تحتاج المرأة بين الحين والآخر إلى من يساعدها في أعمال المنزل ،وهذا لا يقتصر على المرأة العاملة بل أيضا ربة المنزل ، وبما أن مجتمعنا الشرقي بعاداته وتقاليده لا يؤيد مساعدة الرجل للمرأة بحكم أن هذا (قد ينتقص من رجولته) فالمرأة تسعى عادة لطلب مساعدة أولادها وقد توزع المهام بين الذكور والإناث كان يذهب الأولاد لجلب الأغراض والحاجيات التي يتطلبها المنزل ، أما الفتيات فيقمن بالمساعدة في أمور المنزل كغسل الأطباق وترتيب الغرف وما إلى ذلك … وقد تتبادل الأمور وذلك حسب تكوين الأسرة .
هذه المساعدة بين الأم والأبناء موجودة في كل المجتمعات بنسب متفاوتة وقد تكون منظمة ومدروسة وقد تكون اعتباطية وبحسب حاجة الأم للمساعدة ..
حول هذا الموضوع كان لنا مجموعة من اللقاءات :
بعض السيدات وهن ربات منزل أكدن أن مساعدة الأبناء ضرورية للأم وخاصة إذا كانت الأسرة كبيرة العدد فالمرأة غير العاملة قد يكون لديها أعباء منزلية أكثر لأن هناك استقبالات وزيارات بحكم أن المرأة موجودة دائما في المنزل كذلك الأعمال تتزايد مع متطلبات الأسرة الكبيرة والتي تحتضن أطفالا بحاجة لعناية خاصة .
السيدة أسيمة قالت : إن التنظيم هو الأساس فأنا كامرأة موظفة أقوم بتنظيم أمور المنزل كافة ولذلك قلما أحتاج مساعدة الأولاد ولكن في المقابل أعلّم أولادي أن يقوموا ببعض الواجبات الخاصة بهم كأن يرتبوا أسرتهم أو يجمعوا ألعابهم .
السيدة نجوى بلول قالت : إن عمل المرأة خارج المنزل يجعلها غير قادرة على متابعة أمور منزلها كافة ولذلك لا بد من طلب المساعدة ممن حولها أي الزوج والأولاد وبالنسبة لي علمت أولادي منذ أن كانوا في المرحلة الابتدائية على المساعدة في كافة أمور المنزل من غسيل صحون ومسح أرضيات وتلبية بعض الحاجيات خارج المنزل .. وغيرها وقد يستغرب جيراني كثيرا ويذهلون وخاصة أنني أم لأربعة أولاد ذكور ولا يوجد فتيات .
السيدة أميمة قالت : يقولون لي إن وظيفتي هي سبب إهمالي لمنزلي ، ولكن السبب الحقيقي يكمن في عدم مساعدة أفراد أسرتي لي بل على العكس يزيدون الأعباء على كاهلي رغم أنني حاولت دفعهم بكل الطرق إلى المساعدة إن لم يكن بشكل مباشر بل بالتخفيف من الأعباء الإضافية ( التخريب ) ولكن دون جدوى ويلومني معارفي كثيرا ولكن باعتقادي أن هذا الأمر عائد لطبيعة الطفل وميوله فهناك أطفال وخاصة الفتيات ومنذ نعومة أظافرهن يحاولن متابعة الأم ومراقبتها فيما تقوم من أعمال منزلية ويحاولن المساعدة وكثيرا ما نرى فتيات يجلبن الكرسي ليقفن عليها أمام حوض غسل الصحون ويساعدن أمهاتهن .
معظم الآراء أكدت على تأييد مساعدة الأولاد للأمهات ولكن بنسب متفاوتة وبحسب الظروف ، فالمساعدة تقل أيام الدراسة والامتحانات .. وهناك بعض الآراء الملفتة التي نفت أي نوع من المساعدة من أي شخص كان ..
إحداهن قالت : أنا لا أستطيع أن أتخيل أن هناك يدا غير يدي تعمل في المنزل وخاصة في مجال الطبخ والمطبخ .
