تأخرت ولادة الشعر النبطي “البدوي” عن غيره من الشعر العامي الحضري، فالبادية وطبيعة حياة البدو لعبت الدور في ذلك، لكن ما لبث أن ولد لديهم الشعر العامي بأوزانه وأشكاله وأنواعه التي لا تقل في الأهمية عن الشعر الموزون وبشكلٍ كبير.
“العروبة ” التقت شاعر البادية أبو الطيب المنصوري للحديث عن نشأة الشعر البدوي وعن معاني هذا الشعر ومكنوناته قال :يعتبر الشعر النبطي فرعاً من الشعر العامي، وإن كانت ظروف نشأة الشعر النبطي تختلف عن ظروف نشأة الشعر العامي الحضري من حيث المكان والزمان والخصائص، على الرغم من اتفاقهما في العوامل التي أدت إلى ظهور كل منهما وهي العوامل التي أدت إلى تغيير اللسان العربي وتحوله من الفصحى إلى العامية؛ ما أدى إلى نشوء آداب عامية.
وأكد الشاعر المنصوري أن البادية هي مكان ولادة الشعر البدوي أو النبطي وإن جاء متأخراً نظراً لطبيعة البادية وسكانها الذين يميلون إلى التمسك بالقديم والمحافظة عليه. وأضاف :يقولون إن ولادة الشعر البدوي (النبطي) كانت في القرن الرابع الهجري وبدايات القرن الخامس الهجري،وهناك من يقول إن الشعر النبطي أخذ يشيع في منطقة الجزيرة منذ القرن الثامن الهجري أو لعله بدأ يشيع قبل ذلك بقرن فكانت منطقة الخليج العربي وأطراف منطقة نجد المتاخمة للحواضر العربية في العراق هي أول مكان شهد ولادة الشعر النبطي، حيث انتشر منها ووصل إلى قلب الجزيرة العربية، فأثرت تلك المناطق على مناطق البدو القريبة، وتحول الشعر إلى الشعر العامي البدوي
أما تسمية الشعر البدوي العامي باسم النبطي، فهو نسبة إلى الأنباط الذين كانوا يستوطنون العراق لكن مع اختلاف التسميات أو التوصيف فإنه لا يوجد اختلاف فإن منطقة البادية والخليج العربي هي أولى المناطق التي ولد فيها الشعر النبطي، ومن ثم بدأ ينتشر في مختلف أنحاء الوطن بتحريفات للمسمى و الأنواع، وحقيقة الأصل والنشأة أو الخلط بينه وبين أنواع أخرى..
أسلوب الألغاز
وأوضح المنصوري أن الشعراء استخدموا أسلوب الألغاز في شعرهم وهذا يرتبط بمكانة الشعر النبطي الاجتماعية، إذ أنه يحتل مكانة مرموقة في مجالس القوم ومسامراتهم، يتداولونه فيما بينهم للتسلية والإمتاع، كما يتداولونه كنوع من الثقافة، لأنه يختزن الأحداث الماضية والحاضرة، ويتضمن ما يدور في المجتمع من محاورات الشعراء وقد تنوعت أغراض الشعراء من استخدامهم لأسلوب الألغاز، فمنهم من استخدمه للتسلية، ومنهم من قالها تحدياً لمعلومات وثقافة وسرعة بديهة شاعر آخر.
وبين أن نظم شعر الألغاز يعتمد على مقدرة الشاعر ومعرفته الواسعة، فيجب أن يمتلك إضافة إلى المعرفة القدرة اللغوية التي تمكنه من صياغة ما يريد أن يخفيه ويواريه حتى يكون لغزاً قوياً، وبنفس الوقت ألا يكون بالغ التعقيد..
وأشار المنصوري أن الشعراء النبطيون استخدموا الأسلوب القصصي في الشعر، لسرد القصص التي يريدونها، وقد اختلفت مصادر القصص، فإما أن تكون قصصاً شعبيةً، أو أساطيراً يعيد روايتها الشاعر بقصيدته، وقد تكون قصة حصلت مع الشاعر نفسه فيعيد نظمها في قصيدته، وبذلك أصبح لشعرهم مزاياه الخاصة به، وله قيمٌ يشبعوه بها آخذين إياها من حياتهم وتعاملهم، فصارت القصيدة البدوية أو النبطية ميداناً يفتح فيه الشاعر البدوي نوافذه على خوالجه و تقاليده. ..
بشرى عنقة