كل شخص يلتقط صورة ما يراه بشكل مغاير لشخص آخر في لحظات نفسية متباينة لتتشكل مجموعة من الآراء المتناقضة ، فبينما صورة المطر المتساقط يوقظ في قلب الرومانسيين والشعراء عالما ً حلواً ، في حين يراه المزارع خيرا ً يعم على الأرض، بينما ينظر إليه المتجولون في شوارع المدينة لقضاء احتياجاتهم اليومية أو الذاهبون إلى أعمالهم بعين القلق والهم ، إذ تتحول الشوارع إلى برك مائية تتسع وتكبر لتغمر الشوارع وتلطخ ثياب المارة بالطين والمياه إذ لا قدرة للعديد من الشوايات على تصريف مياه المطر الغزير نتيجة انسدادها بأوراق الشجر اليابس وأكياس النايلون … قائمة الشكاوى تزداد خوفا ً من وجود بعض الجور المفتوحة لاصطياد المارة الذين يلفهم غبش العتمة تباغتهم الحفرة في طريق معتم يفتقد للصيانة ، إذ ما أن تخرج الشكوى من أفواهنا حتى يبادرك المعني بالأمر “لو كنت مكاني ماذا ستفعل” والحجة قلة الإمكانيات المادية المخصصة للبلديات هم الذين يعتبرون أنفسهم شركاء في الهم ..رحم الله زمانا ً مضى وانقضى كنا ننتظر فيه سقوط المطر ليبدع في أرض طيبة نتغزل بخيوطه المنسابة عند نوافذ بيوتنا المطلة على حديقة مورقة والدفء في الداخل يعمّ، بينما بتنا اليوم نترقب رحيل الشتاء وهو يلملم حقائب همومه التي باتت كبيرة، ننتظر شمس النهار تتسلل إلى بيوتنا و تدفئ نهاراتنا الباردة في ظل ندرة المازوت وغلائه، شمس تجفف شوارعنا الغارقة بالمياه والوحل بعد أن بحّت حناجرنا يأسا ً من جدوى الشكوى ..
عفاف حلاس