تحية الصباح … رمضان ونقاء الروح !!

لا أعرف لماذا يرتبط الحديث عن شهر رمضان المبارك عندي بالماضي ، بأيام خلت وسنين ما عاد مثيل لها ، يحرّك فيّ أشياء وأشياء . هل تغيّر رمضان ؟! أبداً بالفكر والقيم والثواب لم يتغير ..!!. لكنه كسلوك وعادات وتقاليد .. تغيّر كثيراً ….

الطعام بالتأكيد له نكهة غير تلك !!.

العادات لم تعد حميمية والنقاء البشري بات عملة نادرة !!.

رمضان الذي عشناه أطفالاً ، وفرح الاستيقاظ لتناول السحور مع الأهل وهدير موقد ” الكاز ” ولمسات أمي ، وهي توقظنا لنشرب الشاي مع أبي و” نتسحر ” لأننا سنصوم اليوم التالي .

وصيامنا  حتى الظهر ، حيث ينتهي دوام المدرسة ونعود إلى المنزل نشرب ونأكل وكل يومين بالحساب يصير يوم صيام كامل .

لم يعد للمسحراتي أثر ..!!.
لم يعد مدفع القلعة … في المدينة يدوي معلناً وقت الإفطار …!!.
لم يعد مذياعنا الهرم ، مع رفاقه الثلاثة في القرية ، يصدح بصوت عبد الباسط عبد الصمد قبل موعد الإفطار ، وأولاد الحارة ينتظرون عند باب دارنا حتى إذا انطلق صوت المؤذن عبر المذياع ، بتوقيت دمشق انطلق الأولاد راكضين ، في كل الاتجاهات ليخبروا أهلهم أن الآذان قد رفع ويتحلقون مع أهاليهم حول مائدة الإفطار … كل هذا بات من مفردات الماضي .

لم يعد الجيران يتبادلون أطباق الطعام حيث المائدة تمتلئ بها …!!. فالطبخة هذه الأيام بالكاد تكفي وأرغفة خبز التنور حلّ محلها خبز الفرن الذي يحمل اسم الخبز ليس أكثر …!!.

حتى سنوات مضت قبل المؤامرة – الحرب – على بلدنا كنا نقيم موائد الإفطار في منازلنا وندعو الأهل والأقارب في مشهد اجتماعي وروحي باذخ في جماله ومعناه .

اليوم لا نريد لأحد أن يعرف ماذا نطبخ ، نتجنب دعوة أي كان لتناول الإفطار لأسباب كثيرة ..!.

ما هكذا كان رمضان ..!!.
ولكن ….يبقى رمضان رمزاً للصبر ومد يد العون للمحتاج والمسامحة ونبذ الضغينة وصلة الرحم ، والتعفف ، وعودة الروح إلى نقاء ربما افتقدته .. رمضان لتجديد الروح ، والقلب والحب والتفاؤل ، وحب الحياة والوطن والناس ، ويمثل وحدة الأسرة ووحدة المجتمع ووحدة الأخلاق الفاضلة .. هذا هو رمضان أكرم الشهور وأنقى الأيام …

عيسى إسماعيل

 

 

المزيد...
آخر الأخبار