وكانت حجة بعض الأمهات في عدم طلب المساعدة هو تحميل الطفل أعباء تنوء بها طفولته وتتجاوزقدراته في سن صغيرة .
ولكن ما هو رأي علماء النفس وما السبيل للوصول إلى حل وسط في هذه المسألة ؟
تنجح نسبة كبيرة من النساء العاملات في الموازنة بين طرفي المعادلة الصعبة : العمل والبيت ، إلا أن ذلك يكون في معظم الأحوال على حساب أعصابهن واهتمامهن بأنفسهن وأمزجتهن إذ تجد الأم نفسها مضطرة للتضحية في سبيل ذلك بأوقات فراغها وبهواياتها وحتى بالاستمتاع بأبسط وسائل التسلية وقد تضطر أحيانا إلى تحجيم علاقاتها الأسرية والاجتماعية بحجة الانشغال الدائم وفي محاولة منها للوفاء بجميع متطلبات أسرتها بشكل مثالي .
وتسعد كثير من الأمهات بالقيام بدور الضحية الوحيدة في هذا الماراثون اليومي الجبار فالواحدة تقدم نفسها قربانا لسعادة أسرتها وراحتها وأمنها وهي في قمة الرضا والسعادة والقناعة لكن علماء النفس والاجتماع يخالفون هذه الأم الرأي … منهم ينصحون بضرورة طلب المساعدة من الأطفال على أن يكون ذلك في إطار تحكمه شروط معينة وبشكل تدريجي حتى لا تفاجأ الأم بردود أفعال عنيفة فنحن جميعا نتفق على أن معظم الأطفال يذعنون بسرعة ويعلوا العبوس السريع إذا طلبت منهم الأم الذهاب لشراء أحد المواد أو حتى مساعدتها في رفع الصحون عن المائدة وهذا رد فعل طبيعي للطفل الذي اعتاد أن تناوله أمه كوب الماء وهو في الفراش ثم تأخذه من يده بعد الانتهاء ، أو التي تلقمه الشطيرة في فمه .. فهذا النوع من الأطفال يناضل من أجل المكانة التي وصل إليها وفي سبيلها يرفض – بجميع وسائله الدفاعية – أية محاولات لزحزحته عن مكانة المخدوم والهبوط به إلى صفوف الخدم وهذه غريزة إنسانية لا يمكن الوقوف في وجهها ولكن الحل يكون في معظم الأحيان بأيدينا وهو بمنتهى البساطة وكل شيء يأتي بالتدريج … وهناك بعض الحيل التي تساعدها على تحريك هذه الكائنات الصغيرة من مقاعدها والدفع بها لتقديم يد العون إلى الأم المتعبة طوال اليوم بين رحى متطلبات وشؤون العمل والمنزل .
القاعدة الأولى : النظام أي الانتظام في إعطاء الأوامر للصغير وتعويده على القيام بمهام معينة توكل إليه يوميا فيعتاد عليها فإذا أراد أن يشرب فعليه أن يأتي بكوب الماء بنفسه وإذا فرغ صحنه عليه أن يضعه في حوض الغسيل .
القاعدة الثانية : تحديد المهام إذا كان لديك أكثر من طفل فوزعي عليهم الأعمال المنزلية بالترتيب وبشكل تبادلي فمن يرفع المائدة اليوم يغسل الصحون غدا .. وهكذا حتى تمنحي كلا منهم فرصة للتعبير عن نفسه وممارسة التجربة بكل تفاصيلها .
وقليل من العقاب أحيانا لا يضر فهناك نوع من الأطفال لا تكفيهم مجرد الكلمات لتقويم سلوكهم أو لإكسابهم سلوكيات حميدة وهنا يفيد أحيانا التهديد بحرمانهم من الأشياء التي يحبونها مثل حرمانهم من ألعاب الفيديو أو تخفيض المصروف أما الذين يصرون على العناد فليكن العقاب من نفس جنس العمل ولو على سبيل التهديد كأن تقولي للطفل : “ سوف تشتري البيض لأعد لك طعامك وإلا فعليك أن تعتمد على نفسك وتعد طعامك “ وهذا قد يدعوهم إلى التفكير والتخلي عن عنادهم.
منار الناعمة