولاً لأدق التفاصيل وهو أمر يضطر بصاحب المنشأة لرفع السعر ليتمكن من تغطية النفقات ..
ويرى عكاش بأن الضريبة ليست عائقاً كبيراً كونها لاتشكل رقماً كبيراً فبالنسبة لمنشآت الإطعام تتراوح نسبة الضريبة بين 5,5% و 6% بينما تصل إلى 10% في منشآت المبيت وهو رقم غير كبير , وأشار إلى التزام جميع أصحاب المنشآت بالتسديد الضريبي بشكل شهري .
لامقومات لها
وتحدث عن ضعف المقومات لقيام سياحة شتوية بالمعنى الحقيقي للكلمة كما أن كلف التشغيل فيها مرتفعة جداً و تصل لأضعاف الكلفة في موسم الصيف..
وأكد عكاش أنه تم التقدم بثلاث طلبات لأصحاب منشآت إقامة جادين للتوسط لإعطائهم قروضاً ميسرة لإعادة تأهيل منشآتهم في تدمر و خاصة أنها المنشآت الأقل ضرراً..
6 ضبوط خلال عام
وأشار إلى أن العام الماضي شهد تنظيم 6 ضبوط فقط في منشآت سياحية في المدينة بسبب عدم الإعلان عن الأسعار أو عدم تحقيق النظافة و أشار إلى وجود 40 منشأة في المدينة من أصل 101 والباقي يتوزع أغلبه في الريف الغربي..
رحلة اليوم الواحد
وعن حركة رحلات اليوم الواحد ذكر عكاش بأنها مقبولة , و يوجد يومياً بعثات أجنبية و محلية وجهتهم الأولى (تدمر) , و يوجد حالياَ بعض الشقق الفندقية المؤهلة للإقامة و لكن لفترات زمنية قصيرة..
وأشار إلى أن المديرية تقدم كل التسهيلات الممكنة لأصحاب المنشآت السياحية على اختلاف أنواعها من أجل تجاوز التعثر خلال السنوات القليلة الماضية من أجل إعادة عجلة السياحة للعمل وإعادة الازدهار لهذا القطاع المهم..
أقل من دول الجوار ب20%
بدوره أكد محمد خضور رئيس اتحاد غرف السياحة السورية ورئيس غرفة سياحة المنطقة الوسطى أن حمص تتميز بمناخ مميز وموقع جغرافي وهي من أهم المواقع السياحية على مستوى العالم فيها مقومات السياحة الطبيعية المتواجدة في منطقتي الوادي و البادية..
ورغم كل الصعوبات و العقبات وارتفاع تكاليف التشغيل مازالت الأسعار في سورية أقل بنسبة 20% إذا ما قورنت مع الأسعار في دول الجوار.
مشيراً إلى أن السياحة تأثرت بشكل كبير بسبب الحرب و التي أفرزت العديد من العقبات منها نقص اليد العاملة المتخصصة..
مهرجان الوادي داعم
وأضاف خضور: يشكل مهرجان القلعة والوادي دعماً حقيقياً للحركة السياحية وهو تظاهرة حضارية متميزة , وشهد في الصيف المنصرم عودة قوية للمغتربين ..
أما بالنسبة للبادية تحدث خضور عن أضرار كبيرة لحقت بالمنشآت الثلاث و العشرين في تدمر , وخلال زيارات متعددة للمواقع من قبل الاتحاد وغرفة السياحة برفقة الجهات المعنية تم تقديم الخدمات بهدف تشغيل بعض المنشآت وهي بحاجة لحجم عمل كبير جداً , و أشار إلى أن الأضرار المادية لأصحاب المنشآت كبيرة جدا..
وتحدث عن عودة الخدمات الرئيسية بدءاً من طريق تدمر الرئيسي وصولاً إلى شبكات الهاتف و المياه والكهرباء , مؤكداً أن لعودة الأهالي عاملاً إيجابياً فعالاً في عودة الحياة و الحركة إلى المنطقة ..
سوق الاستثمار فرصة
وذكر خضور بأنه يوجد ست منشآت على نهر العاصي لحقت بها أضرار كبيرة , ومؤخراً اجتمعت الغرفة بأصحاب المنشآت وأوقفت عمليات البيع بالمزايدات العلنية بالنسبة للمشاريع المتعثرة وإعطائهم فرص جديدة ,ونحن بصدد إرسال الأضابير الخاصة مع كل الوثائق المطلوبة ليصار إلى متابعتها ..
