” بستان فاطمة ” …رواية الوطن والمرأة

صدرت  الشهر الحالي رواية ” بستان فاطمة ” للروائي عيسى إسماعيل,وهذه الرواية نالت المركز الثالث في قائمة الفائزين في مسابقة الإبداع الروائي العربي التي تقيمها دار النشر في كل سنة تشجيعاً للروائيين العرب في كل أقطار العروبة وقد شارك في هذه الدورة ثمانية وخمسون روائياً عربياً

” بستان فاطمة ” رواية حب فيها ينتصر الوطن وفيها أيضاً تنتصر المرأة

تبدأ أحداث الرواية من مدينة حمص حيث يؤمها عدد كبير من الأشقاء العراقيين بسبب الغزو الأمريكي للعراق عام 2003   وكانت سورية الدولة العربية الوحيدة التي رحبت بالأشقاء العراقيين دون النظر إلى الوثائق الشخصية لأن بعضهم لم يتمكن من إحضار ما يثبت شخصيته   وكذلك فتح السوريون مدارسهم للطلاب العراقيين دون النظر إلى  وثائقهم المدرسية لأنه أيضاً تعذّر على كثيرين منهم إحضار هذه الوثائق بسبب همجية الغزو !! فكان الطالب العراقي يقول إنه في صف كذا فيسمح له بالدخول إلى الصف الذي يريده ويعامل معاملة الطالب السوري .

وهكذا وجد المواطن العراقي سرحان نفسه مع زوجته وولديه في مدينة حمص بين أهله السوريين والتحق أبناؤه بالمدارس .

وعندما تعود أسرة سرحان إلى العراق بعد خروج المحتل لا تنقطع صلتها بالأسرة السورية ( الحمصية ) التي قدمت لها السكن المجاني ويتم التواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي والهاتف المحمول .

هنا يعود الروائي عيسى إسماعيل إلى عقود ماضية ليضيء على حياة سرحان وزوجته فاطمة  فسرحان من مدينة الزبير القريبة جداً من مدينة البصرة حيث أسرة فاطمة , ينتقل سرحان للعمل في البصرة ويتعرّف على تاجر كبير فيعمل عنده هو أبو جاسم ( والد فاطمة ) وبعد سنوات من العمل المخلص يحقق التاجر أبو جاسم ازدهاراً كبيراً وتتوسع أعماله وتجارته بفضل مساعدة سرحان فيزوجه ابنته ” فاطمة ” على الرغم من أن سرحان من مذهب آخر غير مذهبه .. لكن ” الوطنية ” هنا تنتصر على

” المذهبية “.

نعيش نحن القراء في الرواية بين أبناء البصرة ونجول في شوارعها وشاطئها وشط العرب ونعرف الكثير عن تاريخها ونضالها ضد المستعمر الإنكليزي ثم الأمريكي .. ونرى أثر الانقلابات العسكرية ، منذ أطيح بالعهد الملكي وحتى الغزو الأمريكي للعراق بداية هذا القرن .. العراق .. بتاريخه  وثرواته الهائلة وأطيافه المتعددة التي هي عامل غنى وقوة تركز عليه الرواية .. كما تركز على البعد الاستراتيجي ووشائج الأخوة بين العراقيين والسوريين  فعندما ضيق المستعمر الفرنسي على المناضلين السوريين الكبار .. وجدوا في العراق وجامعته ملاذاً لهم أمثال ( سليمان العيسى وعبد اللطيف اليونس وسليمان بشور وعدد من آل الحكيم من دمشق والملاذي والعظمة وغيرهم .

كما استقبلت سورية الكثير من قادة النضال ضد الإنكليز وفيما بعد استقبلت الكثيرين ممن جاؤوها هرباً من الظلم في أثناء الحرب العراقية الإيرانية …

من عامل بسيط في متجر إلى معاون مدير في أكبر مراكز التسوق في البصرة ،يحقق سرحان مجداً شخصياً ويفوز بـ(فاطمة )التي أحبها وأحبته دون أن يبوح أحدهما للآخر بحبه الملتهب كصيف العراق ..!!.

المشكلة الكبيرة أن أم سرحان “زنجية “أو “سوداء “ووالده غير ذلك فهو طويل وجميل وحنطي الوجه تقف أسرته ضد زواجه من “تمرة “لأنها زنجية ” وعندما تلد فاطمة في المشفى تأتي المولودة “زنجية “أي “سوداء “مثل جدتها لأبيها ،فتعمد أم فاطمة إلى خنقها بعد ولادتها بساعتين للتخلص منها ،دون أن يعلم أحد بالأمر فسرحان في بغداد لعقد صفقة مع التجار الكبار هناك ،غير أن المولود الثاني وكان “ذكراً “وتحصل الولادة في نفس المشفى ..ولكن بحضور سرحان وأم فاطمة …والمولود يشبه  أباه سرحان أي ليس زنجياً “….!!

تبقى مشكلة معرفة أين تقيم “زينب “شقيقة سرحان وهي زنجية مثل أمها يغرم بها بغدادي فيتزوجها ويعود بها إلى بغداد بعد انتهاء عمله في ثانوية الزبير ..فهل سيؤثر وجود شقيقة سرحان على حياته وعلاقته بأهل زوجته عندما تظهر وهو يبحث عنها ؟!

وإلى أين تسير الحياة في العراق في ظل الحصار والتدخل الأمريكي بين الأحزاب المختلفة ؟!!

تاريخ حار وملتهب مثل صيفه ..هذا هو العراق !!

الجدير بالذكر أنّ الأديب عيسى إسماعيل له احد عشر كتاباً في القصة والرواية والتوثيق الأدبي  وهذه  الرواية هي الرابعة له بعد رواياته (رصاص في حمص القديمة )التي ترجمت إلى اللغة الروسية و(مدن ونساء )و(من أجل بيسان )الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب عام 2023 وصولاً إلى هذه الرواية (بستان فاطمة ) وهو عضو اتحاد الكتاب العرب –جمعية القصة والرواية

عبير منّون

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المزيد...
آخر الأخبار