بفضل العلم والعلماء استطعنا أن نحصن أطفالنا ضد الإصابة بشلل الأطفال ومرض السعال الديكي ومرض السل والحصبة وعدد كبير من الأمراض لكن ليتهم يخترعون مصلاً جديداً يعين أبناءنا على اكتشاف أنفسهم ويقيهم صدمات الحياة … فيا أيها العلماء والمخترعون نناشدكم أن تكتشفوا مصلاً لتريحونا وتريحوا أبناءنا من المصير المجهول الذي ينتظرهم … يقول الدكتور “..ستانلي كوبر سميث أستاذ علم النفس” أنه قام بدراسة شخصية عدد كبير من النساء والرجال الذين صادفوا نجاحاً في حياتهم واستطاع بفضل هذه الدراسة أن يكتشف العنصر الأساسي الذي يشترك فيه كل هؤلاء… وهو تقدير الذات… إنه المصل الذي يساعدهم على اكتشاف أنفسهم وتقدير ذاتهم ، نعلم جميعاً أهمية تقدير الذات في حياة الإنسان ولكن لماذا ينجح البعض في اكتشاف أنفسهم وتقدير ذواتهم بينما يفشل غيرهم…؟ يقول د .كوبر سميث في كتابه” نحو احترام الذات” أنه قام بدراسة حياة عدد كبير من الأسر التي تنتمي إلى الطبقة المتوسطة وراح يتتبع مراحل نمو الأبناء في هذه الأسر منذ الفترة التي تسبق سن المراهقة مباشرة حتى سن الشباب ومن خلال هذه الدراسة التي استمرت مدة ست سنوات استطاع سميث أن يتوصل إلى العوامل المؤثرة في شخصية الشاب أو الفتاة خلال تلك الفترة المحرجة من حياتهما …ويؤكد أن الفتى قبل سن المراهقة وما بعدها مباشرة يرى نفسه من خلال رأي والديه فيه أو تصوره هو لهذا الرأي على ضوء ما يلمسه من مسلكهما نحو بعضهما البعض ثم تصرفاتهما نحوه ونحو أخوته فالفتى الذي ينشأ وسط أسرة متحابة نجده أسعد حظاً من زميله الذي شب فجأة فوجد نفسه يعيش في بيت تسوده المشاحنات وتتردد بين جدرانه صيحات الغضب وألفاظ الشتائم الأول تمتلئ نفسه بالثقة في غده ومستقبله وبالتالي يتفرغ إلى الاهتمام بتحصيل العلم والبحث داخل نفسه عن حقيقة ميوله واتجاهاته بينما الثاني كثير الاضطراب دائم القلق شارد الذهن… وربما تأثير الفتاة في هذه السن أشد من أخيها لأنها أكثر حساسية لكل تصرف يصدر من جانب والديها إزاءها وما أكثر الفتيات اللواتي ضاعت شخصياتهم وفقدن أنفسهم نتيجة للعلاقات والمشاكل التي تنشأ بين الوالدين. غير أن الأب المثقف أقدر بطبيعة الحال على معرفة ابنه واكتشاف ميوله ومواهبه وأكثر إدراكا وتفهماً لنفسيته، وخاصة إن كان الأب يتمتع بروح ديمقراطية ويؤمن بضرورة ممارستها بين أفراد عائلته هذه الروح الديمقراطية هي التي تؤدي إلى التعاون بين الأبناء على تطوير شخصيتهم وتنميتها، فمجرد شعور الابن بأنه يستطيع أن يطرح أي قضية أو رأي للمناقشة بحرية ينمي فيه الثقة والاعتزاز بالنفس لكن نحن كآباء ومربين لا يمكن أن نكون دائماً مثاليين في كل تصرفاتنا فلنا عيوبنا وعثراتنا حتى أن تصرفاتنا في أكثر الأحيان تتغير بتغير مزاجنا فما نفعله اليوم قد نعجز عنه في الغد، فسلوكنا إزاء أبنائنا يتغير بتغير مزاجنا فنحن أنفسنا نواجه مشاكل تحتاج هي الأخرى إلى حل ، وهذا أسوأ وقت يمكن أن يلجأ فيه الأبناء إلينا بحثاً عن حلول لمشاكلهم هم وفي عصرنا هذا تتفاقم مشاكلنا وبالتالي نعجز عن حلول مشاكل أبنائنا لذلك نناشد العلماء والمدربين أن يخترعوا لنا مصلاً يعين أبناءنا على هذه الحياة.
خديجة بدور