قطاع الزراعة كان المثال الأبرز لثورة الثامن من آذار ،حيث تكثفت خطط التنمية الزراعية والنهوض بالأرياف وكل حسب خصوصيته، وتحّولت سورية خلال فترة قصيرة إلى دولة تثير الإعجاب بتحقيق الاكتفاء الزراعي وتنتقل إلى تصدير الفائض بسمعة جيدة لمحاصيلها التي سميت بالنظيفة ،ومحققة شروط أمنها الغذائي ، ومسيطرة على سلتها الغذائية الأساسية من الحبوب، ومجهزة ما يلزم للاستثمارات المستقبلية.
وتم إحداث عدة صناديق لدعم القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني ومنها المرسوم التشريعي رقم 29 لعام 2008 القاضي بإحداث صندوق لدعم الإنتاج الزراعي حيث نص المرسوم على تقديم مبالغ مالية لتنفيذ السياسات الزراعية المقررة ودعم مستلزمات الإنتاج الزراعي كالبذار والغراس والأعلاف والأدوية البيطرية والتلقيح الصناعي ومكافحة الأمراض النباتية والجائحات التي تهدد الإنتاج الزراعي والثروة الحيوانية.
أيضا ولزيادة الإنتاجية والحفاظ على المياه المتاحة تحققت خطوات مهمة في هذا القطاع حيث رصدت الحكومة الاعتمادات اللازمة لمشروع الري الحديث كما زادت أسعار المحاصيل الأساسية كالأقماح والأقطان وغيرها … وتبذل الحكومة جهوداً للحد من آثار حالة الجفاف وتوفير أراض مروية من مصادر مائية مستقرة تضمن استقرار الإنتاج الزراعي وضمان الأمن الغذائي.
وبهذه المناسبة كان لنا جملة من اللقاءات مع الفلاحين:
محمد عودة – قال : خلال العقود الماضية كان للقطاع الزراعي نصيب مهم في خطط التنمية حيث حقق تطوراً ملحوظاً في مجال إنتاج السلع الإستراتيجية مثل القمح والقطن والزيتون والحمضيات تطلعا للانتقال من حالة الإنتاج الكافي لتغطية معدلات الاستهلاك المحلي إلى تحقيق الوفر التصديري وتأمين مخازين استراتيجية من هذه المحاصيل تساهم في تحقيق الأمن الغذائي وتحقيق الكفاية من المواد والسلع المعتمدة على المحاصيل والمنتجات الزراعية.
كما شهد الإنتاج تطوراً في باقي السلع الغذائية كما القمح والعدس والحمص والبطاطا ليصبح أهم ما أنجزته سورية في الحقبة الماضية هو تحقيق أمنها الغذائي والتوصل إلى الاكتفاء الذاتي في إنتاج الحبوب وتصدير الفائض منه بالإضافة إلى التوسع في الأراضي الزراعية وتنوع المحاصيل، وتطور إنتاج الزيتون والتفاح والحمضيات نظرا لإدخال مساحات جديدة من خلال مشاريع الاستصلاح ، ولكن حربا كونية على بلدنا على مدار ثماني سنوات أثرت على هذا الواقع مع جملة ما تأثرت به البلاد ورغم ذلك بقي الفلاح صامدا يعطي الأرض جهده وتعبه كي تعطيه .
اكتفاء ذاتي بالثـروة الحيوانية
مربي الأغنام م .شداد قال : حققت الثروة الحيوانية معدلات نمو إيجابية من الغنم و الماعز و البقر و الدواجن محققة بذلك اكتفاء ذاتيا من اللحم والبيض والحليب ومشتقاته وترافق كل ذلك بانجازات مهمة على صعيد الخدمات الصحية والبيطرية واللقاحات من خلال تطوير مراكز الحجر الصحي والرعاية البيطرية وتأمين مستلزماتها بهدف المحافظة على الثروة الحيوانية وزيادة أعدادها ومنتجاتها وحمايتها من الأمراض المعدية والسارية ، ولكن الحرب أثرت على هذا الواقع فالغلاء طال كل شيء حتى علف الحيوانات ومستلزماته مما انعكس سلبا على المواطنين بشكل عام لأن المشتقات الحيوانية طالها هذا الغلاء .
محمد خضور – قال : «عندما يكون الفلاح بخير يكون الوطن بخير» شعار يجب أن يكون دائما نصب أعيننا وخصوصا في الوقت الذي تتعرض فيه أرض الوطن لأشرس حرب كونية ،فالفلاح بقي في أرضه ، واستمر بإنتاجه من أجل تعزيز صمود الوطن رغم كل ما تعرض له من ترهيب ، وقدم الشهداء ، وهناك أمثلة عديدة لشهداء قدموا أرواحهم وهم يزرعون أرضهم ورفضوا مغادرتها .
