رؤيا…كتاب وذهب

تروي كتب التاريخ العربي أنّ بعض المؤلفين العرب كانوا يهدون كتبهم للخلفاء وولاة الأمر والأمراء والحكام ،وكان هؤلاء يجزونهم بالمال والذهب .وفي أكثر من رواية أنّ الخليفة العباسي هارون الرشيد قد أمر بمنح الذهب لمن يهديه كتاباً ..فيوضع الكتاب في كفة الميزان والذهب قبالته في الكفة الأخرى …!!
وثمة قصص كثيرة من هذا القبيل .مما يعني أنّ العرب منذ القديم،كانوا يهتمون بالثقافة والمثقفين وبالكتاب والمؤلفين .وهذا معناه إدراك أهمية الثقافة في الحياة على أنّها عنصر حضاري ولا تقوم حضارة بغير ثقافة وعلم .
ثمة اليوم من يردد مقولة مللنا منها لكثرة ما اعتدنا استخدامها ..ويبدو أنّنا كعرب –مغرمون بترديد الأمثال والأقوال لاسيما التي تنال من سلوكنا فترانا نقرأ دائماً (أنّ العرب أمّة لا تقرأ )وإذا قرأنا لا نفهم ،وإذا فهمنا لا نعمل بما نفهمه …!!
ولعل ترديد مثل هذه الأقوال يكرس مفهوم اللامبالاة وعادة عدم القراءة ..مثل الطالب الذي يصفه من حوله بأنه كسول ..فيبقى كسولاً ..!!
التعميم في الأحكام والأقوال خطأ جسيم ،فليس كل العرب لا يقرؤون …وليس كلنا لا نفهم ولسنا كلنا لا نعمل بما نراه ضرورياً .
قد تكون نسبة القراء قليلة جداً ولكن حتى لو كان لدينا اثنان أو ثلاثة بالمئة لا ينطبق عليهم (الحكم )فهم مظلومون ..!!
فإذا كانت حصيلة بيع الكتب في معرض الكتاب الأخير في مكتبة الأسد قد وصلت إلى سبعين ألف كتاب أو ما يقرب من هذا الرقم …فهذا معناه أن أكثر من عشرين ألف مواطن قد اشترى الكتب على الأقل ..!!
وهؤلاء لم يشتروا الكتب ليصفوها على الرفوف ،على ما أعتقد
نعم ..هناك من يقرأ ..ولدينا مثقفون متابعون ،ولو كانوا قلة ،ولكن لا يجوز تجاهلهم …!!
لدينا كتاب وأدباء وباحثون ..وما نحتاجه هو تشجيع هؤلاء وتبني طباعة أعمالهم وما يقوم به اتحاد الكتاب العرب ووزارة الثقافة من نشر عشرات العناوين سنوياً أمراً هاماً ويخدم الثقافة ..ولعلّ قرار زيادة مكافأة التأليف مائة بالمئة سوف ينعكس إيجاباً على حركة التأليف والنشر .
لا ينتظر المؤلف وزن كتابه ذهباً ولا فضة ولكنه ينتظر الاحتفاء بمؤلفه والترويج له …وهذا ما يحصل ….فلماذا بعضنا يصر ،في أمر كهذا ،أو غيره ،أن يرى نصف الكأس الفارغ …ويتجاهل نصفه الملآن …؟!!
عيسى إسماعيل