وأشار خضور أن سوق الاستثمار المقبل سيكون فرصة جيدة لأصحاب المشاريع المتعثرة لإحداث شركات مساهمة بمجالس إدارة وفق نسب و ضوابط محددة.
دورات مجانية
وذكر خضور بأن الغرفة تجري حالياً العديد من الدورات المهنية (بالمجان) بهدف صقل خبرة الكوادر العاملة لكل المستويات ولخدمات متنوعة مثل خدمات المطاعم والطبخ والخدمات الفندقية و المكاتب السياحية و السفر ودورات لها علاقة بالمكاتب أو الدلالة السياحية إضافة لدورات اللغة الانكليزية والفرنسية والروسية لضمان حسن التعامل مع الزبائن..
كما أننا نجري دورات صقل و تأهيل للمهنيين على رأس عملهم للارتقاء بمستوى الخدمة .
الضمان عند
الحوادث فقط
وتحدث خضور بأن السياحة في منطقة وادي النضارة موسمية (صيفية) و بالتالي فإن العمالة تكون بالحد الأقصى في موسم السياحة وتنخفض جداً في الشتاء بسبب انخفاض الإشغال..
ويلتزم صاحب المنشأة ببعض النقاط تجاه العامل الموسمي في حالات الحوادث فقط , لكن بدون تعويض نهاية الخدمة وهذا الموضوع تحدد ضوابطه القانون ..
وأشار خضور إلى أنه من المخطط في العام الحالي تشكيل لجان متابعة مؤلفة من أعضاء الغرفة للتنسيق مع بقية الدوائر و الجهات الرسمية لدراسة مقترحات ومقومات العمل السياحي في المحافظة ،و التنسيق مع مديريتي السياحية في حمص و حماة لإطلاق الحملات الترويجية و تشجيع السياحة الداخلية ….
ربط السياحة بقطاعات متعددة
وبحسب الاختصاصيين فإنه من الأهمية بمكان ربط النمو السياحي بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية ، ووفقاً للمجلس العالمي للسياحي والسفر WTTCفإن اصطلاح التنمية السياحية يعبر عن مختلف البرامج والخطط التي تهدف إلى تحقيق الزيادة المستمرة والمتوازنة في الموارد السياحية وتعميق وترشيد الإنتاجية، وهي عملية مركبة ومتشعبة تضم عدة عناصر متصلة ببعضها ومتداخلة , تقوم على محاولة علمية وتطبيقية للوصول إلى الاستغلال الأمثل لعناصر الإنتاج السياحي، وربط ذلك بعناصر البيئة وتنمية مصادر الثروة البشرية للقيام بدورها في برامج التنمية.
أخيراً
يعتبر تعويض النقص باليد العاملة عن طريق دورات تأهيل في المدارس الفندقية، وإعفاء أصحاب المنشآت السياحية من الالتزام بالسجل التجاري ،ودعم المنشآت السياحية بكافة السبل الممكنة لإعادة الترميم و ضمان العودة للعمل بالسرعة القصوى وخاصة المنشآت المهمة و الكبيرة ،والعمل على متابعة أعمال البنى التحتية من صرف صحي ومياه وهاتف وكهرباء و طرقات إنارة …. وغيرها بدءا من المناطق المتضررة….و العمل على التشجيع لتأسيس و إحداث شركات نقل عامة وخاصة سياحية محترفة لتغطية الوصول و المغادرة من وإلى أي موقع سياحي في المحافظة،و السعي لإيجاد سوق للمهن اليدوية بحمص على غرار سوق رستم باشا بحماة لإقامة معرض دائم لها ، و التعاون مع اتحاد غرف السياحة السورية في تأمين المطبوعات السياحية بأنواعها الخاصة بالمحافظة للإضاءة بشكل مميز واحترافي على المواقع السياحية والأثرية والدينية و المواقع الجغرافية المميزة… كل ما سبق ذكره يعتبر من أولى الأولويات التي يجب أن تضعها الجهات المعنية بالقطاع السياحي نصب عينيها لتنهض بشكل فعال و حقيقي بهذا القطاع المهم ذي الفائدة المتعدية لقطاعات كثيرة أخرى ..
هنادي سلامة