وهذا ليس بجديد على فلاحنا السوري الأصيل فقد ذخر التاريخ بالبطولات والنضال ضد المستعمر ومحاربة الرجعية ومقارعة الإقطاع وكل هذا كان عفويا غير منظما إلى أن جاءت ثورة آذار عام 1963 ونظمت الفلاحين وجهودهم من خلال تأسيس التنظيم الفلاحي عبر تنظيمين فلاحيين ممثلاً في الجمعيات التعاونية ،والنقابات الفلاحية ,وفي العام 1974 وبتوجيه من القائد المؤسس حافظ الأسد صدر القانون 21 القاضي بتوحيد التنظيم الفلاحي بهدف توحيد جهة الإشراف على نضال الفلاحين وتوحيد القرار تنظيمياً وسياسياً وإنتاجيا ً.
الوطنية بذرة فلاحية
سمير حمدان – قال : إن الفلاح أول من ارتبط بالأرض ولذلك يمكننا القول إن الوطنية هي بذرة فلاحية كون الوطنية تعني الوطن والوطن يعني الأرض.
فالفلاحون استمروا بالعمل ،وحملوا المعول بيد وباليد الأخرى بندقية ،زرع وحارب مع شعبنا الأبي بمساندة الجيش العربي السوري ويستكمل مسيرة التطوير والتحديث ،مسيرة الإنجازات والعطاءات التي استفاد منها كل فلاح ،ويبذل كل جهده ليقطع الطريق على الأهداف البعيدة التي يرمي إليها المخططون والمحركون لقوى الإرهاب ،والتي تهدف إلى تدمير بنية الدولة السورية ونسف إنجازاتها التي جعلت سورية على مدى السنوات الماضية حالة متفردة في العالم ،من حيث قيامها بأعباء النضال القومي والوطني وما يستوجبه ذلك من متطلبات كبيرة ،وبذات الوقت تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية مستقلة جعلت من سورية الدولة الأقل مديونية في العالم الثالث ،والدولة الأولى في تحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي ،مع تحقيق انجازات عظيمة وضخمة تعجز حتى بعض الدول الكبرى عن تحقيقها خدمة لمواطنيها ،وهذه المنجزات هي التي أرادت الدول الداعمة للإرهاب النيل منها لذا نحن نحض اليوم على التمسك بنهجنا , وأن نحافظ على مكتسباتنا وأن نعمل على تفويت الفرصة على كل المتآمرين للنيل منا عبر إضعاف اقتصادنا .
سهيل الخضر – قال : للفلاحين شجون وهموم بشكل عام وفلاح المنطقة الوسطى بشكل خاص في ظل الحرب التي شنت على بلدنا , والإرهاب الواقع على كافة القطاعات وبالأخص القطاع الزراعي الذي يعتبر القطاع الأساسي والذي يعتمد عليه في عودة الانتعاش الاقتصادي للدولة والمواطن على حد سواء .
ولذلك يجب العمل وبيد واحدة متكاتفة على تحسين أوضاع الفلاحين من تأمين مادة المازوت والحد من ارتفاع أسعار المبيدات الحشرية والأدوية الزراعية ومحاسبة تجار القطاع الخاص الذين يتلاعبون بأسعار السماد الكيماوي وبالإضافة إلى ضرورة حظر الرعي الجائر للأشجار المثمرة والكروم من قبل ضعاف النفوس وتأمين وسائل النقل الكافية والجرارات لنقل المحصول إلى مراكز الحبوب وبكلفة أقل من الأسعار المطروحة وزيادة المقنن العلفي وتخفيض أسعاره.
منذر الضاهر – قال : حمص المحافظة التي تتوسط سورية بما فيها من تنوع اقتصادي يجب أن تكون بخير وعليه يجب أن نحقق للقطاع الزراعي الأمن والأمان ولا سيما أن لدى سورية قطاع زراعي قوي وقوة الصناعة والزراعة هي التي دعمت الاقتصاد والليرة السورية وعودة الزراعة والصناعة بقوة وتحقيق الميزان التجاري هو الذي سيحمي الاقتصاد والمجتمع وعندما يتوفر دعم للقطاع الزراعي يكون هناك دعم للمواطن السوري .
الخطة الزراعية لا تنتظر ويجب وضع خطة فورية ومدروسة للقطاع الزراعي خاصة وأن الأوضاع تجري إلى ما هو خير للبلد والمواطن السوري ، لقد أصر الأهالي على دحض كل المؤامرات والفتن التي يتعرضون لها من قبل العصابات الإرهابية المسلحة ولذلك يجب بذل كل الجهود لحماية حقوق من سلبت أراضيهم عنوة واعتدي على أملاكهم من قبل العصابات المجرمة الإرهابية ، والعمل لعودتهم إلى قراهم وبيوتهم ، وهذا ما سيساهم في إعادة الأمور لنصابها وإعادة الاستقرار للبلد .
