ما الذي تريده الإدارة الأمريكية من الجمهورية الإسلامية الإيرانية ؟هل يمكن أن تنفع تلك الضغوط التي تمارسها للتأثير في القرار الإيراني ؟ ،وهل تستطيع كل تلك الرسائل التي توجهها يومياً أن تلين من الموقف الإيراني تجاه الاستماتة التي ظهرت عبر الرسائل التي أرسلتها الإدارة الأمريكية علانية وخفية للجمهورية الإسلامية الإيرانية للتفاوض من جديد ، والتي كانت تصطدم بحائط صلب لا يمكن أن يتزحزح ويقدم أية تنازلات للإدارة الأمريكية التي استنفدت معظم الوسائل السلمية وبدأت بالتصعيد علّ وعسى تستطيع أن تحقق أي تقدم يذكر ،ولكن لا حياة لمن تنادي فإيران أدركت أن الإدارة الأمريكية تحاول جرها للتفاوض لتقديم مزيد من التنازلات حول الملف النووي وحول ملفات أخرى وهذا يبدو من الأمور المستحيلة والتي لا يمكن التنازل عنها خاصة وأن صقور الإدارة الأمريكية يريدون التفاوض معها بشروط إسرائيلية جديدة وليس لإيران أي مصلحة لها بتلك الشروط لأنها تستهدف محور المقاومة وإضعافه وهذا لا يمكن أن يحصل على الرغم من الضغوطات التي مارستها بدءاً بالعقوبات غير المجدية والتي تعودت عليها إيران والانسحاب من الاتفاق النووي وكل تلك المسرحية الهزلية التي قادها دونالد ترامب لفرض شروط جديدة من شأنها إخضاعها وإركاعها.
الضغوط لم تتوقف عند هذا الحد بل تفاقمت خلال الأسبوع الماضي لنشهد فصلاً جديداً فيه رفع درجة التهديدات عبر حادثة الفجيرة والتي استهدفت تخريب وإشعال النيران في سفن تجارية وناقلات نفط إماراتية وسعودية في ميناء الفجيرة وذلك لإلصاق التهمة بإيران كي تتنازل وتخضع وتجلس على طاولة المفاوضات مع السيد الأمريكي الذي طالب أكثر من مرة في العلن والسر التفاوض لكن الردود كانت تأتي دائماً بالرفض لعدم الوثوق بالإدارة الأمريكية وسيد البيت البيضاوي الذي انسحب بكل صفاقة من الاتفاق النووي واتفاقات كثيرة فهكذا شخص لا عهد له ولا ميثاقية لأن التفاوض معه ومع إدارته نوع من العبث ، ومن الطرائف التي جرت والتي تدل على مدى استماتة الإدارة الأمريكية للتفاوض مع إيران وإنهاء الملف قبل انتهاء ولاية دونالد ترامب أنها سربت أرقام هواتف البيت البيضاوي عبر دولة أوربية لتقدمها لإيران فيما لو رغبت بالتفاوض مع الإدارة الأمريكية ولكن مع ذلك فقد كان الرد الإيراني أكثر ذكاءً عبر رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني، حيث قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن أحدا لن يتصل به من طهران مهما حاول تمرير رقم هاتفه أو فرض عقوباته وأن الإدارة الأمريكية تعرف الأرقام التي يمكن أن توصلها للقيادة الإيرانية للحديث أو التفاوض وهذا يعني أن إيران غير مستعدة لتقديم أية تنازلات للإدارة الأمريكية والمضطر والمتأذي هو الذي يسارع بالاتصال للتفاوض مع الطرف الآخر، وهي لعبة ذكية بامتياز تظهر ثقة القيادة الإيرانية بنفسها وبقراراتها وعدم تنازلها عن الشروط التي يمكن أن تمس بمواقفها الجوهرية تجاه الكثير من القضايا الهامة في المنطقة .
تفجيرات الفجيرة التي استهدفت ناقلات النفط لم تكن في الزمان والمكان عملاً بريئاً غير معروف من دبره وقام به فبصمة الموساد الإسرائيلي والـسي آي أي واضحة المعالم خاصة إذا علمنا أن ذلك الشاطئ الذي فيه الناقلات هو منطقة لا يمكن أن يدخلها أي كان وهي منطقة محروسة من المخابرات الأمريكية التي تتموضع في البحر وعلى الشاطئ ،وعلى هذا هناك استحالة لدخول أي عناصر غريبة إلى المنطقة والقيام بتلك الأعمال التخريبية وهذا يعني أن تلك التفجيرات كانت تهدف إلصاق التهمة بإيران لتشكل نوعاً من الضغط عليها وعلى مواقفها السياسية وهي ليست المرة الأولى التي تقوم بها المخابرات الأمريكية والموساد الإسرائيلي بالقيام بتلك الأعمال الإرهابية وتاريخهما أسود في المنطقة العربية وفي كل أنحاء العالم فهما يبدوان في الواقع لا علاقة لهما بتلك الأعمال نظرياً ولكن في الجانب العملي فأن البصمات هي بصمات الكيان الإسرائيلي والإدارة الأمريكية فهما المستفيدان من كل تلك الأعمال الدنيئة التي تؤجج المنطقة وتجعلها على صفيح ساخن .
أخيراً هل تنفع كل تلك الضغوطات التي تمارسها الإدارة الأمريكية على إيران لتغيير مواقفها وجعلها تفاوض على الملفات الساخنة… يبدو أن هذا الأمر من الأمور التي لا يمكن أن تحصل في المدى المنظور خاصة في ظل الأساليب غير المحترمة والاستعلائية للإدارة الأمريكية ومن يظن غير ذلك فهو واهم ولا يعرف إيران ولا يعرف محور المقاومة الذي استطاع تغيير المعادلات في المنطقة والعالم .
عبد الحكيم مرزوق