“الحكواتي” مهنة تراثية في طريقها للاندثار .. كيلاني : نستثمر مهنة الحكواتي لنقد بعض القضايا الاجتماعية و الخدمية
الحكواتي ليس على ما يرام و اقتصر نشاطه على بعض الليالي الرمضانية و أصبحت مهنته من التراث ، هذا ما بدأ به حديثه لـ “العروبة” الحكواتي محمد خير كيلاني و عزى السبب إلى دخول التكنولوجيا إلى حياة الناس بدءاً من التلفاز و الانترنت و ليس انتهاءاً بالأجهزة الخليوية المتطورة .
و رغم ذلك ما زال كيلاني مستمراً بتقديم الحكاية الشعبية و التي بدأ بإحيائها منذ عام 1992 منطلقاً من الخيم الرمضانية و الفنادق و قدم من خلالها حكايات معاصرة حيث لم تعد الناس ترغب بالاستماع إلى قصة عنترة ( بطل السيرة الذاتية ) أو إلى قصص غيره من الأبطال ، و لهذا كان يعمد إلى إنهاء القصة في جلسة واحدة و يبتكر طرق معاصرة لنقد قضايا اجتماعية و خدمية مستثمراً مهنته التراثية و حضور الشخصيات المعنية و المسؤولين في المحافظة .
و عن تقاليد هذه المهنة و تاريخها يقول كيلاني : الحكواتي له تقليد محدد حيث يجلس في مكان مرتفع و يرتدي زي محدد كالشروال و الدامر و الدراعة و الشملة و الطربوش و يعود هذا الزي إلى بداية القرن التاسع عشر ، و أضاف إليها بعض التعديلات العصرية من خلال إنهاء الحكاية بجلسة واحدة و كسر الإيهام معتمداً على مسرح برخت بالتغريب بحيث لا يسمح للمستمع بالاستغراق بالقصة .
و عن تاريخ المهنة في مدينة حمص بين كيلاني أنه في خمسينيات القرن الماضي كان الحكواتي يتواجد في مقهى الجنينة في سوق الخضار و في مقهى باب التركمان و كان يجتمع الناس على اختلاف مشاربهم للاستماع إلى قصص الأبطال و حكايات الفرسان ، مشيراً أن مهنة الحكواتي موغلة في القدم و تمتد إلى عصر ما قبل الإسلام ، و لا بد للحكواتي أن يجيد المحاكاة بعمقها ومفهومها الشامل فهو أقرب للممثل الخطيب والمحدث والراوي يعتمد على ثقافته وتحصيله وعلى لسانه وانفعالاته وعلى إشاراته وحركاته والمقنع بأدائه مستعملاً الكلمة المنطوقة بأسلوب فني يتسم بالبراعة يعتمد على التأثير والتشويق .
و للحفاظ على هذه المهنة التراثية التي تتراجع عاماً بعد عام يبذل كيلاني الكثير من الجهد من خلال تدريب الأطفال و الشباب بالتعاون مع منظمتي الطلائع و الشبيبة و العديد من الأنشطة في المدارس لإطالة عمر الحكواتي و استمراريته رغم صعوبة هذه المهمة .
وأضاف : الحكواتي تاريخه يمتد إلى قديم الزمان … كما يقول في مقدمته كان ياما كان في قديم الزمان وكان للحكواتي تسميات عديدة … ففي الجزائر ” القوال ” في مصر وسورية ” الحكواتي” في العراق ” المحدث ” وعلى سواحل الأطلسي الوسطى ” إيميادزين ” وفي إيران ” النقال ” أو التقليدجي . وعند شعوب أفريقيا الغربية ” هريوت ” …
وختم قائلا :الحكواتي أقرب للموسوعي العارف بأطراف كل علم ويضيف الجاحظ تعريفاً آخر للقصاص … فهو يطلعنا على نوع من المهارات لا يجيدها غيره كما انه ( حاكي ) يجيد المحاكاة بعمقها ومفهومها الشامل فهو أقرب للممثل الخطيب والمحدث والراوي يعتمد على ثقافته وتحصيله وعلى لسانه وانفعالاته وعلى إشاراته وحركاته والمقنع بأدائه مستعملاً الكلمة المنطوقة بأسلوب فني يتسم بالبراعة يعتمد على التأثير والتشويق …
يحيى مدلج