بداياته مع شعر الغزل، ثمّ تنوّعت بين الهمّ الوطنيّ والبعد الإنساني… إياد خزعل: حياتي مليئةً بالقراءات في الأدب
تنوعت قصائده مابين الغزل والوطنية كونتها قراءاته المختلفة لشعراء قدماء ومعاصرين ومن خلال التفاعل مع مجالات الحياة الأدبية كافة، إنه الشاعر إياد خزعل ابن مدينة القريتين والذي كان لنا معه حديثا مشوقا…
عن حياته الأدبية قال: حياتي مليئةً بالقراءات في مجال الأدب بأجناسه كافّة؛ شعرًا ورواية ومسرحًا ونقدًا، وكنت أكتشفُ آفاقًا جديدةً للشّعر من خلالِ التّفاعل مع الحياة في مجالاتها المختلفة..
-دائما نسأل عن البدايات التي تشكل طريقًا لإبداع الشاعر فحدثنا عن ذلك .؟..
بدأت في سنّ مبكرة، ففي بلدتي (القريتين) كانت أهازيجُ الأعراس وأغاني الدبكة المنظومة بإيقاعٍ مُحكَم تشدّني، فقد تعلّمتُ الغناء وأناشيد الدبكة، وتأثّرت بما كانت تشدوه أمّي من أغاني الحزن الريفيّة، فبدأت أكتب ما يشبه الشعر في نهاية مرحلة الدّراسة الابتدائيّة، وأشارك في احتفالات المدرسة، ثمّ تطوّرت بين أشعارٍ زجليّة وفصيحة في المرحلة الثانويّة أواخر السبعينيّات من القرن الماضي بعد أن تعرّفت إلى بعض الأوزان الشعريّة، وفي المرحلة الجامعيّة أصبحتُ أدرك معنى الشّعر أكثر، وقد مرّت تجربتي بمراحل كانت فيها بين نصوصٍ بسيطة ونصوصٍ ناضجة، وتابعت ذلك من خلال مشاركاتي في أمسيات أدبيّة في الجامعة أو في مراكز ثقافيّة، وما زلت أعتبر نفسي في طور التجريب، وبشكلٍ خاصّ بعد أن اطلعتُ على تجارب شعريّة مختلفة لشعراء عرب وعالميّين أغنت تجربتي وجعلتها تتجدّد وتأخذ منحىً خاصًّا بي.
-ونلمس أن لديه ذخيرة أدبيّة واسعة و تأثره ببعض الشعراء الذين استقى من نبع شعرهم وكان لهم الدور الأبرز في قصائده فأسهب قائلا: في البداية كتبت القصيدة العموديّة، متأثّراً بشعراء كثيرين، منهم: بدوي الجبل، محمد مهدي الجواهري، الأخطل الصغير، وكان للشعر العربيّ القديم دورٌ مهمّ في تكويني الشعريّ – إن صحّ التعبير – وبخاصّة المتنبّي، وفيما بعد أخذتُ أميل إلى شعر التفعيلة، متأثّراً بشعراء لهم مكانتهم الشعريّة المرموقة أمثال محمود درويش، سميح القاسم، وبدر شاكر السيّاب، وفي مرحلة لاحقة بدأت الاطلاع على الشعر العالميّ المترجم، وعلى تجارب الشعراء العرب.
-وعن الجوانب الأبرز في موضوعاته الشعرية قال: ككلّ الشّعراء كانت البدايات مع شعر الحبّ والغزل، ثمّ تنوّعت بين الهمّ الوطنيّ والبعد الإنساني، وأحيانًا تأخذ القصيدة عندي منحىً فلسفيّاً أضمّنه ما أؤمن به من أفكارٍ، وبخاصّة رفض كلّ ما يجعل الإنسان مكبّلًا، فالشّعرُ بمعناه العميق ثورةٌ على المألوف، ومحاولةٌ لخلق عالمٍ رحبٍ يكونُ فيه الإنسانُ جوهرًا عميقًا، فالذاتيّة تغلبُ على قصائدي، لكنّني من خلالِها أعبّرُ عن رأيي بالكون والوجود والمرأة، والوطن، و تناولتُ هذه الموضوعات في قصائدي، وعبّرتُ عن نفسي من خلالها، لكنّ المرأة بوصفِها رمزاً وجوديّاً تطغى على نصوصي.
