تعد شجرة الكستناء ذات جدوى اقتصادية جيدة و ثمارها تمتلك العديد من الفوائد الصحية للإنسان سواء من المعادن أو الفيتامينات وحتى النشويات ,و يمكن اعتبارها من المكملات الغذائية الضرورية للإنسان و بحسب اختصاصيي التغذية فهي نوع من المكسرات ومفيدة للجسم وفيها وحدات حرارية قليلة و لاتحتوي دهوناً كثيرة وتضم ثمارها أليافا و فيتامينات…
تسمى بفاكهة الشتاء، وشجرة الخير لتعدد استخداماتها، حيث يمكن طحن ثمارها وأكلها كالخبز، فضلا عن قيمتها الغذائية العالية، وصلابة خشبها الذي يضاهي خشب البلوط ,و يعتبر ريف حمص الغربي من أكثر المناطق ملاءمة لزراعتها ..
وتمتد أشجار الكستناء على مساحة تتجاوز 850 هكتاراً ويزيد عددها عن مئتي ألف شجرة إلا أن ثمارها في غالبيتها غير صالحة للاستهلاك البشري كونها مصابة بأمراض العفن نتيجة عدم رعايتها والاهتمام بها بالشكل الصحيح..
العروبة اليوم تسلط الضوء على واقع هذه الشجرة التي – لو تم الاعتناء بها – وفق المعطيات العلمية الصحيحة لكانت ثروة اقتصادية لا يستهان بها , و لكانت ثمارها متمماً غذائياً جيداً بدل أن تكون (شم ولاتذوق) وبأسعار مرتفعة جداً تبعدها بشكل كامل عن قائمة مشتريات الشريحة الأكبر من المواطنين..
مهندس زراعي متخصص ذكر للعروبة بأن بيئة منطقة ظهر القصير بريف حمص الغربي الشمالي ملائمة بشكل جيد لزراعة هذه الشجرة وعند الاعتناء بها فالموسم يكون جيداً دائماً و لاتوجد معاومة , و الإزهار في شهر حزيران أي لاتوجد مخاطر البرد و الصقيع والعوامل المناخية مؤاتية حكماً
وذكر أن جبل ظهر القصير، المطل على عدة قرى وبلدات بريف حمص الغربي )كفرام، رباح، فاحل ، مقلس، حاصور.. إضافة لقرى وادي النضارة)، يعتبر من أفضل الأماكن في سورية لزراعة هذه الشجرة الاقتصادية، وذلك لعدة أسباب أهمها، كثرة أمطاره السنوية التي تتجاوز 600ملم في العام , إضافة للارتفاع المناسب عن سطح البحر بحدود (1000م) ، وارتفاع نسبة الرطوبة فيه بسبب استمرار الضباب لمدة لا تقل عن 4 أشهر في العام الواحد، إضافة لجودة التربة..
مشيراً إلى أن تجربة زراعة أشجار الكستناء في الريف الغربي من المحافظة نفذت منذ أكثر من أربعين عاماً , ولكن أغلب ثمارها غير صالحة للاستهلاك فهي مصابة بأمراض العفن وهذه نتيجة تقف خلفها جملة من المسببات منها عدم رعاية أشجار الكستناء وتقليمها ما أدى إلى تفاقم الأمراض الفطرية ويباس أطراف الأفرع و قمم البراعم الجديدة مما انعكس سلباً على الجدوى الاقتصادية لهذه الشجرة..
وقد شهدنا منذ أعوام توقف التوسع بزراعة هذه الشجرة كون التجربة – بشكل عام – عنونت بالفشل ليس لسوء الشجرة و عدم ملاءمة الظروف البيئية إنما لقلة الاعتناء بها بالشكل الصحيح ..
أحد القاطنين في قرية قريبة من المنطقة قال إنه يزرع في أرضه بحدود عشر شجرات كستناء و إنتاجها جيد و ليس فيها إصابات كونه يعتني بها و يضيف:بحكم قربنا من الغابة فنحن نرى إنتاج أشجار الغابة دون مستوى الجيد فالحبات صغيرة الحجم ونسبة كبيرة منها غير صالحة للأكل و مصابة بالعفن أو الدود , مؤكداً أنه وبحسب المعروف فإن غابة ظهر القصير تعتبر من أهم المواقع الحراجية بالمحافظة وأشجارها متنوعة ، فبالإضافة لأشجار الكستناء ، يوجد فيها الصنوبر الثمري ، والصنوبر البيروني والأرز والكينا وغيرها..
