الجرائم الالكترونية لا تعرف الحدود الجغرافية …التخفيـف من آثـارها عبر فهم دقيـق للهندسـة الاجتماعيـة
احتل التقدم في مجال المعلومات و الاتصالات جانباً كبيراً و مهماً في حياة الناس و تعاملاتهم فأصبح الحاسوب من أساسيات التعامل بين الأشخاص و الشركات والمؤسسات و ازداد التوجه لاستخدام شبكة المعلومات الالكترونية في الفترة الأخيرة بصفتها أداة اتصال دولية في مختلف مناحي الحياة موفرة بذلك الكثير من السرعة و المسافات و الجهد على الإنسان ..ولكن الاستخدام الكبير للأنظمة التكنولوجية قاد إلى الكثير من المشاكل و المخاطر و قدم أصنافاً من الجرائم لم تكن متداولة سابقاً سميت بالجرائم الالكترونية..
وبهدف التعريف بهذه الجرائم و التوعية أقيمت ندوة نوعية بعنوان (التخفيف من آثار الجرائم الالكترونية عبر فهم دقيق للهندسة الاجتماعية )تناولت عرضاً لأنواع الجرائم الالكترونية بالتعاون و التنسيق بين اللجنة النقابية في محافظة حمص و العدلية و كلية الهندسة المعلوماتية بجامعة البعث , و هي ندوة توعوية بعد التماس الخطر من خلال استخدام الأجهزة الذكية لتدارك الملاحظات السلبية التي من الممكن أن تسبب ضرراً للمستخدم..
كل شخص إما ضحية أو مرتكِب
و ذكر القاضي عبد القادر عنتر رئيس محكمة دائرة الجزاء الرابعة ومحكمة المعلوماتية و الاتصالات أنه و نتيجة التعامل اليومي مع وسائل التواصل الاجتماعي فكل شخص معرض لأن يكون إما ضحية أو مرتكباً لجريمة الكترونية ..
وأشار إلى أن المشرع السوري كان من السباقين على المستوى العربي في سن القوانين التي تحمي المواطنين ومن ضمنها القانون رقم 8 لعام 2012 و أشار إلى أنه توجد تسع جرائم مستحدثة بهذا القانون بالإضافة لسيادة هذا القانون الخاص على القانون العام في بعض المسائل و يطبق الحد الأعلى من العقوبة على الحد الأدنى, مشيراً إلى أن شكل الجريمة المعلوماتية في سورية اليوم مازال بأنواع انتهاك حرمة الحياة الخاصة و التعرض للآداب العامة و التحريض على ارتكاب الجريمة …
وتحدث عنتر عن زيادة الوعي عند الناس و الدليل وجود أكثر من دعوى و قضية بهذا الخصوص وأوضح أن نسبة الجريمة الالكترونية مازالت بحدودها الدنيا بسبب سوء الاستخدام للأجهزة الالكترونية..
كلها قابلة للاختراق !!
وذكر الدكتور محسن الحسين من كلية الهندسة المعلوماتية أن الندوة تناولت الحديث عن بعض الجرائم الالكترونية بشكل عام بسبب التقدم في الشبكة المعلوماتية و هي تقنية جديدة معرضة للمخاطر و بحاجة لتنظيمها بالقانون ,خاصة و أن كل الأجهزة الالكترونية قابلة للاختراق ..
وأضاف أنه و على مستوى العالم تشير الإحصائيات لحدوث جريمة الكترونية كل 39 ثانية , وأوضح أن 60% من عمليات الاحتيال تتم عبر أجهزة الجوال المحمولة..
من جهته أشار الدكتور ماهر سلامة من كلية الهندسة المعلوماتية إلى أن الندوة تناولت تعريفاً للجريمة الالكترونية وفق المشرع السوري , و تحدث عن بداية سن القوانين التي تعالج الجرائم الالكترونية منذ عام 2012, كما تناولت الندوة الحديث عن الهندسة الاجتماعية و كيفية استخدامها و التصرف مع أي حدث طارئ ..
