المراهقة مرحلة بناء العقل والشخصية

تبدلات كثيرة تحدث في شخصية الفرد خلال مرحلة المراهقة ، حيث يبدأ المراهق بفهم وإدراك الطريقة التي تمت تربيته فيها وتتنحى جانبا  كافة الأساليب والطرق التي خططناها “نحن الأهل” لتلك التربية وتفقد فاعليتها فكل مراهق وله عقلية وشخصيته المختلفة عن باقي أفراد العائلة مما يجعل الوضع صعباً على الأهل… وعلى المراهق أيضا كونه يلجأ إلى  محاولات السيطرة بقوة , فالأمر مهم بالنسبة إليه،  و يحاول إثبات أنه شخص يستطيع الاعتناء بنفسه بعد أن كان فردا يتم الاعتناء به ..

في الوقت نفسه، نشعر غالباً بالقلق لأننا نعلم أنّ ابننا  كبر وأن أفعاله وأعماله قد تكون خطرة. وصدق المثل الذي قال  أولاد صغار هموم صغيرة، أولاد كبار هموم كبيرة  وبالنهاية على الأهل التخلّي عن التحكّم به والسيطرة عليه لأنها طريقة غير مجدية بتاتا ..

المرشدة الاجتماعية لينا العواد قالت : ستؤدي كل محاولة للتحكّم بالمراهق إلى سلوكيات مضادة مما يجعل السيطرة غير فاعلة.. خاصة مع إطلاق العنان لخياله وإبداعه اللذين يصبحان بلا حدود لتجاوز العقبات التي نفرضها عليه وذلك عن طريق الكذب أو العدائية أو الصمت وغيرها .

وأضافت : في مرحلة المراهقة يصبح زمن  التحكّم به قد فات وبدأ  يعيش حياته كما يرغب ، وهنا يصعب على الأهل تقبله ولكن المراهق يعيش حياته وحسب الدراسات فهو  يقضي أكثر من 90% من وقته من دون أهله ..بالتالي إن كان الهدف هو حمايته فلن يفلح التحكّم به في وقت قصير مع العائلة ..

وأشارت أن أفضل طريقة للتخلص من مخاوفنا هي  الحوار فمنعه من شيء ما بطريقة متسلّطة سيدفعه إلى التصرّف من دون أن يعلمنا… فإذا حافظنا على علاقة جيدة مع المراهق، يمكننا أن نعبّر له عن مخاوفنا ويمكننا أن نضع معاً طرق تسمح له بأن يعيش تجاربه مع تهدئة مخاوفنا قدر المستطاع…

وأكدت أنه من الصعب أن نثق بالمراهق في هذه المرحلة وأن نسمح له بالخروج ساعة يشاء من دون أن نعلم ما يفعله،فلا أحد يستطيع تحمل النتائج الوخيمة.. لكن علينا إدراك أنه يحاول أن  يعيش تجاربه وإن لم تكن تلك التجارب ثمرة عذاب ومعاناة فهي ليست مؤذية  أو سلبيّة.

مع الانتباه إلى ضرورة عدم  المبالغة في التحكّم مما يتسبب في إفساد العلاقة التي تربط الأهل بالمراهق  والتي تشكّل الطريقة الوحيدة الحقيقية لمواكبته.

علما أن غاية الأهل من متابعة الأبناء وخاصة المراهقين هو حمايتهم ومساعدتهم على اتخاذ الخيارات الصحيحة وهنا على الوالدين التخلي عن محاولات التحكّم به والسيطرة عليه في أكثر وقت نشعر فيه بالخوف المتزايد مما قد يحدث له .

وأضافت : التحكّم يبدأ بطرح الأسئلة على غرار الاستجواب وتحديداً (بضرورة أن نعرف) ما الذي فعلته اليوم.. مع من؟ أين ذهبت … وذلك حتى نطمئن على ولدنا  بطريقتنا ولكن هذه الأسئلة تجعل المراهق يمتنع عن الكلام ويرفض الحوار الذي لم يكن في الأصل موجودا ..  مع العلم أننا وبسبب ضغوطات الحياة اليومية ومحيطنا في بعض الأحيان نتمنى أن نحظى بمراهق مثالي، ينجح في مدرسته ولا يدخن ولا يغيب كثيراً خارج المنزل…

يحتاج المراهق لأن يتناقش معنا إذا ما رغب في ذلك, وأن نكون حاضرين عندما يحتاج إلينا. نعم، نودّ لو نختار لحظة النقاشات بأنفسنا إلا أنّ الأمور لا تسير لسوء الحظ على هذا النحو في مثل هذه السن!

وأضافت إن  التحكّم يقطع علاقتكم بولدكم يقضي على الروابط بينكم  إن كان المراهق يخشى التوبيخ وسماع المحاضرات التي لا تنتهي، فسيتوقّف عاجلاً أو آجلاً عن الكلام وسيختبئ خلف جدار من الصمت أو الكذب  وهكذا، لن نتمكّن من مواكبته.

وختمت : الطريقة المناسبة هي  الإصغاء إلى المراهق بكل حب وتفهم  وإلى ما يعيشه هو دليل كبير على الحب والثقة والاحترام.

وبدلاً من اعتماد التحكّم والسيطرة، يجب مشاركته والتعاون معه وإظهار  الكثير من الاحترام. والاهتمام به وبحياته وثقافته وأصدقائه….

كلما تقرّبتم منه أكثر، كلما استطعتم أن تواكبوه في قراراته إذا ما لجأ إليكم وأن تتناقشوا معه فهكذا تضمنون جيلا معافى نفسيا وعقليا .

بشرى عنقة

الصورة من الأرشيف

 

 

المزيد...
آخر الأخبار