إلا أن ثمار الكستناء هي من النوعية الرديئة جداً، ولا يمكن بيعها بالأسواق لأنها تصاب بالتعفن بعد أيام من قطافها ، لذلك تباع كعلف للحيوانات كل عام.
وأضاف مواطن آخر بأن المشروع ليس له جدوى اقتصادية واضحة وكأن أشجار الكستناء حراجية فقط ولمنع انجراف التربة علماً أن لهذه الشجرة الكثير من الفوائد الاقتصادية سواء بثمرها أو بخشبها.. فلماذا لاتتم الاستفادة منها بعد أن تكبدت الجهة المنفذة أموالاً طائلة حتى أصبحت بهذا العمر والحجم ؟؟
75% غير سليمة !
رئيس موقع ظهر القصير الحراجي المهندس أحمد رحال أشار أن مساحة الأراضي المزروعة بالكستناء تقدر ب851 هكتاراً تقريباً و يغطيها بحسب إحصائيات و دراسات عام2016 حوالي 210 آلاف و 420 شجرة
وذكر رحال أن الحالة العامة للأشجار حسب الملاحظات الحقلية العامة ينتشر فيها مرض يباس أطراف الأفرع والقمة الرئيسية للأشجار والتي قدرت بشكل نسبي بحوالي 75% و لابد من أن نذكر أن إنتاجية هذه الأشجار متدنية بسبب يباس البراعم الثمرية و الطرفية فيها
التقليم زاد الطين بلة !
و فيما يخص المخاطبات و المراسلات مع دائرة الوقاية في المديرية بخصوص هذا المرض حضرت لجان مختلفة من دائرة الوقاية ومديرية الحراج بدمشق حيث تم سحب عينات مختلفة من تلك الأشجار المريضة ,وتم توجيه توصيات عديدة بتقليم الأفرع اليابسة ولم يطرأ أي تحسن ملحوظ على تلك الأشجار بل ازدادت الإصابة و ازداد عدد الأشجار المصابة
15% منتجة
وأضاف: لوحظ أنه عند القطع الكامل للجزء العلوي للأشجار المصابة ظهرت أخلاف جديدة من قاعدة القطع , بالإضافة لثبوت نسبة إنبات و تجدد طبيعي ضمن أرض الغابة صادر عن بذار الكستناء المطمورة بالأوراق اليابسة و التربة من الموسم السابق بنسبة بادرة واحدة في المتر المربع و عليه فإن عدد أشجار الكستناء المريضة و اليابسة حوالي 157 ألف و 815 شجرة , أما عدد أشجار الكستناء السليمة فهو بحدود 52 ألف و 600 شجرة, مشيراً إلى أن هذا الرقم يعبر عن الأشجار السليمة في كافة القطاعات و بالكثافات المختلفة, أما الأشجار المنتجة فيها و المزروعة على مساحات جيدة و معرضة لأشعة الشمس و الهواء بشكل جيد و بكثافة قليلة فإن نسبتها هي 15% تقريباً , وأشار رحال أن عدد أشجار الكستناء المنتجة هو 7890 شجرة و الكمية المقدرة للإنتاج الكلي هي 39 ألف و 450 كغ بمعدل إنتاج يصل لحدود خمسة كيلو غرامات من كل شجرة..
جمع وليس قطافاً
تجمع ثمار الكستناء بعد تساقطها على الأرض بتأثير وزنها و بعد تشقق القناب الحافظ لها, و لابد من الأخذ بعين الاعتبار النقاط الأساسية التي تؤثر شكل مباشر على الكميات المجموعة من الثمار والتي تأتي في أولها الطبيعة الجبلية للموقع (وديان و هضاب و مسيلات مائية شتوية ..) بالإضافة لوجود الطبقة العشبية تحت الشجرة و النباتات الشوكية و الحراجية المختلفة, وترافق عمليات جمع ثمار الكستناء مع بداية فصل الخريف و تساقط أوراق الأشجار على وجه الأرض الأمر الذي يؤدي إلى ضياع نسبة لا بأس بها من كمية الإنتاج, إضافة للعوامل المناخية و الظروف الجوية المرافقة خلال موسم الجمع من رياح و أمطار و هي تلعب دوراً أساسياً في تحديد مدة عمليات الجمع فكلما كانت الظروف الجوية جيدة طالت فترة الجمع و زادت الكمية المجموعة من الثمار و العكس صحيح..
5 آلاف من 29 ألف!