لاتعرف الحدود
و خلال الندوة استعرض المحاضرون العديد من الأفكار و الإحصائيات حيث يقع هجوم القراصنة في جميع أنحاء العالم كل 39 ثانية و يحصل القراصنة سنوياً على ما يقارب 1,5 تريليون دولار من الجرائم الالكترونية التي يرتكبونها و تقدر الأضرار الناجمة عن جرائم الانترنت العالمية بـ 6 تريليون دولار سنوياً بحلول عام 2021 ..
علماً أن 60% من عمليات الاحتيال تمر عبر الأجهزة المحمولة و التي يتم إنشاء 80% منها من تطبيقات الأجهزة المحمولة ..
و تعرف الجرائم الالكترونية بأنها تلك التي لا تعرف الحدود الجغرافية و التي يتم ارتكابها بأداة هي الحاسوب الآلي عن طريق شبكة الانترنت بواسطة شخص على دراية فائقة , وعرّف المشرع السوري الجريمة المعلوماتية بأنها جريمة ترتكب باستخدام الأجهزة الحاسوبية أو تقع على المنظومات المعلوماتية أو الشبكة ..
تفرد بها
و في سورية تم إصدار قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية السوري رقم 17 لعام 2012 إذ تنبه المشرع السوري لظاهرة الجريمة المعلوماتية التي جاءت مسايرة للتقدم التقني و تفرد القانون السوري بإحداث ما يسمى النطاق السوري SY و جعل كافة الجرائم الواقعة ضمنه من اختصاص القضاء السوري حيث نص القانون في فصله الرابع على إحداث ضابطة عدلية تابعة لوزارة الداخلية مختصة باستقصاء الجرائم المعلوماتية و جمع أدلتها الرقمية و القبض على فاعليها وإحالتهم إلى المحاكم المختصة أصولاً على أن تستعين هذه الضابطة بخبراء دائمين أو مؤقتين من وزارة العدل و وزارة الدفاع و وزارة الاتصالات و التقانة لتنفيذ المهام الموكلة إليها
وتتميز الجريمة الالكترونية بصعوبة معرفة مرتكب الجريمة إلا باستخدام وسائل أمنية ذات تقنية عالية و صعوبة قياس الضرر المترتب عليها و سهولة الوقوع فيها و إخفاء و طمس معالم الجريمة و آثارها و هي عابرة للحدود لا تتقيد بمكان أو زمان محددين ..
و تسعى الدول و الحكومات بشكل جدي للحد من الجرائم الالكترونية و آثارها عبر طرق كثيرة منها فرض سياسات دولية و عقوبات كبيرة على مرتكبي هذه الجرائم و تفعيل أحدث التقنيات و الوسائل للكشف عن هوية مرتكبي الجرائم, و نشر التوعية في المجتمعات و إنشاء خطوط هاتفية و مؤسسات معينة للإبلاغ عن الحالات التي تتعرض لمثل هذا النوع من الجرائم , وتوجيه التشريعات و القوانين و تحديثها بما يتماشى مع التطورات التكنولوجية لفرض قوانين جديدة فيما يستجد من هذه الجرائم..
حنكة في الخداع
و عرف المحاضرون الهندسة الاجتماعية على أنها فن استخدام الحنكة و الحذاقة من قبل المهاجم لخداع الضحية بحيث تقوم بشكل إرادي و طوعي بكشف معلومات سرية أو بإعطاء المهاجم الفرصة للوصول للمعلومات السرية ..
وللحد من فعالية المخترقين أفراد ومجموعات يكفي استيعاب موضوع الهندسة الاجتماعية و العمل على تقليل مخاطر الوقوع ضحية للهندسة الاجتماعية و استيعاب موضوع البرمجيات الخبيثة و طرق الوقاية من الإصابة بها…
ومن أساليب الخداع في الهندسة الاجتماعية استغلال الشائعات و عواطف الضحية و موضوع الأمن الرقمي و استغلال التواجد الفيزيائي للمهاجم قريباً من الضحية .
و للوقاية من الوقوع ضحية للهندسة الاجتماعية يجب الحرص على الخصوصية و عدم نشر معلومات شخصية و تقليل التفاصيل الحقيقية المستخدمة في العالم الافتراضي, لأن المستخدِم لايعلم من يمكنه الاطلاع على البيانات الخاصة و إساءة استخدامها و إلى أي مدى تصل قدراته و مهاراته خاصة و أن العيون الالكترونية في كل مكان..
محمد بلول