الشهيد عبد الحميد الزهراوي رافد من روافد نهر العاصي… لم يحظ ّنتاجه الفكري بالدراسة الكافية
أجرى الناقد نزيه ضاحي استطلاعاً للرأي حول أعمال الشهيد عبد الحميد الزهراوي الفكرية التنويرية التي جعلت جمال السفاح يقوم بإعدامه مع رفاقه عام 1916م وهو لا يزال في ريعان شبابه ,ولمس من خلال هذا الاستطلاع أن قلة قليلة من أهل حمص يلمّون بمعرفة منجزات الشهيد عبد الحميد الزهراوي الفكرية والنضالية المناهضة للاحتلال العثماني ,ومعظمهم لا يعرف عنه سوى أن هناك مدرسة باسم مدرسة الشهيد عبد الحميد الزهراوي ,هذا ما أوضحه الناقد نزيه ضاحي في محاضرته في رابطة الخريجين الجامعيين بعنوان «عبد الحميد الزهراوي حياته وفكره».
ويضيف الأستاذ ضاحي : بأن الدكتور عبد الإله نبهان كان قد ألف كتاباً تناول فيه حياة الشهيد الزهراوي ومنجزاته الفكرية في أربعة أجزاء ,صادر عن وزارة الثقافة عام 1995م ,فنقل السيرة الذاتية للمفكر الزهراوي من غياهب الظل إلى هالة الضوء ,وقد استقى من هذا الكتاب معلوماته عن الزهراوي ,فهو مناضل وطني كبير ومفكر سوري من مدينة حمص متنور وإصلاحي سابق لعصره ,ولد في حمص عام 1872م علَّمه والده في الكتاتيب ثم أتقن فنون اللغة العربية ودرس التفسير القرآني والحديث الشريف والعقائد والأصول, ثم سافر إلى الأستانة وأصدر جريدة المنير على نفقته الخاصة, وكان ينقد بجرأة وقوة ممارسات المحتل التركي ,محذراً ومهدداً الحكومة التركية التي أمرت بإغلاق الجريدة بسبب الأفكار التوعوية التي كان يبثها الشهيد عبد الحميد الزهراوي في مقالاته ,ثم اضطر بعد ذلك للعمل في جريدة «المعلومات» العربية وراح يكتب المقالات وينظم القصائد الشعرية ,ويقرع أبواب الإصلاح الاجتماعي بالحكمة والمنطق والعقل ,ثم أصبح ممثلاُ لمدينته حمص في البرلمان في الأستانة ولم يكن يوفر أي جهد في سبيل المطالبة بالحقوق المغتصبة للشعب المقهور ,ثم أصدر جريدة عربية سماها «الحضارة » وكانت معروفة بخطها المعتدل في كل أمر فكري أو عقائدي أو اجتماعي .وخلال هذه الفترة عُين جمال السفاح قائداً عاماً للقوات المرابطة في سورية ,وقرر فور تعيينه الانتقام من متنوري أبناء العرب ومناضليهم بغية إضعاف المقاومة الشعبية ، فتم تلفيق التهم الخطيرة لهم وأصدر حكماً بشنقهم حتى الموت وكان الشهيد عبد الحميد الزهراوي على رأس القائمة التي ضمت أيضاً الشهداء :رفيق رزق سلوم ونظير نشيواتي وغيرهم .
مشروعه التنويري
ويبين الناقد نزيه ضاحي أن مشروع الشهيد الزهراوي التنويري تجلى في احترام الرأي الآخر ,واعتماد الأسلوب العقلي في تحليل الظواهر الاجتماعية والسياسية, كما كتب في مجال التربية الحديثة ودافع عن حقوق المرأة وطالب بمساواتها مع الرجل في الواجبات والحقوق ,كما حاول ترسيخ مفهوم النسبية في التفكير ,معتبراً أن حق الاختلاف والتنوع مقدس لدى الجميع ,وطالب بالتحرر والتقدم بعيداً عن الإلغاء والمصادرة مزاوجاً بين الأصالة والمعاصرة, فقد عاش المرحلة التي كان فيها المحتل التركي مسيطراً على مقدرات الحياة ولمدة 400عام لذلك كان الجهل والفقر متفشياً , وقد حاول الزهراوي أن ينشر الوعي سواء عن طريق الصحافة أو الشعر الذي نظمه في مقارعة الظلم والاستبداد التركي .
آراؤه في المرأة
يوضح المحاضر أن للزهراوي آراء جريئة لصالح المرأة فعدا عن مطالبته لها بالمساواة مع الرجل كما ذكرنا سابقاً فقد رأى أيضا أنه لافرق بين المرأة والرجل من حيث العقول السليمة والقلوب الكريمة والهمم العظيمة .
شرق وغرب
ورأى المحاضر أن الزهراوي كان في كتاباته الصحفية يقارن بين الشرق المتخلف والغرب المتقدم , وأشار إلى تقدم الغرب في مجالات الزراعة والصناعة والفن والذوق الفني وكذلك في سنِّ القوانين المتمدنة القابلة للحياة والتطور بعيداً عن الجمود,ورأى أن هناك مواصفات معينة يجب أن يتميز بها رجل الاصلاح الحقيقي وفي مقدمتها الجمع بين صدق النظر وصدق العمل والاخلاص والتفاني في العمل فيقول في إحدى مقالاته واصفاً رجال الاصلاح :»من كثرة تجاربهم ,لانت رويَّتهم ,وصحّت عزيمتهم ,وامتزجت روحهم بحبِّ النظام الذي يحبه الله وكره الفساد الذي يكرهه الله.
أسئلة
أثارت المحاضرة نقاشات جادة أغنت الموضوع مطالبة المحاضر بتسليط الضوء على الأساليب الفنية واللغوية في شعر الشهيد الزهراوي لا سيما وأنه أتقن اللغة التركية بالَاضافة لنبوغه في اللغة العربية وكان وطنياً بامتياز شديد الذكاء سريع الحفظ للمعلومات محباً لرفاقه المناضلين معه ضد الاستبداد .
المحررة