وتحدث رحال عن وجود الكثير من حالات الحمل الكاذب ضمن القنابات الشوكية الحاملة, حيث يلاحظ عادة وجود قنابات فارغة نتيجة انخفاض درجات الحرارة خلال موسم و فترة الإزهار و العقد ,أو بسبب حدوث الجفاف خلال فصل الصيف المرافق للنمو و تطور تلك القنابات وتقدر تلك الحالات بنسبة 25% من الإنتاج ..
وأشار : أنه وبعد الأخذ بالاعتبار للظروف المؤثرة فإن كمية الحمل النهائي و الإجمالي للثمار بنسبة 75% و هو يقدر بحوالي 29 ألف و588 كغ أما ما يمكن جمعه من الكمية المذكورة لا تتجاوز نسبته 20% وعليه فإن كمية خمسة آلاف و 917كغ هي كمية ثمار الكستناء الخالية من الإصابات و الصالحة للاستهلاك البشري ويمكن عرضها على المستثمرين من خلال عمليات البيع المباشر أو الضمان أصولاً ..
وأوضح رحال أن هذا الرقم نسبي ولا يمكن اعتماده بشكل دقيق كقياس لكمية الإنتاج كون الموقع هو عبارة عن غابة خاضعة للظروف و المعايير الواردة في الدراسة و عليه تقدر اللجنة كمية الإنتاج التي يمكن جمعها من الثمار الخالية من الإصابات و الأمراض و صالحة للاستهلاك بمعدل 3-9 أطنان تقريباً..
وأضاف: عادة تسقط البذور من القنابات عند نضجها مع بداية شهر تشرين الأول من كل عام و بسبب عدم إمكانية حفظ هذه الثمار خشية إصابتها بأمراض العفن يتم جمعها على شكل دفعات أو يتم بيعها بالطريقة المباشرة للمستثمرين , أو تضمين الموسم كاملاً حسب الأنظمة و القوانين كما حصل في موسم عام 2015
تقليم سنوي
وأوضح رحال: أنه يتم بشكل سنوي التدخل في القطاعات الحراجية التي تسودها أشجار الكستناء بعمليات التقليم للأجزاء الجانبية و بعملية التفريد التحسيني للأشجار المريضة أو المتكسرة و إزالة بقايا التقليم..
ومن خلال جولات القائمين على العمل في دائرة الوقاية تم التركيز على وجود عدة إصابات منها الإصابة بدود الثمار إضافة للإصابة بأمراض فطرية و حشرية و بشكل خاص على الأوراق و القنابات ,و بالاستناد إلى بعض المراسلات و محضر الجولة يمكن توضيح فحوى الإصابة و المقترحات و التوصيات لطرق المعالجة و الوقاية المتبعة ..
بيئة مناسبة
وعن مدى توفر مواقع حراجية تتوفر فيها الشروط البيئية و المناخية لإكثار هذا النوع أوضح رحال بأن أشجار الكستناء تنزاح إلى معدل أمطار سنوي يتجاوز 1000 ملم و الرطوبة الجوية لا تقل عن 60% و تربة ذات أصل بركاني حامضية خالية من الكلس وحموضتها بين (4,5-6) ph و أن تكون تربة خصبة و عميقة و هي بحاجة أيضاً إلى حرارة معتدلة صيفاً و باردة شتاءً وهذه الظروف متوفرة في منطقة ظهر القصير …
وعن المقترحات التي تساهم في إكثار هذا النوع و تحسين مردوده السنوي و مساهمته للأغراض الاقتصادية ذكر رحال أنه من الضروري التدخل في مواقع انتشار الكستناء بعمليات التربية من خلال عمليات تقليم الأفرع الجانبية وبعمليات الإدارة و التفريد التحسيني من خلال إزالة الأشجار المريضة و اليابسة و المتكسرة ,و تخفيض نسبة الكثافة الشجرية العالية و السماح لأشعة الشمس و الهواء بالتغلغل بين الأشجار لمنع إمكانية تشكل بيئة مناسبة لتكاثر آفة دودة الثمار,إضافة لدراسة إمكانية التدخل و المكافحة الكيميائية من خلال استخدام المبيدات الفوسفورية الكيميائية صعبة جداً و ذات تكلفة عالية و تتناسب عكساً مع مردود الإنتاج المتوقع ..
أخيراً
يبدو أنه لابد من البحث العلمي الدقيق و التحري عن أسباب عدم تحقق إنتاجية جيدة و عدم إمكانية الاستفادة من ثمار الكستناء و تخزينها و تبريدها , و لابد من إتباع الأساليب العلمية الكفيلة بتحويل الغابة إلى مورد اقتصادي جيد بدلاً من ضياعه هباء…
هنادي سلامة