إن ثورة الثامن من آذار سارت بنا إلى الرقي الحضاري وكانت حلما و غدت حقيقة وواقعا وأشرق وجه المجتمع و أصبح الفلاح و العامل يشاركان في القرار و ينعمان بثمار عملهما في الحقول و المعامل تلك الثورة التي هيأ لها القدر قائدا استثنائيا أنقذها ممن حاولوا استغلالها يوم قاد حركة التصحيح المباركة …إنه القائد المؤسس حافظ الأسد فاكتسبت الثورة قوة و منعة و تعززت مع مسيرة التطوير و التحديث التي قادها السيد الرئيس بشار الأسد حيث تطور المجتمع على كافة الأصعدة .
ثورة الثامن من آذار دعمت العمال والفلاحين والكادحين حيث أعادت لهم كرامتهم وإنسانيتهم بالقضاء على ظلم رأس المال والإقطاع و دفعت عجلة التطور والبناء للدوران في كل المجالات فكانت الانجازات عظيمة وكبيرة لكل الشعب السوري على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية و بناء سورية الحديثة واليوم نعيش ذكراها مع انتصارات جيشنا العربي السوري على التنظيمات الإرهابية.
إحصائيات
رغم الآثار الناجمة عن الحرب التي تعرض لها بلدنا مازال قطاع الزراعة صامداً من خلال تقديم المزيد من المساندة والدعم للمزارعين لتخفيف الأعباء الاقتصادية وتجنب وقوع خسائر لديهم ..
وحصلنا من مديرية الزراعة بحمص على بعض النسب التي تظهر زيادة المساحات المزروعة مابين عامي 2011 و 2018ففي عام 2011بلغت المساحات المزروعة لبعض المحاصيل الزراعية الرئيسية القمح 400550دونما والشعير 575240دونما والحمص 21104دونما أما محصول اليانسون 17180 دونما والكمون 11200دونما والبطاطا الربيعية 20524دونما .
أما في عام 2018بلغت المساحات المزروعة لمحصول القمح 341039دونما والشعير 368281 دونما والحمص 17592دونما أما محصول اليانسون 15440 دونما والكمون 11130دونما والبطاطا الربيعية11047دونما وهناك مساحة في تدمر تبلغ 2800 هكتار كانت قبل فترة الحرب تزرع بعدة محاصيل وفي القريتين هناك مساحة 34 هكتارا و حاليا لا يتم زراعتها .
وفي عام 2018 بلغت قيمة التعويضات التي شملت الأضرار الحاصلة على التفاح والكرمة العرائشية والكرمة الأرضية في مناطق المركزين الغربي والشرقي والمخرم 214089239ليرة سورية استفاد منها 2449 مزارعا
وبالنسبة للخطة الإنتاجية للموسم الزراعي 2018 /2019 فلقد بلغت نسبة التنفيذ لغايته من القمح المروي 45% والشعير المروي 43%والحمص البعل 15% والخضار الشتوية المروية 72%واليانسون المروي 8%والكزبرة 70% كما بلغ إنتاج المساحات المزروعة من الأشجار المثمرة لعام 2018 الزيتون 61854 طنا ومن الكرمة51057 طنا ومن التفاح 150538 طنا ومن اللوز 73781 طنا
وفيما يخص الثروة الحيوانية : ففي عام 2011 بلغ اعدد الأغنام 2400000رأس والأبقار 108675 رأسا والماعز 222841 راسا, أما في العام الماضي أغنام 1393000رأس و الأبقار 69540 رأسا, الماعز 91000 رأس ,أما الإنتاج من حليب الماعز 4733 طنا , والأبقار 95965طنا , والغنم 52518طنا .
كما حظيت المرأة الريفية باهتمام كبير كونها تشكل أحد أهم عوامل استمرار العملية الزراعية من خلال تأمين مستلزمات عملها وحثها على المشاركة في المشاريع الأسرية الصغيرة وتقديم المنح اللازمة لها وإقامة ندوات تثقيفية زراعية ,بهدف توعيتها للاعتماد على الزراعات المحلية الصغيرة والمشاريع المتناهية الصغر, ويعود الاهتمام الكبير بها من خلال دائرة تنمية المرأة الريفية كونها يقع على عاتقها الجزء الأكبر من أعمال الأسرة و بالذات في الريف .
شعبة التحقيقات
المزيد...