بعيداً عن السياسة , التي لا نستطيع الابتعاد عنها , فكرة القدم , اللعبة الأولى في العالم , هي مثل كل الألعاب , فن وذوق وأخلاق ووسيلة تعارف وتعاون رياضي- مع الآخر , وهي ثقافة .. ثقافة التنافس الشريف مع الآخر ..!! وثقافة الاعتراف بجهد الفريق الخاسر , وما يقدم من تقنية كروية …!!
بهذا المنظار أرى أن علينا أن ننظر للفوز والخسارة في كل الألعاب الرياضية ..!!
في المساء جاء ولدي حزيناً إلى المنزل وكأن هموم الدنيا سقطت على رأسه فهو قد حضر مع أصدقائه مباراة الأرجنتين وفرنسا .. وهو لا يخفي أبداً حماسه للفريق الفرنسي , عكسي تماماً أنا الذي أحب الأرجنتين التي فيها الكثير من الأقارب الذين هاجروا منذ مائة سنة إليها .. واكتسبوا جنسيتها .. والتي فيها جالية سورية هي الأكبر عدداً ونفوذاً سياسياً واقتصادياً هو الأهم بين الجاليات الأخرى ..
لا أحد يجب أن ينكر الجهد والفنيات العالية للفريق الفرنسي .. ولا أحد ينكر أن الأرجنتين استحقت الفوز …
والحديث عن فائز بجدارة وخاسر بجدارة , أي عن ( ناجح وراسب ) حديث لايمت إلى الروح الرياضية والمنطق أبداً .
أن تختلف مع ولدك في رأي رياضي أو تربوي أو ثقافي , هذا يمثل الديمقراطية في المنزل .. والمنزل هو المكان الأول الذي نتعلم فيه الديمقراطية والحرية ..!!
يشيح بوجهه عني كلما ذكرنا المباراة , وأنا أتقرب منه مادحاً الفريق الفرنسي ..!! وأخيراً استطعت أن أقنعه بوجهة نظري الأنفة الذكر …!!
من أهم المنظمات الثقافية في الأرجنتين , النادي الثقافي الذي جمع الموهوبين في الأدب وأقام الأماسي الأدبية لهم وكانت بداياته قبل مائة عام .. ومن الأدباء السوريين الكبار في الأرجنتين جورج صيدح صاحب كتاب ( أدبنا وأدباؤنا في المهاجر الأمريكية ) والياس قنصل وموسى عزيزة , وصدرت هناك ولا تزال بعض الصحف والمجلات العربية .
الصحيفة الأهم كانت ( الجريدة السورية اللبنانية ) و( المواهب ) و ( الفنون ) وأيضاً الشاعر زكي قنصل , شفيق الياس , وغيرهم الكثير .
في الأرجنتين , حضارة ومركز اقتصادي هام جداً وقد اصطدمت مع بريطانيا , الدولة الاستعمارية , قبل ربع قرن , بسبب ( جزر الفوكلاند ) التي تستعمرها بريطانيا , وهي للأرجنتين تاريخياً ..
كارلوس منعم السوري الأصل كان رئيساً لجمهورية الأرجنتين , وثمة وزراء حكام ولايات ورجال أعمال أصلهم من سورية ويفخرون بهذا الأصل ..
الأرجنتين .. مبارك فوزك بالمونديال …!!
فرنسا .. حظاً أوفر لك في مرات قادمة …!!
عيسى إسماعيل