الذكريات تفيض بي كفقاعات في بحر هائج… ذكريات تربطني فيها علاقة وطيدة بالعمة (أم منصور) رحمها الله التي كان لديها سجل نظيف من الطيبة والعفوية وحب الآخرين تنام قريرة العين وأنفاسها تدغدغ الدنيا لتضحك لها على الرغم من كونها تقود معارك ضارية من أجل لقمة العيش بأصابعها المجروحة، أعمال شاقة في السهول والجبال وبين الحقول ومشاغل البيت وتربية الأبناء ، لا تجيد القراءة والكتابة لكنها متابعة جيدة للسياسة ،في بعض الأحيان كانت الذاكرة لا تسعفها في تذكر الأسماء أو ربما يكون الخبر ضبابيا أو معتما لتهرع إلي مستنجدة كوني بنظرها المثقفة التي لا يخفاها شيء من سياسة واقتصاد وأخبار أخرى متنوعة عندما تبدأ الحديث تقول مثلا(زار سورية فلان واستقبله المسؤول الفلاني ) تريد أن تعرف من زار من ، لأرد عليها أمسكيني طرف الخيط يا عمة و أعطني جملة مفيدة..وكأن صدمتها كانت كبيرة إذ تمني نفسها بجواب شاف يناسب درجة تعليمي. ترد علي بعفوية (أنت الجامعية ولا تعرفين،،) ؟ فتحولت تلك المحادثة عندي إلى موضوع خصب للتندر والآن مرت علينا تطورات جديدة ودخلت إلينا التكنولوجيا بشكل مفاجئ فزمننا هذا زمن النت أصبحنا فيه شبه أميين، محونا أميتنا مؤخرا لكننا مازلنا نلوذ بصغار السن لفك طلاسم النت والكمبيوتر المستعصية فهؤلاء الآن لا يفوتهم شيئا. وبات كبار السن الذين انصرفوا عن وسائل التواصل واهتموا بالأمور المعيشية الصعبة موضوعا للتندر فالزمن يعيد نفسه هي مفارقات بين زمنين وربما يتكاثر زمن النوادر، وتظهر مستجدات على الساحة تثير السخرية من جيل اليوم الذي سيصبح هو الآخر أميا في نهاية المطاف.
عفاف حلاس