لقد غيرت تكنولوجيا الاتصال والإعلام الحديثة البيئة التي يعيش فيها أولادنا عن تلك التي عشنا نحن فيها، فإذا كانت هذه الوسائل غيرت من أسلوب حياتنا وانتقالنا ووقت فراغنا وعلاقاتنا مع الأسرة والأصدقاء، فكيف ستكون الأجيال الجديدة التي ستعيش في بيئة من الوسائط المعلوماتية الأكثر تطورا بما لا يقاس بحاضرنا، وماذا سيحدث للخصوصيات والهويات المميزة بالصيغة التي نفكر فيها اليوم؟
يعيش أولادنا في بيئة مختلفة تماما، تعج بالحواسيب والشاشات الذهبية والفضية والمعلومات والبث الفضائي المباشر، والشبكات العنكبوتية والهواتف المحمولة وغيرها من الوسائط المختلفة، وسيتغيرون وتتغير قيمهم دون شك .
إن القنوات الفضائية وشبكة الانترنت وغيرهما من الوسائط الحديثة الوافدة إلينا قد أثرت على القيم التربوية ، وتغليب مبدأ التحرر والحرية والانفتاح غير المدروس.
عالم جديد يجذبك إليه ,ربما الرغبة في الاكتشاف أو البحث عن تسلية من نوع مختلف وربما هو البحث عن مجموعات تتلاقى فيها الآراء لتنسج حوارا حقيقيا يعكس واقعا و تجاربا ليكون حالة عامة أو خاصة توسم مجتمعا معينا,إنه عالم الانترنت والمواقع الالكترونية التي لم تعد تحصى .
فالإنترنت سيف ذو حدين ، وهو وسيلة للاتصال لها مزاياها وعيوبها ويتوقف مدى المنافع المحققة من هذه الوسيلة على طبيعية استخدامنا لها ، فالإنسان هو الذي يجعلها وسيلة منفعة أو وسيلة ضرر ، فمن مزايا الانترنت أنه أدخلنا في عصر ثورة المعلومات والشفافية ، كما سهل الكثير من الوظائف ووفر الكثير من الوقت أما من عيوبه مسؤوليته عن الحال الذي أصبح عليه شبابنا من الجلوس أمام تلك الشاشة لساعات طويلة وأصبح معظم الشباب غرباء بفعل الانترنت داخل مجتمعاتهم ، كما استخدم الإنترنت في عمليات النصب المختلفة على البنوك وعلى الأفراد بصورة مكثفة .
هذا لا يعني أن الأداة نفسها سيئة بل ذلك ناتج عن الاستخدام الخاطئ لها ، واعتبار الانترنت أداة ترفيه لا أداة لجمع ونشر المعلومات والأخطر من ذلك أن انتشار الإنترنت ظهرت له مكملات ومتممات جانبية تلتصق بهذا الانتشار ومنها ما يسمى بمقاهي الإنترنت التي استمالت إليها شريحة كبيرة من الناس غالبيتهم العظمى من الشباب الذين انجذبوا إلى ذلك الفضاء الفسيح وذلك الوافد الجديد بكل قوة حتى أصبح ارتياد الشباب لها ظاهرة جديدة تستحق البحث والتحليل والعلاج .
ما يهمنا هنا هو المنتديات الشبابية وقد تعددت تلك المنتديات وتنوعت أسماؤها منها ما يخص قرى ومناطق معينة ومنها ما يخص الشباب أينما كانوا.
لكن هل نستطيع القول إن هذه المنتديات الشبابية تعبر عن الشارع الشبابي فتحكي واقعه وهمومه وآماله وهي تلاقي في الأفكار والآراء أم أنها لا تعدو الثرثرة الآنية والتسلية?.
وهناك منتدى رصد واقع الشباب السوري من خلال طرح مواضيع يعاني منها شبابنا ويفكر بها كالبطالة والهجرة والسينما والعادات والتقاليد وتأثيرها على شبابنا وتفاصيل الحياة اليومية التي أظهرت اهتمام الشباب بواقعهم وأكدت على ارتباطهم بما يجري على الساحة الاجتماعية والثقافية والسياسية.
ولدى سؤالنا بعض الشباب والشابات المهتمين بزيارة المواقع والمنتديات والتواصل معها قالوا:
متنفس للحرية
تحدثت سدرة وهي تتابع تلك المنتديات بشكل جيد فقالت: من خلال تواجدي الدائم على هذا المنتدى لاحظت أن المنتدى كان متنفسا لكثير من الشباب الذين يدخلون المنتدى باسم مستعار فهم يعبرون بحرية عن آرائهم التي قد لا تسعفهم بها شخصيتهم أمام الآخرين فهو يساعد على معرفة الآراء الحقيقية وطريقة التفكير , أما عن الأعمار التي تراود عادة المنتديات فهي قد اختلفت بين وقت وآخر, لقد بدأت بأعمار بين ال (20-40) عاما والآن أصبحت بين ال (15-30) عاما ما يعني أن البداية كانت للمعرفة والنقاش لكن العمل وظروف الحياة تشغل الأكبر سنا لتعدد مسؤولياته.
التعبير عن الذات
سامر قال : من خلال متابعتي لبعض المنتديات الشبابية ومواظبتي على بعضها الآخر وجدت أن هنالك شبابا يطرحون ما لديهم من المشكلات التي لا يستطيعون الحديث عنها بشكل علني ربما خجلا من السؤال أو المناقشة وربما خجلا من عدم المعرفة وهذا يساعد على المعرفة والتعلم لكن على شرط المتابعة من قبل مشرف مختص ليسيطر على طريقة النقاش ديمقراطيا.
وأضاف : إن المنتديات الشبابية تطرح مواضيع هامة وتساعد على التعارف والوصول إلى أصدقاء تتلاقى أفكارهم وتنسجم لتصنع صداقات دائمة لكن هذا استنتاج تقريبي.
أما الحقيقة فلن ندركها دون البحث الواسع لأن الأمر يتعلق بالمصداقية لدى العضو والمشرف ويختلف من منتدى إلى آخر حسب النهج المتبع والمقاييس التي يؤخذ بها ومع ذلك ربما هي مهمة, أي المنتديات كسبيل لطرح الأفكار وكطريقة لمعرفة اهتمامات ومشكلات الشباب في بلد ما أو مجتمع معين.