التسول وطلب المساعدة بات مشهدا ً مألوفا ً في مدينتنا حمص والتي كانت توصف بـ”أم الفقير” إضافة إلى شهرة أبنائها بالكرم والإيثار والعمل الخيري ، واختصر عشق وحنين المغتربين إليها بأبيات للشاعر نسيب عريضة قال فيها :
” عد بي إلى حمص ولو حشو الكفن ، واهتف أتيت بعاثر مردود ، واجعل ضريحي من حجار سود ”
وهذه العبارات بدلالاتها العميقة تجسد قيمة مدينة حمص ، الحضارة ، التاريخ، التعايش ، المحبة ، إضافة إلى الطابع الخيري الذي تعتد به منذ عشرات السنين والذي جنب الفقراء إراقة ماء الوجه ومد اليد استعطافا ً وطلبا ً للمال ، فكان هناك جمعيات تعنى بالعمل الخيري كجمعية البر والخدمات الاجتماعية – مثلا ً – شكلت طوق نجاة لهذه الشريحة ومثلتهم واطلعت على ظروفهم وأحاطت بها وأوجدت الحلول المناسبة لها وأوصلت الحاجة إلى مستحقيها، وبفضل هذه الجمعيات كانت تعرف حمص بأنها المدينة التي تخلو من ظاهرة التسول ويتم فيها ملاحقة المتسولين وإحالتهم إلى الجمعيات لدراسة أوضاعهم والاطلاع على ظروفهم المعيشية
بالطبع ، الأوضاع الاقتصادية اختلفت وزاد الفقر والفاقة ، وبتنا نشاهد أطفالا ً بعمر الورود يستجدون عطف المارة لشراء علبه بسكويت أو علكة أو طلب نقود أو طعام والخطر على هؤلاء الأطفال ( الضحايا ) من الوقوع في براثن الاستغلال من قبل ضعاف النفوس، في ظل غياب الوعي والرعاية والتوجيه المناسب .
وهنا نتكلم عن التسول المبني على الفقر وضيق ذات اليد وليس عمن امتهن ثقافة التسول المبنية على الكسل والتواكل والحصول على المال بأقل جهد غير عابىء بكرامته أو نظرة المجتمع إليه ..
فالكثير من العائلات تحتاج لمد يد العون والمساعدة نتيجة ارتفاع تكاليف المعيشة والبطالة وعدم وجود دخل يدر كفاف يومها، فكم نحن بأمس الحاجة إلى تعزيز العمل الخيري وتوزيع المساعدات بالطبع – بعيدا ً عن الاستعراضات والكاميرات التي تجرح المشاعر وتهين الفقير بأسلوب غير حضاري ولاانساني ، الغاية منها إشهار المتصدق وذل الفقير ..
وندرك بأن التسول لم يكن يوما ً علاجا ً للفقر وانعكاساته النفسية تترجم لاحقا ً في الدخول إلى عالم السرقة والجريمة..فمزيد من الوعي والاهتمام المجتمعي والمؤسساتي جل مانحتاجه لاستدراك العواقب .
حلم شدود