تردد مصطلح التضخم بكثرة في الأوساط الاقتصادية مؤخراً و هو المصطلح الذي انقسم الاقتصاديون حول تعريفه لوصفه حالات مختلفة مثل المستوى المفرط في المستوى العام للأسعار ,أو تضخم الدخل النقدي ,أو على أنه عنصر من عناصر الدخل النقدي مثل الأجور في الأرباح وارتفاع التكاليف أو الإفراط في خلق الأرصدة النقدية ..
و في هذا السياق قال الدكتور شفيق حسين الباحث الاقتصادي أنه ليس من الضروري أن تتحرك هذه الظواهر المختلفة في اتجاه واحد و في وقت واحد ,بمعنى أنه من الممكن أن يحدث ارتفاع في الأسعار دون أن يصاحبه ارتفاع في الدخل النقدي كما أنه من الممكن أن يحدث ارتفاع في التكاليف دون أن يصاحبه ارتفاع في الأرباح, و من المحتمل أن يحدث إفراط في رأس المال دون أن يصاحبه ارتفاع في الأسعار أو الدخول النقدية….
و بعبارة أخرى فإن الظواهر المختلفة التي يمكن أن يطلق عليها التضخم كل منها مستقلة عن غيرها إلى حد ما ,وهذا الاستقلال الذي هو ارتفاع تصاعدي ومستمر لمستوى الأسعار نتيجة لانخفاض قيمة النقود …
وأضاف: لايوجد سبب واحد فقط للتضخم ومن ذلك حالة جذب الطلب أي ترتفع نفقات الصناعة و خصوصاً في بند الأجور فترتفع الأسعار , وذلك عندما يوضع ضمن الأسباب المؤدية للتضخم بعض العوامل الخارجية مثل ارتفاع المواد الأولية المحلية ..
و الأمر الذي لايختلف عليه اثنان أن الحرب على سورية هي أبرز أسباب المشاكل الاقتصادية, حيث ارتفع معدل التضخم نسبة 27% بين شهري أيار و حزيران هذا العام وفق بيانات رسمية حديثة, و سجل معدل التضخم لشهر حزيران ارتفاعاً بنسبة 660% بينما وصل 521% خلال شهر أيار الماضي
و اعتبر حسين أن ازدياد التضخم بنسبة 27% خلال شهر واحد هو مؤشر لسوء ضبط الأسواق و الأسعار و المحافظة على مستوى معيشة المواطن و ذلك نظراً للحال الذي وصلت إليه, موضحاً بأنه لايمكن امتصاص التضخم في الوقت الراهن بأي حال من الأحوال و إنما يمكن تخفيضه من خلال زيادة العرض و عقلنة الطلب من جديد..
و أضاف:إن الحديث عن تقلبات سعر صرف الدولار كسبب للتضخم هو مجرد شماعة لتعليق مشاكلنا عليها حيث أن ارتفاع سعر الصرف أثر فقط عند ارتفاعه فقام التجار برفع أسعار المواد و السلع على هواهم و لكن عندما انخفض لم نشهد أي تخفيض للأسعار, و هذا دليل على ضعف السياسات المالية و النقدية و الاقتصادية ..
و أشار حسين إلى أنه وفق هذه المعدلات يمكن أخذ نسبة وسطية بحوالي 3% شهرياً و بمعدل تراكمي للنصف الثاني من العام 2020 سيكون لدينا زيادة في التضخم بمعدل 30% وصولاً لبداية العام و توقع حسين أن ترتفع الأسعار بحوالي 50% خلال العام الحالي و ذلك استناداً للسلة الزمنية التي رافقتنا حتى الآن و على رصد و متابعة حالة الأسواق و الارتفاعات المتتالية فيها فهناك سلع ارتفعت أسعارها مؤخراً بنسبة 16% …
و أكد أن التفكير بربط الأجور والرواتب بمعدل التضخم كحل للمشكلة هو أمر يستحيل تطبيقه واقعياً ,وذلك لأن التضخم لايرتبط بالرواتب و الأجور فقط فالنفقات لاتحصر بسلة المستهلك فقط ..
وأشار إلى أن أحد الحلول الممكنة يكون بضبط الأسعار وتشجيع الإنتاج المحلي فلو كان هناك إنتاج لكنا استغنينا عن جانب كبير من المستوردات ومن الطلب على العملة الصعبة و لما اضطررنا لإقامة مزادات لبيع الدولار لأن رفع الأجور و الرواتب يعني تحريضاً مؤقتاً للطلب على السلع فحسب ومن ثم الوقوع في حلقة مفرغة من التضخم ..
و أضاف: من المعلوم أن زيادة الأجور و الرواتب هي أسهل حل لأي مشكلة اقتصادية و لكنها واقعياً حل غير مجد على المدى الطويل و لذلك رأينا عدم نجاح ذلك خلال السنوات الماضية من خلال تحريك أسعار المشتقات النفطية صعوداً و تعويض الموظفين بمبالغ بسيطة كتعويض معيشي في الرواتب و الأجور , و على الصعيد العملي – و برأي الحسين – أثبتت هذه التجربة فشلها ..موضحاً أن الحل الاقتصادي جاء على لسان دراسة اقتصادية حديثة لجمعية العلوم الاقتصادية و التي خلصت إلى أن العلاج الحقيقي للتضخم يكون من خلال اعتماد سياسة مالية و نقدية تقشفية تقوم على الحد من عرض النقود في السوق ..وإتباع أساليب و أفكار خلاقة تمكن الاقتصاد من النهوض مجدداً مستفيدين من تجارب الدول الصديقة و دول الجوار للخروج من المأزق بأقل الخسارات الممكنة و تلافي اختناقات جديدة ..
علي عباس