الكتابة للأطفال: سهل ممتنع .. وعلى الكتَّاب محاكاة الخيال العلمي واحترام وعي الطفل لمفردات التقدم التقاني
طالب شاعر الطفولة برهان الشليل بضرورة الاهتمام بمعارض الكتب المخصصة للأطفال وضرورة توفير الكتاب الطفلي ذي الطبعات الأنيقة المحببة للأطفال والاهتمام بمضمون تلك الكتب, خاصة ما يتعلق منها بالسير الذاتية لشخصيات تراثية للتعريف ببطولات الأجداد ,وغيرها من المفاهيم الحضارية التي يراها الشاعر برهان الشليل ضرورية في سبيل الارتقاء بتربية أطفالنا عن طريق الادب الموجه لهم ,وذلك في محاضرة عن الطفولة في الأدب المعاصر في رابطة الخريجين الجامعيين وأكد على إقامة عروض سينمائية خاصة بالاطفال ,وكذلك تقديم المسرحيات الهادفة ذات المضامين التربوية ,و القصص والقصائد المخصصة للطفولة من أجل تنمية الحس التذوقي والجمالي لديهم عن طريق توفير ممارسة الفنون للأطفال من أجل خلق الابداع وصقل المواهب وذلك لأن الطفولة هي الحياة ورعايتها بالشكل الأمثل تخلق الحافز والابداع معاً,كما ذكر المحاضر الشليل أهمية تجربة دمج الاطفال ذوي الاحتياجات الخاصة مع أترابهم من التلاميذ وذلك في مدارس خاصة بذلك «مدارس الدمج» ترعاها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ووزارة التربية ومنظمة طلائع البعث ودورها الرائد في البحث عن المواهب الطفلية وصقلها بالتجربة والتقدير والتحفيز من خلال مسابقات رواد الطلائع وأضاف: المرحلة الطفلية هي من أهم المراحل في حياة الانسان لأنها مرحلة المحاكاة والتأثر بالوسط المحيط فالطفل يتعرض لوسائل إعلامية عديدة منها الاذاعة والتلفزيون والمسرح والمجلة والكتاب وغيرها من وسائل الصحافة التي تشكل رديفاً للكتاب من حيث النوعية كوسيلة إعلامية مقروءة تنتقل إلى الطفل عن طريق الكلمة بعكس الإذاعة والتلفاز, حيث الاتكاء على الصوت والصورة مما يضاعف أثرها على حياة الطفل من هنا اهتمت سورية بالانضمام لكل الاتفاقيات التي تتعلق بالطفولة احتراماً للأطفال عدة المستقبل نظراً لاهمية هذه المرحلة في حياة الانسان التالية.
شعراء الطفولة
وأسهب المحاضر في الحديث عن شعراء الطفولة ومنهم قطان بن المعلى صاحب الأبيات التي نحفظها عن ظهرقلب: وإنما أولادنا أكبادنا تمشي على الأرض /لو هبت الريح على بعضهم لامتنعت عيني عن الغمض .
كما يذكرنا المحاضر بأبيات بدوي الجبل التي تشكل نار قبس في تاريخ الشعر الطفلي فيقول: ويا رب من أجل الطفولة وحدها أفض بركات السلم شرقاً ومغربا/ وسيماً من الاطفال لولاه لم أخف على الشيب أن انأى وأن أتغربا.
ويبين الشاعرأهمية أبيات هند هارون في الثقافة الطفلية إذ تقول: رفيف الحب يا ولدي حنان الأم في الكبد /يرفرف في جوانحها كنغمة طائر غرد .كما يذكرنا بأبيات لشوقي بغدادي فيقول: هنا في فراغ القلب طاروا وحوموا فراشات حقل في عيوني تدوم /أراهم مدى عمري فكل قصيدة أغني قوافيها التي تشتهى هم.
كما يبين المحاضر أن مشاعر الطفولة لا تزال غضة بريئة صادقة لذلك فإن الكتابة لهم من أصعب انواع الكتابة لأنها تتطلب الخبرة والمعرفة في علم نفس الطفل وعوالمه الداخلية لأنها تعبّر عن الطفل وطريقة تفكيره ومحاكاته للأشياء من حوله .
