قدم المسرح القومي بحمص يوم أمس عرضا مسرحيا بعنوان خريف البنفسج من تأليف وإخراج الفنان تمام العواني على خشبة قصر الثقافة بحضور جمهور من المسرحيين والمهتمين.
يقدم العرض شخصية أبو عبدالله التي جسدها الفنان تمام العواني وقد تخطى العقد السادس من عمره وبلغ سن التقاعد يعيش وحيدا في منزله تقوده ذكرياته إلى أن استعادة ذكرياته التي انطلقت من عودته إلى منزله في ظل أجواء ماطرة يبتل فيها كل جسده بعد أن يقع في حفرة مكشوفة حيث ينقذه شرطي عند الإشارة ويجلسه في الكولبة التي يقف فيها ويروي مشاهداته وهو داخلها بشكل جميل وينتقل بعد ذلك ليسرد تخيلاته بالاحتفال بعيد ميلاد ابنه عبد الله مع زوجته منيرة التي جسدتها الفنانة عبير الضايع حيث يروي قصة استغلاله من قبل أحد الأشخاص الذي يبيعه ماء على أنه مازوت بعد أن يقبض ثمن المازوت المفترض ويولي هاربا وكذلك يتناول أزمة الكهرباء والمياه وارتفاع الأسعار وسفر ابنه الوحيد خارج القطر للعمل وقصة لقائه مع زوجته تحت المطر وينتهي الحفل ليكشف أن كل تلك الأحداث هي تخيلات فزوجته قد ماتت منذ سنوات وليس له ابن وليس عنده هاتف من خلال الحديث الذي يدور مع عاصم الذي جسده طريف نوايا شقيق زوجته والذي كان قد اتفق معه قبل يوم على الذهاب إلى المقبرة لزيارة قبر المرحومة وهكذا يقف أبو عبد الله في مرحلة مفصلية من العرض ليستفيق من الأحلام ويعود لواقعه الذي يقول أنه يعيش وحيدا يجتر ذكرياته ومعاناته مع المرض الذي ينهي حياته على الكنبة المتوضعة وسط المسرح .
جهد الممثلون على تقديم عرض ممتع رغم سوداويته والآلام التي يعانيها بطل العرض وقد نجحوا بذلك إلى حد ما في إظهار بعض اللقطات الجميلة والإنسانية وخاصة لحظة إخراج الشرطي لأبي عبد الله من الحفرة ، ورواية مشاهداته وهو داخل الكولبة للناس ، لقاء التعارف مع الزوجة ، رقص أبي عبد الله مع زوجته وغناءها لمقطع من أغنيات فيروز ، والمشهد الختامي الذي كان مؤلما ، ولا ننسى دو الفنانة عبير الضايع في تجسيد دور الزوجة ببعض التفاصيل والانحناءة التي تدل على العمر الزمني للشخصية والصوت المستعار الذي قدمت فيه دور الزوجة وتجسيدها اللقاء الأول بكل حيوية الشباب .
عرض خريف البنفسج عرض جميل لكنه مؤلم أظهر بمراياه التي توزعت في بعض أرجاء المسرح عمق الألم المعاش بعد الحرب الكونية التي ألقت بظلالها على الجميع .
عبد الحكيم مرزوق