كان له باع طويل وخبرة ثقافية فذة في فن نقل الآداب إلى لغتنا الأم….إنه الكاتب والمترجم ” حسين سنبلي”.
و في حوار أجرته ” العروبة” معه تحدث عن تجربته في فن الترجمة و التي يفخر بها حيث طبع اسمه في أذهان القراء…
و بين أن أولى محطات حياته هي دار الإرشاد للنشر التي كانت منطلقاً لحياته الأدبية ومن ثم الترجمة إذ كانت باكورة أعماله هناك قاموساً من الاصطلاحات والعبارات الاصطلاحية ، ومن ثم توالت المعاجم والقواميس وكتب القواعد, كما ترجم بعض القصص من الأدب العالمي ومسرحية الدكتور جوناثان للأمريكي ونستون تشرشل واتبعها بسلسلة مسرحيات عالمية وهي الترجمة التي جعلت له اسماً في عوالم الترجمة المهنية ..
- ورداً على سؤالنا حول الكتب المفضلة التي ترجمها قال:
ترجمت روايات وقصص ومسرحيات وكتب فكرية وأخرى في أدب الرحلات وصدر لي بضعة كتب في أدب الخيال العلمي التي يرأس تحريرها الدكتور طالب عمران وهي من الكتب التي أفضلها وإن كانت ترجمة المسرحيات أسهلها .
- وحول ترجمته لكثير من الكتب من اللغة الانكليزية و كيف كانت له وجهة نظر تجاه تلك الآداب تحدث قائلا ً :
من خلال الكتب التي ترجمتها و يبلغ عددها الآن ما يزيد عن تسعين كتاباً ، فأني لم أر في تلك الآداب ما يسيء إلى الأخلاق أو العادات، على عكس بعض الكتب العربية التي يتباهى كتابها بهذا الأمر على سبيل المثال ، ولعل ما ترجمت من الأدب الروسي جعلني أطلع إلى ما كان غائباً عني من قيم ومشاعر نبيلة..
- هل تعرضت لمواقف طريفة خلال رحلتك مع الترجمة؟
بالتأكيد حدث ذلك ” قد لا يكون موقفاً طريفا بل حدثاً له أثره في مسيرتي …حيث كان لي صديق يمازحني، لكن مزاحه أثر في نفسي أعظم الأثر، ودفعني إلى أن أحكم على نفسي بأشهر عديدة من القراءة والكتابة الدؤوبين، إذ قال لي ممازحا ً : أين أنت من طه حسين ؟ وكنا نتحدث وقتها عن التشابه في اسمي وكنيته ، فكانت جملته كالسيف الذي هوى على رقبتي ، وكان لهذا أثر كبير في حبي للغة العربية ، ودأبي على انتقائها ..
- وعن أهمية الترجمة في عصرنا الراهن ، أضاف ..
للترجمة أهمية عظيمة في كل العصور فمن دون الترجمة لا سبيل إلى الاطلاع على آداب الآخرين، وعلمهم، ولا ريب أنها تضيف شيئاً إلى أدبنا العربي ، إن انتقينا منها ما يفيد….
– وحول نقل ثقافات الشعوب الأخرى وعاداتها وتقاليدها بشكل دقيق قال:يستطيع المترجم أن ينقل ثقافة الشعوب الأخرى وعاداتها وتقاليدها وقد لا تكون هذه العادات مذكورة بصراحة في النص ، بل مبثوثة في ظلال المعاني ، ولكن إن كان في الترجمة ما يسيء أو يخل بآدابنا وعاداتنا وتقاليدنا الحميدة ، والتي تربينا عليها ، فإنني أكون حذراً وأحاول أن أقاربها لتكون ملائمة لمجتمعنا ..
- وحول كيفية تأثره بالمترجمين الذي جعله يتقن عمله قال:
أتقنت الترجمة بالقراءة الدورية واقتران القراءة بالكتابة إذ العلاقة بينهما وطيدة ، ثم أني حرصت على تنمية سليقتي اللغوية بكتابة الموضوعات والأجناس الأدبية ، وقد تأثرت بالمترجم منير البعلبكي صاحب قاموس ( المورد ) الأشهر ، كما أحببت أسلوب (أحمد حسن الزيات ) و( عبد القادر المازني).
- وكان لابد من السؤال حول الحرب الكونية التي تعرضت لها بلادنا وتأثيرها على نتاجه وأدبه فأجاب:
لربما كانت للحرب الجائرة على سورية وجائحة كورونا أثر عظيم في كتاباتي ، فقد أجبرت الحرب والجائحة معظم الناس أن يلزموا بيوتهم ، وكنت واحداً منهم ، فنزعت إلى الترجمة هرباً من واقع مؤلم ، فكانت القصص والروايات والمسرحيات ملاذي الذي خفف عني..
- وحول نصيحته للمترجمين الناشئين قال:إن الترجمة تقتضي معرفة عميقة باللغتين ، ويتطلب قراءة عميقة في أدب اللغتين وفي أسلوب الكتابة القوية في العربية، فنصيحتي لطلاب الترجمة هي الدأب على قراءة الأدب العربي الفصيح وعلى ممارسة فنون الكتابة ومن ثم القراءة في معاجم الأخطاء الشائعة وكتبها ، أي الممارسة والمران هي السبيل للإتقان ( أعط مهنتك حتى تعطيك ) ولكل مجتهد نصيب ..
– أخيرا ً .. استبشر المترجم سنبلي بأصحاب دور نشر قدامى ، وبجيل جديد صاعد منهم واظبوا على نشر الكتب على الرغم مما يواجهونه من صعوبات وتكاليف مادية وخصوصاً في الآونة الأخيرة ، ويرى أن هناك إقبالاً على إعادة ترجمة الأدب العالمي الذي ترجم غير مرة ، ولعل سبب ذلك رغبة أصحاب تلك الدور بتقديم ترجمات حديثة على أيدي مترجمين جدد ، ليقدموا للقارئ الأدب الرفيع حتى لا ينسى أو يندثر…
حوار : عفاف حلاس