-وحول دور الرمز في ملامح شعره وهل يميل إلى التبسيط أم يحبذ اللغة الجزلة تابع : في قصائدي مزيجٌ من المباشرة والرّمز، ولكنّه الرّمزُ الّذي لا يحتاجُ إلى كثيرٍ من العناء لفهمه، بل هو تلميحٌ لما أريدُ أن أجعلَ المتلقّي يتفاعل معه، ويفهمه، وبخاصّة في القصائد التي تحمل طابعًا فلسفيًّا، ولكن في العموم تكون لغة القصيدة تتناسب مع موضوعها، فبعضُها تكون لغتها مبسّطةً، وبعضُها تأتي كلماتها جذلة تناسبُ موضوعها، وفي العموم نصوصي تميل إلى الوضوح.
-مشاركاته في الأمسيات الأدبية والمسابقات الشعرية لها دور في صنع ذائقته الشعرية فحدثنا قائلا : شاركت في كثيرٍ من الأمسيات في المراكز الثقافيّة في حمص وريفها، وفي ثقافي حماة ومصياف والرّقة، وفي فرع اتحاد الكتاب العرب بحمص، وفي جامعة البعث، وفي مهرجان جمعيّة الشعر في اتحاد الكتاب العرب بدمشق، كما شاركت في مهرجان الشعر في مدينة سلمية منذ عام 1993 حتى عام 2002، وهذه المشاركات كانت تحمّلني مسؤوليّة تجعلني أهتمّ بالنصّ الشعريّ، لكنّي لم أشارك في مسابقاتٍ شعريّة. وعادةً تجد قصائدي صداها عند المتلقّي، ولا بأس أن يرفضها بعض المتلقّين، فهذا أمرٌ طبيعيّ.
وعن الدواوين التي نشرها قال: تمت طباعة الديوان الأول عام 2005 بعنوان “فضاء للكلام”، تناولتُ فيه موضوعات ذاتيّة، وغلب على قصائدي حضور الأم ، وفي عام 2016 صدر الديوان الثاني “هذا أنا”، والديوان الثالث صدر عام 2018 بعنوان “أغنيات الصمت”، وكانت قصائدهما تحملُ طابعًا ذاتيًّا، وهناك ديوان بعنوان “بيوغرافيا الجسد” (سيرة جسد لمّا تكتمل)، قد يصدر قريبًا عن اتّحاد الكتّاب العرب، وهناك الكثير من النصوص التي تحتاج إلى ترتيب لتكون أكثر من ديوانٍ، أعملُ على أن ترى النور قريباً.
وعن كيفية تطويع لغته في شعر التفعيلة أو الشعر العمودي قال: كانت بداياتي مع الشّعر العمودي، وكتبت قصائد طويلة في هذا النّوع، ولكنّي أخذتُ أميلُ إلى شعر التّفعيلة، ففيه مساحة أوسع لما أريد التعبير عنه من أفكار، , فلغة الشعر لا تولد من فراغ، لابدّ لها من عناية واهتمام، ولا يكون إلاّ في الاطّلاع على التّجارب الشعريّة المختلفة، حتى لو كانت متفاوتة في أهميّتها .
وعن رأيه بقصيدة النثر ثم قصيدة الشعر المحكي قال: قصيدة النثر بمعناها الدّقيق لها أهميّتها شرط أن تتوافق مع معايير قصيدة النّثر، فلا أحد يمكن أن ينكرها، لكن أحيانا أجد كلامًا لا يرقى إلى مستوى الشّعر، يُقال عنه (قصيدة نثر) أمّا الشّعر المحكي، فله قواعده المتينة، وهو نوعٌ شعريّ مهمّ جدًّا، إذا ارتقى إلى المستوى المطلوب، واللغة المحكيّة ليست بعيدة عن الفصحى كثيرًا، بل هي قريبةٌ منها، وفي الشعر المحكي مساحاتٌ قد لا يصل إليها الشّعر الفصيح.
عفاف حلاس