لغة الكتابة للأطفال
كما اكد المحاضر أن الكاتب لا يستطيع أن يخاطب الطفل بلغة غير لغته,ولا يستطيع أن يستخدم مفردات ليست من قاموسه اللغوي وهناك مهام كثيرة داخل النص يجب على الكاتب أن ينفذها منها إطلاق الخيال,وخلق عنصر التشويق ليستمتع الطفل بالعمل,فمثلا القصيدة للأطفال يجب أن لا تكون غير موزونة ليتمكن الطفل من ترديدها ودندنتهاعلى مسامعه,وكذلك هناك اهمية كبرى لطرح أفكار جديدة.فطريقة مخاطبة الكبار تختلف تماماً عن طريقة مخاطبة الصغار ، فهناك لغة وأسلوب خاصان .
نقص في صحافة الطفل
لقد أصبح اطفالنا في الوقت الحاضر لا يقتنعون بالخيال المحض الذي كان موجوداً في القصص التراثية كقصص ألف ليلة وليلة وبساط الريح وغيرها الكثير لان الاكتشافات العلمية وعصر الاتصالات والاختراعات التقنية جعلت الطفل يتمتع بحالة من النضج الفكري,لذلك توجب على الكتاب الخوض في الخيال العلمي الذي يتنبأ بما سيحدث في المستقبل ليكونوا اكثر إقناعاً للطفل لأن الخيال المحض الموجود في قصص الجدات لم يعد يجذب الأطفال ,فهم بحاجة إلى ما يجذب طاقاتهم ويغني ذهنيتهم وبين أننا نعاني من نقص شديد في صحافة الطفل من حيث الاصدار والنوعية والمكتبات تعاني وتفتقر إلى الكتب التي تنمي القدرات الابتكارية والابداعية للطفل.
مشكلات أدب الأطفال
وأشار المحاضر أن أول تلك المشكلات هي الخلط بين أدب يتوجه للطفل أصلاً وبين أدب يدور حول الطفل وثقافته فالشعر الذي ينشر على أنه موجه للطفل غالباً ما يكون سطحياً ساذجاً فيه سذاجة, تدل على عدم معايشة الطفل وعدم الخبرة وكأن كاتبها كتب ما كتب من أجل الحصول على جائزة ما أو ضوء إعلامي .
و القصة الطفلية ليست بأفضل حال من الشعر ,فمازلنا نراوح بين أرنوب وثعلوب والشجرة الباكية والطير الجريح وقد حاول الكتاب أن يوصلوا هذه الشخصيات لعقل الطفل عن طريق حوار ساذج فبقيت قصة الطفل بعيدة عن الخيال العلمي الذي يفتح للطفل آفاقاً رحبة على التقانات والمعطيات الحضارية .
المسرحية الطفلية
وبين المحاضر برهان الشليل أن حال المسرحية الموجهة للطفل ليس بأفضل من الشعر والقصة,فهي مجرد تهريج لإضحاك الطفل,وأكد أن المسرحية الهادفة ضرورية لتنمية وعي الطفل واستشهد بمسرحية زنوبيا لعيسى أيوب ومسرحية الاطفال يزورون تدمر للشاعر سليمان العيسى وأشار المحاضر أن المسرح يحرر الطفل من مكبوتاته فالطفل عندما يتقمص شخصية ما أعجبته فإنه يقوم بأدوارها ويفعل مثلها فالمسرح الخاص بالأطفال ينمي موهبتهم ويذكي روح العمل والتعاون في نفوسهم .وأنهى المحاضر حديثه بأن لديه أملاً كبيراً بأن يرقى كتاب الاطفال لمفردات الزمن الحالي وأن يتطلعوا لمستقبل مشرق من ثورة المعلومات وانتصار العلم في مجال التقانات الإعلامية وأن يكتبوا فيما حل بالوطن من دمار وخراب وقتل على يد إرهاب ظلامي اغتال أفراحنا وأفراح اطفالنا لأن الاطفال هم من سيعمر البلد ويجب أن نكون جميعاً غرسة مفيدة للوطن خير ألف مرة من أن نكون غابة في منفى .
ميمونة العلي